مقتطفات الجمعة 274
سنة النشر : 05/10/2012
الصحيفة : الاقتصادية
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 274 .
حافز الجمعة: ''لا ينبغي أن يكون على إمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه، ولا الخائف فيتخذ قوما دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق''. علي بن أبي طالب -رضي الله عنه.
يحتفل العالم السياسي بكتاب ''الأمير'' الذي وضعه ميكافيللي الإيطالي قبل قرون، وبعضهم يعتبره كتابا للشر، وبعضهم يراه كتابا للبراجماتية والواقعية.. إلا أن أعظم من كتب في السياسة، وبالتحديد في صفات ''الأمير'' هو علي بن أبي طالب ـــ رضي الله عنه ــــ. فهو يرى أن الأمير الذي يتولى أمرا مسؤولا يشمل الناس ينبغي أن يتحلى بصفات منها: أن يكون متعلما فهو يقول: ''أشرف الأشياء العلم''، ويقول: ''إن العلمَ خير من المال''، وهو من قال قولا أعتبره الأعظم في مسألتي المال والعلم: ''العلمُ يحرسك، وأنت تحرس المال''. ويريد الإمام علي ''الأميرَ'' أن يكون ''كريما''، وانظر حكمته بمعنى ونتيجة صفة الكرم:'' أي قائما بما عنده (يعني قانعا بما عنده)'' ونتيجتها أن يكون زاهدا في أموال الآخرين والناس والمال العام. ويريد ''الوصل'' صفة للمسؤول، لأن استمرار التواصل بين المسؤول والمسؤول عنهم يكون الأول على علم بمطالب واحتياجات الطرف الثاني، ويعرف الطرف الثاني سياسات وصفات الأول. ويجعل ''النزاهة'' واحدة من الصفات اللازمة للمسؤول، وأولها الابتعاد عن الرشوة، لأنها تضيع حقوق العامة والمجتمع، كما أنها ستدعم شرعية منصبه. كما يضيف صفة ''الهيبة'' بأن يكون المسؤول قوي الشخصية مهيب الجانب في مواجهة الدول الأخرى، لأن ذلك يكسب دولته سموا في المكانة ويجعلها حرة في تحديد سلوكها الخارجي، ويضيف إلى صفات المسؤول التحلي بمبدأ ''العدالة'' كركيزة للحكم، و''الشورى'' الحقيقية، فهو يقول: ''لا صواب مع ترك المشورة''.
في برنامج ''الثامنة مع داود''، كانت المفاجأة أن تظهر العاملة التي قضت متعمدة على الطفلة البريئة تالا.. وأعجبني ما قاله السيد ''وليد السويدان'' المشارك في البرنامج: ''علينا أن نقيم الحاضنات في المدارس ومقار الأعمال فهي كفيلة ــــ بإذن الله ــــ بحفظ أطفالنا، و''تشغيل بناتنا''. وكانت جملته حلا وحكمة وصوابا ورؤية في كلمات قليلة، وتعجب أن الجملة المنطقية جدا، والمفيدة جدا، والصالحة جدا بكل أوجهها ينطقها رجل في معرض حديث ونقاش، وتغيب عن كامل الجهات المسؤولة، مع تكرر الشكوى من الأمهات العاملات والمعلمات باضطرارهن كارهات خائفات إلى ترك فلذات أكبادهن مع غريبات لا يعرفن عنهم شيئا أبدا، ولا يهم الغريبةَ الطفلُ أو الطفلةُ في شيءٍ أبدا، بل على العكس تستثير في نفوس العاملات الجاهلات سوداوية وغيرة معروفة في المنطق النفساني بإسقاط المنافع العكسي.. أي وكأن العاملة تقول: ''أترك أطفالي وأهجرهم مدة طويلة من أجل هذه الطفلة..'' وهنا يتولد الكرهُ وينمو كحالةٍ نفسية لا تسيطر عليها العاملة، ويكون السؤال فقط: متى تنفجر القنبلة؟ الآن لم يعد مقبولا أن لا يعكف المسؤولون وهي ''أمانة'' في رقابهم أن يعمموا الحاضنات في المدارس ومقار الأعمال ليس كخيار، وإنما كشرط رئيس يكتمل به مكان عمل المرأة، وهي فرصة تترجاها الجهاتُ المسؤولة عن البطالة لتوظيف آلاف العاملات.. من بناتنا.
وما ورد في المقتطف السابق يجعلني أقترح على بناتنا الجالسات في بيوتهن وفي الأحياء بعد أن أنهين دراستهن ولم يجدن الأعمال والوظائف، أن ينسقن مع بعضهن أو فرادى لإنشاء حاضنات في الأحياء أو حتى في بيوتهن وبتراخيص رسمية لا تتأخر.. الأم التي تسلم طفلها لبنت وأسرة تعرفها في الحي ومن جلدتها ستذهب مطمئنة إلى عملها وستعطي بلا قلق ولا وجل. وسيفتح هذا بابا من الرزق القابل للتطور والابتداع والابتكار مع الزمن لعشرات الآلاف من البنات، لأنهن يقُدن أعمالهن الصغيرة بأنفسهن.. مع نفع يقدمنه للمجتمع سيشكرهن عليه على الدوام.
والمهم: يجب ألا يذهب إزهاق روح طفلتنا ''تالا'' عبثا، ويصير خبرا تذروه رياح الزمن والنسيان. بل يجب أن يكون نفيرا ونذيرا يطلق تحذيراته داخل كل عائلة بأن أطفالنا ليسوا في أمان مع غريب، مهما كانت طيبة الغريب، فهو بشر تنتابه مشاعر تقوده للشر حتى ولو لم يرد، حتى نحن لو أبعدنا عن أطفالنا، إن لم تجد الأمُ العاملة مكانا أمينا ''كالحاضنات الرسمية أو النساء المعروفات في الحي''، فلتبقَ الأم ـــ إن استطاعت ــــ في بيتها.. إن حياة طفلة كتالا أثمن من كل وظائف الدنيا!
في أمان الله،،،،