مقتطفات الجمعة 265

سنة النشر : 06/07/2012 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 265 .
 
حافز الجمعة: لو أن الحياة خلت من الدراما والمفاجآت لكانت مملة ومسحوبة الطعم. المفاجآت والانعطافات الحادة والتغير غير المتوقع تعطي جمال إثارتها وتصقل النفسَ لامتحان القوة والثقة ومواجهة التحدي الجديد. 
 
رأي الأسبوع: تاريخ الإنسانية رسمه السلاح والحرب والدم أكثر من فترات السلام، واللافت أن عقولاً ذكية طورت السلاح من القوس إلى الصاروخ المحمل بالرؤوس الهيدروجينية.. وينبع السؤال الذي كثيرًا ما أقلقني: هل العلماء أشرار؟ هل يجتمع التنسك والانقطاع للبحث العملي مع الشهوة للدم والنار؟ كنت صبيًّا لما قرأت كتابًا عن مدينة "هيروشيما" التي تلقت أول سلاح الأكثر رعبًا في ترسانة أسلحة التاريخ، كان الكتاب عنوانه "هيروشيما" وقرأته بمخيلةٍ تعظّم المكتوب، والكتاب فظيع التصوير. حقدت على مشروع "منهاتن" وهو المشروع الذي قررت فيه الولايات المتحدة أن يظهر فيه السلاح النهائي: القنبلة الذرية. وكرَهتُ العالِمَ القائم على المشروع "روبرت أوبنهايمر" ورأيته شيطان العلم.
 
الحكم قبل نضج الأدلة: كان رأيي في عالم الفيزياء الأمريكي روبرت أوبنهايمر من قراءة كتاب مروع الوصف يحفر مشاهده نحتًا بالذاكرة.. إنه مدبِّر مملكة الشر العلمية، فقد سحق اختراعُه مدينتين كاملتين باليابان.. "جون هيرسي" واحد من عظماء الرواة الأمريكيين، كتابه "هيروشيما" القديم فضح إلى أي مدى يبلغ الشر العلمي والعسكري البشري. وحورب الكتاب والكاتب. ووقع بيدي كتابٌ يحكي عن العالم "أوبنهامر" أبو القنبلة الذرية ثم الهيدروجينة.. ووجدت الرجلَ ليس شريرًا كما تخيلت، بل عالمًا مفكرًا ومثقفًا ثقافة إنسانية عالية، وعدتُ لمكتبتي لأطلع على كتاب بحثي عندي عن شاعر الطليان العريق "دانتي"، فقد استرجعت أن اسم المؤلف "روبرت أوبنهايمر".. اندهشت لمّا عرفت أن الكاتب نفسه من كنت أسميه بشيطان العلم، بل إن أوبنهايمر عارض وبقوة استخدام القنبلة الذرية على هيروشيما مرددًا أن المانيا سقطت، وأن استسلام اليابان مجرد وقت، وعارض بشدة إلقاء القنبلة. ولكن القنبلة ألقيت وباقي القصة معروف.
 
غير المعروف - على الأقل لدي - هو اطلاعي على قصة حياة هذا العالم وهي من غرائب القصص، فقد حاكمته أمريكا ورُميَ بالخيانة أيام التعصب المكارثي، ووصم بأنه يساري ضد أمريكا.. فقط لأنه بذل باقي حياته لمحاربة الخطط الحربية لها. لا أدري إن كنت أستطيع تبرئة العلم، ولكني أكيدٌ من تجريم السياسة.
 
شخصية الأسبوع: لا يمكن الادعاء أن هناك إدرايًّا لا يخطئ ولا يزل. ومن الصعب القياس العلمي لأداء المسؤول الإداري، ولكن هناك استدلالات أستطيع أن أسميها عاطفية تبين مدى إخلاص وتعلق المسؤول بجدية بمهام منصبه. ومن تلك الاستدلالات العاطفية أن يكون المسؤول يذود عن منشأته غيورٌ عليها وعلى إنجازاتها، ويأخذ إدارته مأخذًا يفوق المعتاد من الأخذ العملي الوظيفي كأن يعتبرها شيئًا يدور بنسغ دمائه، وأن تكون إدارته بالنسبة له مشروع حياة، لا مسار عمل، وقد تكون هناك آراء معه وأخرى ضده، والمهم أنه لن يقول عنه أحد إنه انتفع أو راوغ بمشاريع إدارته كي تصل أموالها لمكان غير تلك المشاريع. وأن يكون حديثه الأهم إدارته وجمهور المنتفعين منها ومشروعاتها، وكأن العالمَ اُخْتُصِرَ بإدارته. مسؤولٌ كهذا هو شخصيتي لهذا الأسبوع.
 
تواردت الأنباءُ عن أن الجيش السوري الحر حرر أكثر من 40 في المائة من الأرض السورية من قبضة النظام.. وهذا مبهج حقًّا إن كان دقيقًا، فهذا يعني أنهم في الطريق لنصر كبير بإذن الله. وأقلقني أن الناطق الرسمي كال لومًا على المعارضة السورية بالخارج.. فإن التصفيات بين الحلفاء أحيانًا أشد فظاعة منها مع الأعداء، وعلى السوريين أن يتنبهوا إلى أن النصرَ النهائي هو في تحقيق اتحادهم وتثبيت دولة السلام وليس في التصفيات وإعادة المواجهات.