مقتطفات الجمعة 248
سنة النشر : 17/02/2012
الصحيفة : الاقتصادية
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 248 .
حافز الجمعة: لي رأيٌ، وصوِّبوني. لم أستسغْ مصطلحَ الخروج من الصندوق، مع أنه يعني الخروج عن الفكر النمطي، وهذا جيد. ما أراه هو توسيع الصندوق ليحمل آراءَ وأفكارَ وتوجهاتٍ وخيالاتٍ وابتكاراتٍ أكثر بجلب معلومات الخارج والتعامل معها عقليا وامتزاجا بقبولك العاطفي والمنطقي ثم إدخالها لصندوق واسع قابل للتوسع مع توسع المدخلات.
وعندي قناعة أرجو أن يوجهني بها أصحابُ العلم الشرعي. قناعتي أن القدرةَ لا تقتصر على المال في إخراج الزكاة، فهناك أيضا زكوات أخرى يجب أن تخرج من القدرات العقلية والقلبية والطاقة البدنية. فالمالُ منحةٌ من الله ونزكّي عنه، والعقلُ والقلبُ هما من مِنَح الله علينا.. وكلها ثروات، وكل ثروةٍ يُستحَقّ عليها الزكاة. لو أخرج صاحبُ العقل مشروعا علميا أو أدى محاضرات مجانية تعتبر زكاةً من ثروته العقلية، ولما يعتمر قلبُ الفتاةِ وقلبُ الفتى بحب الخير فلا بد أن يمارساه عملا بنفع المحرومين والمحتاجين للتواصل الإنساني الطبيعي. ولمّا يعطي الله الواحدَ منا وفرةً وقوةً في الجسم فزكاتها العمل الميداني لنفع الناس في خدماتهم العامة. قناعتي ليس إلاّ!
شخصيةُ الجمعة: منذ سنوات وهو يشعل جوَّ المنطقة الشرقية وبالذات في جامعة الملك فهد وفي المدن المحيطة بدينمو لا يهدأ بنشاطاتٍ داخل المنطقة الشرقية وخارجها، وأَعطى لوحدة العمل التطوعي في جامعته وهَجاً وانتشر شعاعُ هذا الوهج ليشمل المجتمعَ خارج أسوار الجامعة. الدكتور ''سالم الديني'' صار اسماً رائجاً بين الشباب في المنطقة ليس في الجامعة فحسب، بل في خارجها، وصارت وحدة العمل التطوعي في الجامعة عملا تعدى حجم الاسم بمراحل.
السببُ أن الدكتور الديني لم يرَ العملَ في وحدة التطوع بالجامعة مجرد مهمة نظامية، أو جدولاً أكاديمياً، أو واجبات وظيفةٍ مدفوعة، وإنما لولعٍ متأصّلٍ فيه بحب العمل التطوعي وإنهاضه في المجتمع، حتى أني أحسبه يفخر بعمله ومشاريعه التطوعية أكثر من أي صفةٍ أخرى.. ونحن أيضاً نفتخر به في المنطقة من أجل ذلك.
ويسأل السيد بيير رفاني، وهو مسيحي ماروني: ''هل شكل المسيح كما نراه في اللوحات؟ وهل المسيح في الإسلام يعتبر مقدسا؟'' أشكر السيد بيير على السؤال، ولعلي أبدأ بالإسلام ورأيه في عيسى بن مريم (المسيح) عليه السلام. إن النبي عيسى في الإسلام له إكرامه وإجلاله وتقديره ويؤمن به الإسلام شرطا واجبا لاكتمال دين الفرد. على أن اللفظ مقدس ليس ساريا في الإسلام، فالتقديس ليس للبشر، والنبي عيسى إنسان وله كرامة الأنبياء. وللأنبياء منزلة ترفعهم في عين كل مسلم. أما عن صورة المسيح فتظهر في لوحات فناني أول عصر النهضة بأنه أشقر الشعر، دقيق الملامح، بعينين زرقاوين أي بصفات الإنسان الأوروبي الشمالي. بينما الناصري من فلسطين، وملامحهم أقرب للسمرة من الأوروبيين وغالبيتهم بلون الشعر الأسود، وهذا ما يتفق عليه الأنثربولوجيون. وربما شاهدتَ الفيلم الشهير بعنوان: ''آلام المسيحThe passion of the Christ'' الذي أخرجه الممثل الأسترالي ''ميل جبسون'' وقام بدور المسيح الممثل ''جيم كافيزل'' وظهر بملامح آرامية سامية (ملامح العرب) وقد وثق كاتب الفيلم ''بينيدكت فيزجرالد'' النصَّ تاريخيا وجعل حتى لغته الآرامية.
بالنسبة لسؤال السيد بيير، أضيف أن كل أمة في الأرض فيها طوائف مسيحية اختصت لها بصورةٍ لمسيحها. فمثلا هناك لوحة لهرب المسيح - عليه السلام - وأسرته إلى مصر كما تخيلها مسيحيو إفريقيا، ويبدو المسيح ويوسف النجار والعذراء ببشرة سوداء كشعوب إفريقيا. وصورة أخرى وجدوها في نيجيريا تمثل ما جاء في الإنجيل من أنه بعد ولادة المسيح جاء المجوسُ من المشرق وقدموا له الهدايا من ذهبٍ ولبانٍ ومر، وتبدو مريم العذراء بالسحنة الإفريقية مع ابنها تحت عريشه مثل تلك التي تنتشر في غابات إفريقيا. ولوحة يابانية للمسيح بالمزوَد (مهجع الطفل) ويبدو طفلا بملامح يابانية وأمّه العذراء كذلك، والمزوَدُ ليس الذي عرف في فلسطين بل ما كان سائدا في اليابان. ولوحة هندية تمثل أيضا هرب المسيح وأسرته لمصر هربا من بطش ''هيرودوس''، وملامحهم هندية تماما وملابسهم.
والمهم: لن نكون قادرين على الانتصار خارجيا، إن لم نخضْ حرباً بالداخل، حربٌ يجب أن نخوضها بلا توان. هي معركة القيم والمبادئ والأخلاق.
في أمان الله..