مقتطفات الجمعة 250

سنة النشر : 02/03/2012 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 250 .
 
حافز الجمعة: الشجاعةُ هي أن تقف لمواجهة من يعتدي عليك، أما البطولة هي أن تقف مع من يُعتدى عليه.
 
وصلتني رسالة قرأتها حتى حفظت كل انحناءة حرف بها، أنقلها لكم، سائلا الله أن يمنَّ على الصغيرة هبة بالشفاء ويرفع عنها، ويسعد والديها بها، ويسعدها بهما: ''نحن زوجان منّ اللهُ علينا بطفلةٍ هي قرة أعيننا، ستدخل عامها العاشر في مايو القادم، ولم يكتب الله لنا غيرها حتى الآن. سميناها ''هبة الله''، ثم صرنا نسميها هبة، حتى اسمها في السجل المدني صار هبة. هبة ملأت علينا الدنيا حتى صرنا لا نرى الدنيا إلا بعينيْها، ولا نستشعر البهجة إلا من خلال ضحكاتها.. حتى شاء اللهُ أن تمرض بمرض اللوكيميا، فانقلبَت حياتُنا من حال إلى حال، وصرنا نُسقط ألمنا وتعبنا وخوفنا وحزننا غضبا نتبادله كرشقات أسهم سامة بيننا، ونتبادل اتهامات سخيفة، وكان واضحا أن حياتنا بمجملها صارت عربةً تتفكك وهي متجهة للهاوية. ثم وقعت بين أيدينا مقالاتُك عن ''ريما نواوي'' التي سميتها رسول التفاؤل والإيمان، و''نورة'' التي قرأنا عنها وهي تتعالج، وقرأنا عنها بعد أن رحلتْ لخالقها.. وبدأ نور الإيمان والتفاؤل يزيح ظلمة الضياع والخوف والحيرة في قلوبنا، ووجدتْ الابتسامة طريقها لحياتنا من جديد، بل تشجعنا وقرأنا المقالات لهبة التي سعدت حتى أنها تلعب بخيالها مع ريم ونورة.. واكتشفنا مع الوقت أن رابطتنا الزوجية توثقت أكبر من ذي قبل، والتحمنا كأجمل ما تلتحم العناصر لتشكل جسَدا نابضا بالحياة والسعادة والإيمان.
 
نعلم أنك ستقول إن الفضلَ لله ثم للفتاتين اللتين زرعتا الأمل ورسختا الإيمان والشجاعة في مواجهة ما قدّر الله.. ونوافقك هذه المرة. نسأل الله لهما الرحمة ولعائلتيهما الثبات.. وليعلموا أن مئات العائلات سعدت بسببهما. وتقبّلْ تحياتِنا: مريم وعبد الله''
 
شخصية الأسبوع: البسالةُ كما ورد بالحافز، هي التي تجعل المرءَ يقف ضد الخطر الداهم ولا يهرب منه، يواجهه بعنفوانٍ وشمَمٍ طلباً للحق والعدل وكرامة الحياة، إنما البطولة هي لما تقف الموقف الشجاع مع من يهدده ذاك الخطر وأنت بمأمن بعيدا عن الخطر، بالأولى يكون الظرفُ حتْماً، وبالثانية يكون اختيارا. والسيدة الكويتية الشابة ''هيا الشطِّي'' صارت مرجعا من المراجع الإنسانية الواقعية في البطولة بالوقوف مع إخوانها وأخواتها الذين وقع عليهم حيْفُ الظلم اليهودي في غزّة، وسجلتْ مشهداً بطوليا رأته أعينُ العالم في أوج حصار غزة. '
 
'هيا الشطي''، التي تمتد علاقاتها بقوة مع أترابها في المملكة وبقية دول الخليج، تشارك ضمن حملةٍ بطوليةٍ جديدةٍ باسم حملة ''ليَان'' الطفلة السورية التي مزّقها تضخمُ القلب حتى ماتت لأن لا مستشفى في لبنان يعالج لاجئاً سورياً بدون دفع مبلغ العلاج مقدَّما.
 
وكي لا يضيع الظرفُ الحزين هدْراً قررتْ مجموعةٌ من الشبيبة الخليجية إقامة حملة تحمل اسم ''ليان'' تذهب منها مجموعة فرق متعاقبة لمواقع اللاجئين بنواحي طرابلس اللبنانية للوقوف ماديا ومعنويا مع مهجري سورية الذين لا يأكلون ولا ينامون ولا يصحون إلا على الرعب. ''هيا الشطي'' كانت - بالطبع - من منسقّي الحملة، ولم أكن لأعلم لولا تبرعها بإبلاغي هاتفيا بذلك. هل للبطولة صوتٌ؟ نعم، سمعته من خلال الهاتف!
 
وأعجبتني هذه القصيدة لشاعرةٍ أمريكيةٍ قليلة الشهرة اسمها ''بارثا آدمز باكُس''، أنقلها من الإنجليزية: ابنِ لنفسكَ صندوقاً متينَ الأركان واتقِنْ لحْمَ كلّ زاويةٍ من زواياهْ ضع بداخله آلامَك وما يقلق مضجعَك واجمعْ مخاوفك من الفشل، ودُسّها بداخله وأسكُبْ بهِ كل قدَحٍ مُرٍّ شربته بحياتِك ثم.. اقفلْ الغطاء، واجلس فوقه.. وأطلقْ الضحكات!
 
والمهم: أحسن ما يكون عليه الإنسانُ لما يتأمّل ويتعلم في ومن العرَاء، فيكتسب صفاته من مرونةَ المياه بالمرور عبر الموانع، وخفّة وتواري الهواء مع عظم وجوده، وطينُ الأرض الذي يعطي للكائنات نسغَ الغذاء.
 
في أمان الله..