أحبائي

سنة النشر : 07/09/2004 الصحيفة : اليوم

 
جاء هذا التساؤل من أم لطفل مصاب بعجز ذهني وقد تعمدت أن أجيب عنه لاهتمامي الشخصي بالموضوع، فقد يكون موجها للأستاذة حكيمة، وبما أنه غفل عن التوجيه، فقد سمحت لنفسي بالتصرف بالإجابة:
 
" لدي طفل معاق ذهنيا ( وأنا لا أحب هذه الكلمة ولكن نوردها كما جاءت- ناصح)، وأنا بالفعل أتحرج من تصرفاته، وأعمد إلى تقليل زياراتي إلى الناس من أجل ذلك ، أو نخرج بدونه مع إبقائه مع الشغالة ( وهذه كلمة أخرى وأشجع على استخدام كلمة " العاملة" فهي أنسب وأكرم- ناصح) ولا أدري كيف التصرف معه، وهو شديد الحركة ويعمد إلى إغضابي فأضربه ثم أندم ندما شديدا، ويلومني والده على تصرفي معه، ولكنه لا يعاني كما أعاني، وأريد أن توجهوني فيما علي أن أعمل".
 
أم مازن
 
الأخت أم مازن مادام أن الله وهبك - وأنا أعمد إلى استخدام هذه الكلمة بكل ما تعنيه من شروط الحمد والشكر- طفلا لحق به عجز ذهني، فلا تحزني يا سيدتي، ولا تبتعدي عنه كأنه نتوء زائد في جسد الأسرة، بل امنحيه من حنانك، وحبك، قدر ما استطعت، فإن حب الأمهات لا يعادله حب، ولا تجاوره حاجة، ولا يقاربه علاج ودواء.
 
كما أنصحك بألا تعزليه عن مجتمعه المحيط الذي يعيش به فالطفل المصاب بعجز ذهني يحتاج الحب والرعاية بالإضافة إلى التقدير والإحساس بالنجاح والتشجيع للانخراط مع أفراد مجتمعه في البيت وخارج البيت وعلى الأم هنا الحرص على عرض الطفل على المتخصصين للتعرف على درجة العجز الذهني، وفي الوقت نفسه عليها أن تستمر في المتابعة العلاجية مع الأخصائي وهذا ما أنصح به بشدة.
 
وعلى الأم واجبات كثيرة نحو الطفل ولكن يجب أولا أن تتحلى بالصبر وتكون غير ميالة للعصبية، وأن تكون متفائلة، بعيدة كل البعد عن الاكتئاب، بعد ذلك عليها أن تساعد طفلها على الاعتماد على نفسه في قضاء حاجياته الأساسية من مأكل ومشرب وملبس واغتسال.
 
كما على الأم أن تتجنب حمايته حماية زائدة لأن ذلك يحرمه من أن يتعلم وحتى لا يكون لديه الاتجاه الاعتمادي على الأم في كل صغيرة وكبيرة، وعليها أن تتجنب تكليفه بأعمال تفوق قدراته حتى لا يصاب الطفل بالإحباط، وتكون حريصة ولا تتوقع منه الكثير حتى إذا أخطأ لا تلجأ إلى عقابه أو إلى القسوة بالتعامل معه كي لا يشعر بالضغط ويضطر إلى الانطوائية أو أن تصاب هي بالحزن لعدم استطاعته.
 
على الأم أن تشجعه في أي عمل ينجح في أدائه بالحوافز والمكافآت حتى يسعى للقيام بأعمال أخرى وينجح بها بالإضافة إلى ذلك فإن على الأم أن تشجعه أن يختلط بالأطفال الآخرين، وإشراكه ببعض الألعاب الرياضية كي يشعر بأنه طفل في المجتمع غير محروم من الأنشطة الاجتماعية المختلفة.
 
كما يأتي هنا دور الأب وباقي الأسرة الذين يجب أن يحترموا الطفل المصاب ذهنيا ويشركوه في أحاديثهم وأنشطتهم وزياراتهم دون الشعور بأي خجل من المجتمع، وعلى الأسرة أن تتعرف على نقاط الضعف التي به وتساعده على التغلب عليها إذا كلما تعرض الطفل المصاب ذهنيا إلى العوامل والأشخاص العاديين والطبيعيين في الخارج ساعده ذلك على اقتناء المهارات اللازمة وتحسنت طاقته الذهنية.
 
وأرجع إليك يا أم مازن وأقول ان الله وهب لك هذا الطفل، وسيجزيك من أجله حسن الجزاء.
 
محبكم : ناصح الرشيد