مقتطفات الجمعة 282

سنة النشر : 14/12/2012 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 282 .
 
حافز الجمعة: من رسائلنا بالحياة: إني لست وحدي، وأنت لست وحدك.. نحن دوما معا.. وإلا لما اكتملنا ولا كُنا.
 
أنت وأنا واحد ولسنا اثنين منفصلين.. رسالتنا في الحياة المشاركة، لا يمكن أن أقوم بعمل كامل وحدي، ولا يمكنك أن تقوم بعمل كامل وحدك.. الشراكة هي الأصل لا التفرد. كلنا نعملها لأنها مساق ومجرى الحياة، بعضنا ينتبه لها فيركز عليها، وبعضنا يسير ولا يلاحظ أن الذي يساعده على المسير أعمال مشتركة لأناس آخرين. إن العاملين الاجتماعيين أكثر تنبها لرسالة المشاركة حبا في نفع المجتمع، ولأنهم يعلمون أنها مشاركة ستصب في النهاية في غدير جمعي يستفيد منه الجميع، أولهم من بادر بالعمل. نحن لسنا منفصلين.. حتى إن أردت أنا، حتى إن أردت أنت.
 
رأي الجمعة: وجدت الناسَ ينجذبون لأصحاب الأعمال أكثر من الأعمال ذاتها، لأن الناس يرون بعضهم، ويعرفون كيف تكون هيئتهم وطباعهم وسلوكهم، لذا تنجح مسلسلات الواقع أكثر من أشهر الأفلام، إنه تولع البشري بحياة بشري آخر أو بشر آخرين. الأعمال صفة جامدة بلا شعور ولا هيئة فلا يتعامل الإنسان معها إلا بنفعها ويبقى الشخصُ المركز الأول للاهتمام. لذا تشتهر الأسماء العاملة وتبقى، لأنهم هم من نستطيع أن نعجب بهم ونحبهم ونودّ أن نكون مثلهم، أو أحسن منهم. لذا كانت الفكرة وراء ''شخصية الجمعة''.
 
شخصية الجمعة: الدكتورة سعاد يماني سبق أن تحدثت عنها هنا، رئيسة جمعية فرط الحركة وتشتت الانتباه (أفتا). اليوم تأتي يماني مثلا لما قلناه في المقتطف السابق. بادرت بوعي كامل للمشاركة الحتمية بين الناس، وحبا للمجتمع بإنشاء الجمعية التي وصل صداها للعالم الطبي والاجتماعي. هي رأت كيف تنتشر ظاهرة السلوك المفرط في أطفالنا، بوعي علميّ منا نصنع منهم أبطالا، لأن طبيعة المصاب مندفعة للبطولة، أو يتجه للشر والجريمة طلبا للشيء نفسه من الطرف السلبي، إن لم يكن لدينا وعي في التعامل معهم. ومن ناحية الإعجاب بالشخص.. غابت الدكتورة يماني شهورا - شفاها الله - لمرضٍ عارض، ولم تتوقف الجمعية بل سارت على ممراتها وكأن هناك قضباناً خفية، يسير عليها قطارٌ هادرٌ خَفِي.
 
كيف؟ الفتيات العاملات مع الدكتورة رأين فيها اقتداء، وتعلقن بها إعجابا، وسرن على خطوات طريقها، وصارت كل منهن نسخة من قدوتها الكبيرة ''سعاد يماني''.. بل تعدينها حماسة. أعطيكم دليلا على تلك الحماسة؛ لما دعتني الجمعية مع أخي الدكتور ''نواف الفغم'' عضو مجلس الشورى، تابعت معنا الشابة ''نورة خواجي'' للتأكيد على حضورنا في قاعة ''نوفا''، وسألناها الموقع وقالت ستصفه ونحن قادمون.. ثم اكتشفنا شيئا خبأته عنا، ربما لو علمنا عنه لترددنا في المجيء، وهي تعلم ذلك.. هه! كانت ''نوفا'' تبعد 100 كم عن الرياض!
 
إن التعلقَ بالعمل التطوعي الاجتماعي يكون عند المخلصين بأهمية العمل الاسترزاقي أو أكثر أحيانا، وبما أننا نتكلم عن الدكتورة يماني، فقد نصحها الأطباءُ أن توقف عملها بجمعية ''أفتا''، الذي يستهلك طاقتها، كي تتحسن بشكل عام.. أجابت بلهجة أهل مكة: ''شوفوا إنتو، لو تحطوا في فمي أنابيب التنفس والله لأتابع شغلي، أنا وأنابيبي!'' طبعا.. زادت جرعة نشاطها في العمل!
 
كتاب الجمعة: لماذا تتفوق أممٌ في اقتصادها ومرافق فكرها وحضارتها ومدنيتها، وتتعثر دول أخرى؟ لمَ تقدمت أوروبا الغربية أكثر من الشرقية؟ لم تقدمتْ كوريا الجنوبية أكثر من الشمالية؟ لمَ تقدمت اليابان أكثر من الفلبين؟ لم تقدمت الصين وهي شيوعية الآن بحزب حاكم واحد، ولم تتقدم وهي شيوعية بحزب حاكم واحد في عصر ''ماو تسي تونج''؟ ثم شيء غريب لم إفريقيا كلها لا تنتج الكوكايين، بينما أمريكا الجنوبية كلها تقريبا تنتجه؟ إذن إنها ليست الديمقراطية ولا الجغرافيا ولا المؤسسة السياسية.. إنها شيء آخر: القرار الصحيح. كل هذا وبأمثال واقعية مدهشة من بلدان متعددة بكتابٍ يحمل فائدة متجددة ومثيرة للتفكير والتساؤل، عنوانه: ''اقتصاد زائف''False Economy للمؤرخ والاقتصادي المصرفي البريطاني ''ألان بيتّي''.
 
والمهم: أنت وأنا مرتبطان بالآخرين بسلسلة لا تُرى ولكن أقوى من أي سلسلة ترى وتُحَس. هي العُرى التي تربط المصيرَ البشري. عندما يضرب الزلزالُ اليابان فهو لا يصيب اليابانيين وحدهم ويتعدى بأكثر من ممرٍّ إلينا، لذا يجب أن تذهب الإنسانية لليابان في الزلازل.. عندما يُحرق الناسُ في سورية وغزة، فيجب إذن على الإنسانية أن تذهب هناك.
 
في أمان الله.