مقتطفات الجمعة 301

سنة النشر : 20/09/2013 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 301 .
 
حافز الجمعة: أهدي مقالي هذا مع إعجاب وتقديرٍ شديدين إلى عشرات آلاف المتطوعين، الذين يهبون وقتهم وجهدهم وبنات أفكارهم وحتى عواطفهم ليجعلونا نحقق أحلامنا. إنهم محققو الأحلام.
 
وعندما نتكلم عن الشباب والتطوع فإني أربطهما بمعنى واحد وهو الرحلة للمستقبل. هذه أمّة لا بد أن تخصص أدواتها وعقول شبابها وخططها لرحلة المستقبل .. المستقبل مجرد وقت بلا لون ولا رائحة ولا ماهيّة .. نحن من نشكل مستقبلنا من منصة اللحظة الحاضرة، وإلا فإنها أيام ستأتينا لا محالة إن بقينا ندير تروس الأمة وكأن الأمور بحالها ستسير قدما. علينا أن نعرف حقيقة مهمة لا مراء فيها وهي أننا إن تركنا الأمور تسير على حالها، فهي ستسير صحيحا ولكن القهقرى، إلى الخلف.
 
ولما نتكلم عن المستقبل فإننا نعني حياة كلٍّ منا، وحياة أجيال قادمة هم أيضا مِنَّا. وأنا لا أقصد مجرد حياة، بل جودة حياة، أن تعيش الأجيالُ القادمة وحولنا كل مقومات الحياة وفرة من الماء إلى آخر ما تنتجه العقول البشرية من ابتكارات. ما زال المستقبل مبهما لنا .. ما زلنا نتصور أن المستقبل يأتي من حاله ونحن في حالنا، ليت الأمر كذلك .. ستأتينا سنواتٌ كالأمواج الكاسحة إما أن نتسلَّقها ونسخرها لحركتنا وهذا يتطلب إعدادا واستعدادا وتدريبا وتعليما واستخدام الأدوات المناسبة، ويسبق كل ذلك أمران: نية جادة لرحلة المستقبل من منصة اللحظة الحاضرة. والثاني وضع الخطة الاستشرافية في تعزيز الحاجات الحاضرة للحياة، وما نحتاج إليه وهو ليس عندنا لتستمر وتتقدم الحياة. ثم علينا أن نبدأ .. الآن.
 
شخصية الأسبوع : الدكتور خالد بن محمد السليمان وهو نائب رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، رجل أعد حقيبته للمستقبل، وأعد فرقا من الشباب للمستقبل .. وضح لي الدكتور خالد معنى البدائل في الطاقة ومدى الحاجة إليها، وكيفية العمل عليها الآن من "منصة اللحظة"، وشرح لي رؤية واسعة ليس في منطوق العلم المتخصص فقط، بل تعرض لكل العوامل الكبرى التي تتعلق بطبيعة مجتمعنا، لأننا نحتاج إلى بيئةٍ من الناس والإجراءات وتعظيم المنافع الاقتصادية وشراكة حقيقية مع كل قطاعات البلاد كي تنجح المشاريع المستدامة للطاقة. ولقد رأيتُ صديقي الدكتور خالد عبقريا، ويرى نفسه منطلقا ببساطة وكأنه يتحدث حديثا يوميا عارضا. الدكتور خالد السليمان يطمئنك بأن هناك عقولا في مستوى العلماء العصريين الكبار. في الطاقات البديلة مخاطر، وأن يتسلمها سعوديون يشعرون بناسهم ويعرفون التحكم في أخطار الطاقة الجديدة، ويقيسون مدى صلاحية التقنيات المستوردة بمعرفة علمية في مستويات المعدلات العالمية الرفيعة أصلح من أن يتسلمها أجانب ليس مطلوبا منهم القلق علينا .. الدكتور خالد، يرفع عنا ما نظنه كوابيس الأخطار القادمة خصوصا في الطاقة الذرية .. ورأيت الدكتور خالد مستعدا لشرح كل شيء وبصراحة ويحاول أن يدسها في رأسي دسّا كي يقتنع أني فهمتها .. وربما علم الدكتور مدى تحفظي وتخوفي من الطاقة الذرية، وبذكاء جعل هذا يبدو طبيعيا بأجندة النقاش.
 
مثال 1 - مشكاة: "مشكاة" هي نافذة مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، إنها معرض تقدمي ومتقدم معه تجول به وتصدق فعلا أنك رحلتَ للمستقبل، كل شيء فيه بالتقنية المتقدمة وجديدة حيث إن الزائرين -وهم عادة الصغار تلاميذ المدارس- لا يحتاجون إلى دليل معهم لأنه جو تفاعلي كامل .. بل تتحاور التقنية مع الزائر وتتطلب منه رأيه وانطباعاته فيشعر بأنه مشارك في هذه النقلة العظيمة التي أدعو الله أن تستمر، فتعزز من شخصيته ومن تعلقه أيضا بوطنه، وحرصه بأن يكون مواطنا مستقبليا. يقود "مشكاة" شبابٌ من الفتيات والفتيان اللامعين لا يتعدون الـ 27 عاما كما أفهمني الشاب النابه المسؤول عن "مشكاة" المهندس "عمرو مدني". زوروهم رجاء.
 
مثال 2 - برنامج الإعلام التطوعي: إنه برنامجٌ يخلق ميديا إعلامية خاصة وعصرية مقصورة وبسعةٍ على العمل والبرامج والأفكار والمنتجات التطوعية. من خلال الميديا التطوعية سنتعرف على أفكار كبيرة لم تكن لتصلنا من قبل، وعلى أعمال مترامية في أطراف البلاد الشاسعة لم نكن لندركها من قبل .. وأرشفة للأعمال والمؤسسات والأفراد التي تتعلق بالتطوع، بل وستساهم في دفع الصحف بالاقتداء بمرونتها. أسسها شبابٌ يريدون أن يقودونا للمستقبل .. وأرجو لهم الجدية في الاستمرار. تعاونوا معهم رجاء.
 
مثال 3- منتدى الغد: إن منتدى الغد واحد من أهم ما نحتاج إليه من ملتقيات، ويعمل القائمون على المنتدى أن يخلصوه من شدّ الحاضر، ليكون تطلعهم فقط للمستقبل، كما اسمه الجميل "الغد" وهم يعملون الآن لرسم شخصية محددة وهيكلية للمنتدى ليكون اكتمالا للمنظومة المستقبلية "منصة اللحظة الحاضرة" التي أشرت إليها. المنصة التي تنطلق منها معرفة تطلعات وإنجازات المستقبليين في الأمة مثل مشاريع الطاقة المتجددة، وخطط الرؤية لما نتوقع أن يداهمنا في المستقبل، والمشاريع الجديدة مثل الإعلام التطوعي، والمخترعات التي تستحق أن نطلق عليها مخترعات مستقبلية .. وبحوث مستقبلية صرفة ربما عن طريق أكاديميين متخصصين في المستقبل أو طاولات عمل تخطط لذلك .. لا شيء من الماضي ولا من الواقع الآني .. بل منصة انطلاق للمستقبل.
 
والمهم: المستقبلُ مجرد زمنٍ نصل إليه .. والمهم، ما هي الحال التي سنصل بها إليه؟