مقتطفات الجمعة 233

سنة النشر : 28/10/2011 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 233 .
 
حافز الجمعة: - ما أكثر السحب في حياتك يا سيدتي؟ - أليست يا سيدي السحب هي التي تسبق هطول المطر؟!
 
لا يريحني أن نقول إننا سنفقد راحلا حبيبا وعاملا كبيرا بحجم الأمير سلطان، فهذا برأيي غير صحيح، وغير محمود. نعم نقول افتقدناه، ولا نقول فقدناه، لأن عاملا إنسانيا كبيرا كالأمير سلطان بن عبد العزيز هو أكثر الناس حضورا وهو حي، وهو أكثر الناس حضورا وهو في رفقة خالق البشرية والابتداء والخلود. أكثر الناس حضورا حتى بعد رحيله لأن اسمه سيتكرر على لسان الملايين في مختلف الأصقاع كل يوم، ربما كل لحظة ولزمنٍ قادم لا نكتنه مسافته..
 
لا أظن أن شخصا مفردا تمكن من نشر العمل المؤسسي الخيري بكل مجال تقريبا كما فعل الأمير سلطان، وهناك الملايين المنتفعون مباشرة من أعماله ومشاريعه متناثرين في الجغرافيا متحدين في القلوب بحبه ولن ينسوا هذا الحضورَ القوي له في قلوبهم في حياتهم، رأينا من البرامج التي تناثرت بوسائل الإعلام كيف أن له في كل مكان على الأرض عملا أو أعمالا، إنك لتعجب أن كل البرامج التي تحدثت وتتحدث عنه تنتهي بلازمة: "لم نغط حتى القليل من الأعمال".. من أين يستمد هذا الرجلُ كل طاقة الاندفاع وبذات قوة الاندفاع نحو الأعمال الإنسانية الكبرى. وهي كبرى ليست فقط في أهميتها ونوع أعمالها، بل في ميزانياتها أيضا.
 
نحن لم نفقد بل "كسبنا" كسبنا أن الرجلَ كان مسؤولا عنا، وليس عن شعبٍ أو بلد آخر، وهذا مكسب كبير. كسبنا أنه قام بأعمال نهضت بالأمة والمجتمع والناس وكان هذا من عمل رجل بدأ بوطنه وأهله وشعبه وقفزت أعماله عبر تخوم العالم وهذا مكسب كبير. كسبنا أنه عاش في زماننا وليس زمان غيرنا. إذن نحن لم نفقد بل كسبنا لأنه نالنا خيرٌ عميمٌ بوجوده وستستمر بحول الله وقدرته المكاسبُ بعد رحيله، وبالتالي علينا ألا نقول فقدنا وهو شعور سلبي، بل نشكر الله ونحمده كما أسلفنا أنه كان معنا ونفعنا.. وأي نفع.
 
نفتقد تلك الضحكة الكبرى، تتوَّج ابتسامتُه ملكة ضحكات زعماء الأرض، أزال عنا الخوف من الضحك والابتسام، ولم يزدد بضحكاته الواسعة والبيضاء والصادقة إلا حبا ومهابة وتقديرا، سنفتقد قلبا كبيرا حقا، بعض الناس لو ملكوا خزائن الأرض ما نفعوا، بل حتى حبسوا ونهبوا كالنار تريد المزيد.. ليست قضية من عنده المال، بل قضية من يجود بالمال رخيصا من أجل هدف غال. سمعت من كثيرين على الشاشة ممن عرفوا الأمير عن قرب أنه يبذل أكثر مما يُطلب منه، سمعت كيف تصير الخمسين ألف دولار بإشارة منه نصف مليون دولار - عشرة أضعافها. ومشروع قُدم له باثني عشر مليون ريال صار.. مليارا!
 
يا أميرنا يا حبيبنا.. مليار رحمة عليك.
 
يروي "مارك توين" الكاتب الأمريكي العظيم أن أعظم قصة في حياته حدثت وهو شاب يعمل صحفيا. كانت تلفت نظره في القرية امرأة كثيرة الابتسام، بينما هي محطمة متكالبة على نفسها، وتبعها، وإذا هي تعيش بكوخ حقير ووحيدة تماما إلا من دجاجتها.. تأثر مارك توين وقال لها: "سيدتي ما أكثر السحب في حياتك". ردت عليه بابتسامة أكبر: "سحب؟ أليست السحب هي التي تسبق هطول المطر؟