مقتطفات الجمعة 237
سنة النشر : 25/11/2011
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 237 .
إذا سحبت الحبلَ وأخرجت الدلوَ فارغا من البئر، فقد لا يعني هذا أن البئر جافة بلا ماء، بل ربما كنت تحتاج لحبل أطول لتصل لمستوى الماء.
فقيدتنا - يرحمها الله - ''ريم النهاري'' وسط الظلمة والنيران، ووسط ضياع العدل وإخفاق كفتَيْ الميزان، تهب أغلى عطاء. معلماتُ المدارس الأهلية أكثر من يقع عليهن الظلم وسوء الكيل بقلة ما يأخذن مقابل كثرة ما يعطين.. إلا أن ريم تبرز كملاك الإنقاذ لتشع سماويا لتتنقل بالنار تنقذ صغيراتها من التلميذات، إحساسا بمسؤولية عظمى وكان يمكن أن نجد الأعذار لها أكواما لو لم تتحملها. الآن مع الحزن هناك شيء يجعل الروح تسلو بالفخر؛ ريم حملت مقاديرَ من المسؤولية تكفي كل مسؤولي الأمة.. وتفيض.
كانت ريم تعلم أنها تخاطر بحياتها، بل مخاطرة متكررة إن نجت المرة الأولى فكيف تنجو بالثانية، يدفعها حبٌ وخوفٌ على تلميذاتها.. فقدمت عمرها، حرفيا. رغم الفاجعة، عين الأمة مليئة بدمع من دم.. وعينٌ خرجت منها دمعة بيضاء كالبلور، ريم كانت تلك الدمعة.
اللهم ارحم غدير كتوعة المعلمة في مدرسة البراعم في جدة التي ماتت حرقا، واجعلها شهيدة من الأطهار المطهرين، وارفعها لأعالي جنانك من المصطفين من عبادك في عليين ومعها الصغيرات اللاتي أكلت النيران من جلودهن، أو سلبت حياتهن.
لن تصدّق حائل ولن نَصْدق نحن لو قلنا إننا نعرف حجم الحزن الذي أصاب أهل المدينة بفقدان اثنتي عشرة زهرة من بناتهم برحلة عبث مع الموت.. ومهما شاركنا بالأسى لن نصل لحواف بحر الأحزان الذي يلم بعائلات آل الرشيدي. ولكننا نصدق بالله تعالى ونصدق بوعوده، ونصدق بأنهن شهيدات سعيدات، ونصدق بأنهن - بإذن الله - سيستقبلن باسمات مستبشرات أحبابهن على بوابات الفردوس. جفت الحلوق بالمناداة بسلامة الطرق، والتحذير من التنقل بهذه العلب التي تطير فوق الطرق محشور بها أغلى ما نملك.. لو كان بإمكان الأسفلت أن ينقشع من مكانه خوفا من توابيت الموت التي تلهب ظهره بالسرعات الفائقة، ويهرب من مناظر الأشلاء.. لفعل!
ما قام به المحسنون الأفاضل من مؤسسة الطيار بتكفل ديون أبي ريم النهاري وشراء منزل لعائلتها درس للالتئام الأخوي الأسري الوطني.. درسٌ علمته لنا المعلمة الراحلة ريم لردم الصدع في جدار الأمة بين القطاع الخاص والناس.
وتنجح طالبات وطلاب جامعة الدمام من كلية الطب والكليات الصحية بقيادة الدكتور وليد البكر بإعادة روح البهجة والمرح في كياني من جديد بعد أسبوع مثقل بالأحزان، عندما دعتني دكتورة المستقبل ''رزان نبيل الفيصل'' لحضور حملتهم عن التوعية بمرض السكري بالخبر، وكانت الحملة تثقيفية رائعة ومفيدة لمنفعة العموم، بعبقرية وعملية الشباب، أملا بالتصدي لواحد من أكبر أعداء الأمة: مرض السكري، مرض نسببه لأنفسنا، وبإمكاننا بقليل من الوعي أن نزيحه عن أنفسنا، أو نعيش معه بسلام آمنين.
إن أجمل ما يتذوقه المتطوعون هو تلمس الإنجاز، لذا حرَّصتُ عليهم أن تكون في كل حملة فرقة منهم للقياس والرصد ليعرفوا إحصائيا مقدار زيادة الوعي ونسبة انحسار أو التحكم بالمرض، وسيسعدون.. لأنهم علموا أنهم أنقذوا حياة بشر، أو جعلوا حياتهم أكثر جودة وسعادة.
أيها الكويتيون، لا تنسوا! حبال خارجية كثيرة تنتظر ألا تطيلوا حبل دلو بلادكم لتسقط عليكم دلاءها، كما فعلت بالماضي القريب.. رجاءً لا تنسوا!
والمهم: نقلا من ''بدر فرحان @baderFarhanN1 من التويتر: توجد مسيرات احتجاجية ضد الحكومات في كل دول العالم. أما مسيرات مؤيدة للحكومة فبدعة سياسية عربية نابعة من نفاق متجذر بدول فاشلة!''.