مقتطفات الجمعة 219

سنة النشر : 05/05/2011 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 219 .
 
حافز الجمعة: قبل أن تدخل فكّر بالخروج!
 
أسامة بن لادن يقول الأمريكان إنهم قتلوه بطريقةٍ غرائبيةٍ، ودفنوه في البحر. وأتعجّب من عذرهم بأنهم فعلوا ذلك حتى لا يُقام له مزار.. طيب، ألم يمكنهم أن يختاروا مكانا على اليابسة لا يعلمه الجنُّ الأزرق ويدفنوه فيه، ثم يبقوه سرا لا يعلم به أحد؟ وأن يحرصوا ألا يعلم عنه الجن الأزرق. من خوفهم من الجن الأزرق دفنوه بأعماقِه.. فهو أولُ من عَلِم!
 
لما سألت الأحبابَ على الفيسبوك والتويتر: كيف كانوا يرون بن لادن؟ تضاربت الآراءُ. ثم سألوني رأيي فكتبت: يحمل دما نبيلا، من أسرةٍ نبيلة، يؤمن بمبادئه حتى النهاية أو أكثر. استُغِلـَّتْ صفاتُه من قبل آخرين ليوجدوا، من خلال صفاتِهِ، أجندةً مفزعة!
 
وكتبت عنه النسخة الإنجليزية من "البرافدا" الروسية مقالا يقطر تشفيا، وأشارت إلى أنه خلق أسطورة بطل ديني عند بعض المسلمين الضالين الحاقدين. ونسبت الفضلَ في أول من أراد القبض على بن لادن إلى "البطل" معمّر القذافي، وهو بطلٌ - كما تصفه البرافدا - كرهه المسلمون المتنطعون؛ لأنه وقف ضد رجم الزانية، وضد الحجاب، وضد كل المفاهيم المظلمة عند المتخلفين الإسلاميين. لم أسمع رأيا مثل هذا عن القذافي بكل ما قرأت!
 
في كاردف عاصمة ويلز، أقام منظمو ملتقى "كاردف" لقاءهم الثاني، وكان المحاضر المبدع في بناء الشخصية "ياسر بدر الحزيمي"، وأدى محاضرة مدهشة بالمعلومات وطغت عليها خفة ظله وذكاؤه، وأثّرت بي محاضرته.. طوبةٌ جدية وضعت على حائط ذاتي. والجميلُ حقا وصديقي المشاكس معي الشيخ عبد العزيز الفوزان، ألقى محاضرة جميلة وعفوية جمع بها جمالَ اللغة وسهولتها وسيولتها وحيويتها، تكلم فيها عن النجاح وعن الروح المُحِبَّةِ المتعالية عن الحقد والكره والآثام.. رجلٌ غاية في الجمال، وأعطانا منتجا غاية في الجمال. لم يكن طلبة وطالبات الابتعاث في كاردف سهلين معي، كان لقائي عبارة عن "مواجهة" مفتوحة، وكان لا بد أن أقرأ قلوب وعقول هؤلاء الشباب الراقين علما وسلوكا، والممتلئين للأسف غضبا وأسفا وخوفا من المستقبل القريب حين يعودون. كانت مواجهة حامية الوطيس نكّلوا بي فيها بصفتي إعلاميا - وأنا مجرد كويتب - وبصفتي عاملا مدنيا - وأنا أمشي وأتعثر في ميدان واسع -، وكوني عضوا في الشورى، يحسبون أني مثل أولئك الصناديد في المجلس. ولكن الأمرَ مخيفٌ، وأنا لا أتردد بالإنذار لكامل الأمة بأنه مخيف. داخلت من قاعة النساء دكتورة متخرجة ولم تجد وظيفة في بلدها، وارتفع صوتها بالمطالبة بحقها، ولامتني على قولي لهم: "لا تنتظروا الوظائف من الحكومة، واجتهدوا لإيجاد فرص العمل لأنفسكم"، ووجهتْ لي اتهاما صريحا بالتقصير، وأنها بجهدها ودمها ودموعها وغربتها صنعت ما يقارب المستحيل للتسلح من أجل وطنها ومن أجلها بشهادة الدكتوراه في العلوم، وتقول: "كان يجب أن تأتي الوظيفة إلى عتبة بابي، ولست أنا المكلفة بالبحث عنها".. ثم سمع شبابُ مرحلة البكالوريوس ما قالته الدكتورة، ففزعوا، وارتفعت حنجرة أحدهم وخرج من فمه كلام قوي مؤثر بمعنى إذا كانت حاملة الدكتوراه لم تجد عملا، فما مصيرنا؟ كيف سنجتهد وندرس في الأصل؟ ثم تدافع الطلبة الحاضرون لتقبيل رأسه.. وأحمد الله أنهم لم يهشّموا رأسي!
 
كان لقاءُ كاردف رائعا ومكتملَ التنظيم في يوم واحد، وممتعا رغم السهام التي رُشِقـَتْ عليّ وحيدا، وأجدها فرصة لرفع شكرٍ قلبيٍّ إلى السادة المنظمين: الشخصية الرائعة والحازمة معا الصديق إبراهيم الحيدري، وصديقنا وزميلنا بالاقتصادية عامر الحسيني، والصديق محمد العبيد، والصديق صالح الدهش، والصديق فؤاد عبده.. وآخرون من ألطف من رأيت رغمَ.. ولاّ ما فيه داعي!
 
وفي لندن كان الوقت ضيقا ولم يسعفنا للاجتماع بكل من أريد ومن أرادوا، فكان لا بد لمنسقة البرنامج الدكتورة (تيمنا عن قريب إن شاء الله) "رزان بكر" أن تضغط الاجتماعات في كبسولات، فاجتمعت على الغداء مع رئيس النادي الإعلامي الأمير بدر آل سعود، والأعضاء النشطين بسام البريكان وعبد الله الركف وتيمنا الدكتورات نجاة السعيدة ولولوة شلهوب، ولورا باشراحيل، ورزان بكر. وقد كان الحديثُ استراتيجيا حول خلق بيئة إعلامية تفيد المبتعثين في كامل الجزر البريطانية، ورسم شخصية المبتعث السعودي أمام شعوبها، وتوعيته ومساعدته ومشاركته في قيادة حياة صحيحة في الغربة، والاتصال بأخبار الوطن. وهم يحتاجون تشجيعا ورفدا لأهمية عملهم. وشرفوني أيضا بعضويتهم.. واختلفنا كثيرا حول الفاتورة.. كلٌ (لا) يريد أن يدفعها!
 
واجتماع مباشر آخر (هه، على العشاء) مع مجموعة مختارة بعناية من مبتعثين ومبتعثات من مستويات مختلفة وهم والدكاترة والدكتورات تيمّنا: مي نحاس، مها النويصر، عامر الزايدي، ياسر الفرنتي، خديجة بكر، رؤى الطويلي، وطالبا البكالوريوس: أحمد أبو الجدايل، وميسر البار. وكان النقاش مفتوحا حول مواضيع الدراسة والاجتماعات وهموم الطلبة المبتعثين والملحقية.. وأفادوني بمواضيع كثيرة أحب معالجتها في المستقبل.
 
وأقدم اعتذاري لصديقي حسين الحكمي رئيس نادي الطلبة، وللجميع في مانشستر لتعذر وصولي لها، ولجميع الطلبة هناك، رغم استعداداتهم ونشرهم الدعوة للجميع.
 
وتعثرت زيارة سفارتنا في لندن رغم المحاولات المتتابعة، لما يبدو أنه انشغالات في السفارة. وكنت بمناسبةٍ تلاقيتُ مع سمو الأمير محمد بن نواف بالرياض، ودعاني لزيارة السفارة في لندن وغمز من قناتي بأني أعتني بسفاراتٍ أكثر من الأخرى. وهنا تكون سفارة لندن أول سفارةٍ لم أزرها بكل البلدان التي زرتها.
 
عدتُ من كاردف ومن لندن. وبقي هناك جزءٌ من قلبي ومن عقلي. وأحضرت معي كثيرا من المخاوفِ والهموم.. والأمل!
 
في أمان الله..