مقتطفات الجمعة 243

سنة النشر : 12/01/2012 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 243 .
 
نسأل الله تعالى أن يمن بالشفاء على صديقنا الكبير الدكتور عبد العزيز خوجة، وأن يعود قلبُه، الشاعرُ والمثقلُ بهموم مسؤولياته وتبعاتها، صحيحا نابضا بالدم الصافي بالطيبة والتواضع وقوة الارتباط بالعقل والوجدان.. وأن يُسْعِد محبيه به، ويُسْعَدُ هو بمحبيه. آمين.
 
حافزُ الجمعة: مهما قطعنا من مسافاتٍ سنزيد تيها وضياعا إن لم نملك الخريطة الصحيحة للموقع الصحيح.
 
أي وزيرٍ جديدٍ أمام تحدٍّ عظيم لمستقبله المهني وسمعته الوطنية، وقبل ذلك مسؤوليته أمام الله.. ثم أمام من وثق به، في اللحظة الأولى من تساويه على كرسي الوزارة، في أول دقيقة، خصوصا في ظل تعيينات تعتمد على الثقة المطلقة؛ لأن لا خطط مطلوبة مسبقا من الوزير يُحكم به عليها ويُراقب إنجازُه من خلالها.. فبأوّل لحظة يحمل الصفة عليه أن يسأل نفسه سؤالين: لماذا, و، ماذا؟. "لماذا أنا هنا؟" و"ماذا عليّ أن أنجزَ وأنا هنا؟" إن لم يضع هذين السؤالين أمامه ويضع الجوابين، فهنا سيضيع بين البوصلة على الخريطة والساعة على الجدار، عندما يتوه مؤشرُ البوصلة وعقرب الوقت بين مسافة وزمن الأولويات الحقيقية.
 
شخصية وكتاب الجمعة: الدكتور عبد الرحمن بن محمد السدحان مسؤولٌ كبير، وليست المسؤولية أو المنصب هما اللذان جعلاني أختاره مطمئنا كشخصية الأسبوع، فالمنصبُ ليس استحقاقا نادرا، ولا دليل أصيلا على معدن المرء، وإلا كان اتجاهي خاطئا بخريطة التقييم.. بالدكتور عبد الرحمن السدحان صفتان لفتتاني، وأنبه عن شيء تعرفونه؛ أنه أديبٌ ومتذوقٌ للصنعة الفنية، ومفكر.
 
ما نعتز به: صفاتُه الأساسية التي تبقى معه بأي ظرف وأي موضوع. والصفتان: الأثرة والوفاء.. وهنا نصل للكتاب لنثبت وجهة الرأي: في كتابه الغني "غازي القصيبي - الحاضر الغائب في ذاكرة القلم".. جمع فيه ما كتبه الكتاب في تأبين الراحل العظيم وهنا الوفاء، والأثرة أنه نقل أصوات عشرات الكتاب بجهده ووقته، وليس هينا أن تكون بمنصب عالي المسؤولية وتلتقط المقالات وتبوبها وتضعها بكتاب. إن الدكتور "السدحان" كإنسان اتبع في خريطته الصحيحة اتجاه طبعه الصحيح. وآمالنا معقودة أن يقدم للأمّة، فوق ما قدّمه، ما ترجوه بمسارها الصحيح.
 
الجليد والنار: يعجبني بالدكتور عبد الله العثمان مدير جامعة الملك سعود أنه رجل بركاني وبرقي، وهما من عنصري النار، فهو سريع رد الفعل كانطلاق سهم بعد شد القوس، سواء اتفقتَ معه أو لم تتفق، تعجب بحركاته الانقضاضية السريعة على من يحوم حول عرينه بالتجاوب المذهل بأي شيء يمس الجامعة من قريب أو بعيد.. بغض النظر عن الهدف الذي يبقى في الضمائر، إلا أنه حممي بالداخل ينطلق عندما يقترب أحد لفوهته، وبرق يصل قبل الرعد، رد فعل قد يسبق الفعل.. وهنا قوته. وبعض المسؤولين كالجليد لا يحركه شيءٌ إلا أن تصطدم بكتلته كتلة هائلة أخرى أو يذوب مع حرارة الزمن.. أكتب كغيري، بعض المسؤولين رغم احترامنا وحسن ظننا ندور عبر حماهم من أجل عملهم ولا يأتيك إلا صدى صوتك.. ولكن من يخترق طبقات الجليد؟ هل مخاطبتهم نوعٌ من تداخل مؤشر البوصلة بعقرب الساعة؟
 
ومن "قائمة مشاعل" التي تحدثنا عنها بمقالين بعنوان "قائمة مشاعل"، و"آهٍ يا مشاعل"، وتجاوب معها كتاب وإعلاميون (فقط حتى الآن!) أعيد الدقّ على قلب الأمة بهذا الرد من مئات الردود: "صرف عليّ والدي ثروة كي أرتاح بالبعثة سكنا وتنقلا ومراجع لمدة عشر سنوات، لأدرس تخصصا علميا عاليا بالتقنية المتقدمة. وتخرجت في جامعة مرموقة متوقعا وظيفة براتبٍ مجزٍ لأرُدّ لأبي ولو القليل.. ولكن، أكثر من سنةٍ وأنا عاطل، وما زال أبي يضع في الصباح خلسة فلوسا في جيبي.. فأبكي، له ولي.
 
والمهم: أن طعمَ الإخفاق مرّ، ولكن عندما تنجح ويخفق المسؤولون في توظيف نجاحك، فإن السخرية هنا مريرة، كسخرية أن تدهسك سيارةُ إسعافٍ كانت آتية لإسعافك!
 
في أمان الله..