مقتطفات الجمعة 284

سنة النشر : 18/01/2013 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 284 .
 
حافز الجمعة: متى يكون الإنسانُ مدركا أهميته في الحياة؟ عندما يعلم أن الوجودَ الكامل يسبق حضوره في هذه الحياة، ويستمر بعدها. إن أراد أن يبقى بتيار الوجود، عليه أن يقوم بعمل يبقيه في ذاكرته.. وإلا تلاشى بعد حياته.
 
مرّ على المنطقة الشرقية حكامٌ إداريون.. ويأتي الآن الأمير ''سعود بن نايف بن عبد العزيز''، وسبق أن كان بها، وأحبّها، وأحسن التعامل مع أهلها ورموزها الطيفية في مجتمعها الواسع. المنطقة الشرقية هي جوهرة البلاد اقتصاديا، والحجاز جوهرته الدينية، وتبقى المناطق الوسطى والشمالية والجنوبية جواهر العمق. للمنطقة الشرقية وضعٌ خاصّ في العالم وليس إقليميا فقط، فهي ضمن سلسلة المناطق الواقعة على الخليج العربي الذي قال عنه قيصرُ روسيا: إنه شريان قلب العالم الدافئ، يوم كان الخليجُ خالياً من كل شيء سوى الماء.. إلا أن القيصرَ كان يعني موقعا لو وصلت له روسيا لدخلت وتحكمت بقلب العالم من شريانه الأهم. وقال عنه ''ماكنمارا'' استراتيجي اللوجستيا: ''إنك عندما تقبض على الخليج، ستمسك العالم من خاصرته.. وتبدأ الرقص. وتشرشل لم يترك حيلة ليتسيد وحيدا الخليج عبر تحالفات سبقته واستمرت معه وبقيت بعده متنوعة من باكستان إلى تركيا عبر بغداد، وإلى مناداته بإحياء ''الشرق الأدني'' الكبير بدلا عن الشرق الأوسط - وعلى فكرة حدود الشرق الأوسط بكتاب وثائقي جديد اسمه ''خلْق الشرق الأوسط''The creation of the Middle East ، تبين أن حدوده الحالية من غلطةٍ من موظف إرشيف بوزارة الخارجية للإمبراطورية البريطانية! والألمان لهم دورٌ كبير بمنطقتنا لم نكشفه ونتعرف عليه. ووضع ''كيسنجر'' أصبعه الغليظ على الخريطة، مشيرا للخليج، ورفع عينيه من وراء نظارته سميكة العدستين، وقال لريتشارد نيكسون رئيس الولايات المتحدة: ''هنا.. فقط هنا!''.
 
إن مَن سيدير المنطقة الشرقية سيدير منطقة من أهم مناطق العالم، وتأكدوا، أن كل العالم سيترقب فارس المنطقة الجديد، وسيقرأ ويتعرف على كل شيء عنه، لأن هذه المنطقة رغبنا أم لم نرغب هي في عين العالم. أتفاءل بأن الأمير سعودا الذي عَرَف من تنقلاته اللعبةَ السياسية الاستراتيجية، وأقصد من ناحيتها الاقتصادية بالتحديد، مدى أهمية المنطقة في الميزان الاقتصادي الدولي، ويؤمن بأن وجود المنطقة الشرقية سابق لقدومه، وسيستمر مع وجوده، وسيبقى عندما يترجّل من المكان، وسيبقى عمله محمولا طافيا في تيار وجود المنطقة من بعده.. والأميرُ صاحبُ عقلٍ حصيف، وسيعمل كما نرجو، لكي تكون أعمالُه التي ستطفو من بعده على تيار الوجود، لامعةً، منيرةً، وبرّاقة.
 
عالم يعجُّ بالأشرار: عجيبٌ هذا التنافس، التنافس على الشر. هل تتصورون أن هناك غيرةً بين سفاحي الشعوب على مسابقة من ذبح أكثر في حروبه على شعب مسكين أعزل؟ هناك سفَّاح جماعي إفريقي أوغندي مشهور اسمه ''جوزيف كوني'' اشتهر عنه أنه يدرب أطفالا على الوحشية الفظيعة التي لا يمكن تصورها، ثم يقود جيش الأطفال لمذابح ترتعش منها أعصاب أعتى المجرمين.. يبدو أنه غار من أن العالم يلتفت إلى مذابح سورية، فخرج فيلمٌ عن فظائعه على الـ ''يوتيوب'' ومدته نصف ساعة كاملة - أحذّر أي شخص بقلب وضمير من أن يشاهده. الغريب، أن أكثر من 100 مليون مشاهد عبر العالم رأوه.. ويعلق كاتب جريدة ''التايم'' الأمريكية: ''حسبتُ أن هذا العددَ المهول من الناس الطيبين العاديين سيغيرون العالم بعد مشاهدتهم الفيلم. إلا أن.. العالمَ بقي على حاله! ''جوزيف كوني'' جرّمته محكمة ''لاهاي'' بالإجرامِ ضد الإنسانية، وما زال حرا طليقا يذبح، وربما يفتح حسابا بالـ ''تويتر''.. ويصوّر الأفلام!
 
سؤال الجمعة: من هذا الشخص الأسمر النحيل قبل 27 عاما الذي يقود سيارة هوندا صغيرة ''مشخلعة'' اشتراها بالأقساط بألفي دولار، متجها إلى واشنطن، يبحث عن مستقبل بعد حياة عائلية ممزقة وفقدان الأب والأم، وربته جدته؟ صح، باراك أوباما. فلنقل عن أمريكا: إنها كل شر العالم، ولكن لا ننسى أنها دولة العدل لكل فرد في أقصاه.. من هوندا بائسة إلى أكبر وظيفة فيها على الإطلاق، ويتنقل، بعد تلك الهوندا المفككة، في أغلى طائرة خاصة بالعالم!
 
الفتاة الجريحة في العناية المركزية بمستشفى في برمنجهام البريطانية ذات الـ 16 ربيعا، كادت تتفوق على باراك أوباما لتتربع صورتها على مجلة ''التايم'' كشخصية عام 2012. إنها الفتاة التي كل ما طالبت به فقط أن تتعلم، وكان متربصو التخلف من طالبان باسم العادات والخرافة ولا يمكن باسم الدين لها بالمرصاد.. الإسلام وجهنا فيه نبينا العظيم لأمنا عائشة كمعلمة للأمة، بينما نصف سكان باكستان المسلمة من الإناث أميات، خصوصا الصغيرات. الآن ''مالالا يوسف زاي'' صارت رمزا لأطفال العالم لحصولهم على حق التعليم. أشهرها المسلحون الذين صعدوا لحافلتها المدرسية وأطلقوا رصاصة مباشرة على دماغها.. رصاصة الشهرة!
 
في أمان الله.‏‏