فرضوا علي وظيفتي وزوجتي فتملكنى اليأس

سنة النشر : 10/08/2004 الصحيفة : اليوم

 
سعادة/ د.ناصح الرشيد
 
ابدأ رسالتي بتحية خاصة لشخصكم الكريم ممتنا للدور الذي تقوم به هذه الصفحة على الاقل بالقاء حجر في بركة الألم الراكد الذي يحيط بالبعض منا، وايضا للجهد المبذول والتحفيز لنا بالكلام عما يعتري انفسنا من تشوهات ربما نكون نحن السبب فيها وربما تكون الاسرة او المدرسة او المجتمع او الجهل او غيره ورغم تعدد الاسباب فالنتيجة واحده ومعروفة.
 
سيدي لن اطيل عليك فانا انسان مثقف وادرك تماما ما يحيط بي من احباطات سواء على الوضع المحلى او العربى او حتى داخل دائرة اهتماماتي الخاصة او حياتي التي بدأت دون اختيار منى وحاولت ان اقاوم كثيرا ما بداخلي من يأس وتشاؤم وتردد ولكن لم استطع لذا لجأت اليك محاولة منى ان يكون هناك حوار مع شخص لا يعرفني وفى نفس الوقت يدرك مشكلتى التي تتمثل في اليأس الذي يحاصرني ولأختصر رسالتي لأقول انني امتهن مهنة اجبرت عليها ولم احبها رغم انها مرموقة فانا اعمل مهندسا في احدى الشركات وقد اجبرت على دخول الهندسة لان ابي واخوتي ارادوا ذلك لمساعدتهم، ناهيك عن ان زوجتي لم اخترها فهم ايضا اختاروها لانها قريبة ولا يريدون لى الزواج من خارج القبيلة.
 
مرت اعوام حاولت خلالها ان اكيف نفسى ولكني لم استطع فالشجار والنكد بدأ يسود حياتي المنزلية والضيق والتبرم وانفلات الاعصاب اصبحت ملازمة لى، واخشى ان تفاقمت حالتى ان اصاب بخلل نفسى او اقدم على عمل يكلفني الكثير.
 
انا والحمد لله لا اعاني عوزا ماديا بل املك كل وسائل الحياة المرفهة وراتبي يفيض عن حاجتي ولكن كل ذلك لم يسعدني فأنا اشعر اننى صنيعة الآخرين وليس صنيعة نفسي فهل انتظر ردا يخفف عنى بعض ما اعانيه ويفتح امامي سبيلا لفهم ذاتي واحترامها؟ انني يا دكتور ناصح انتظر ذلك على احر من الجمر وارجو الا تسألني: لماذا لم تلجأ لطبيب نفسي حتى لا اتجه للاجابة التقليدية فانت تعرف مجتمعنا وتعرف تقاليدنا.
 
نعم انا متعلم ومثقف ولكن ماذا لو عرفت الاسرة والزملاء اننى اتردد على طبيب نفسى وعلاقة ذلك في عرف المجتمع بالاختلال والجنون.
 
ملحوظة: انا لم انجب حتى الآن رغم اننى متزوج منذ عامين بسبب تلك الحالة
 
م.أبو محمد
 
التوافق في العمل والحياة
 
أخي ابو محمد وما كان لي أن اقول لك ما تخيلت انني سأقوله رغم اهمية ذلك فدعنا اولا نؤكد على اهمية الجانب النفسي والعلاج النفسي كوسيلة ناجعة للتعافي والعيش بطمأنينة وسلام فهو يعالج الاضطراب الانفعالي وما يتصل به من اعراض، ويقوى الذات ويدفعها الى مجابهة عوامل الهدم وما تتعرض له ويؤدى الى سيطرة الانسان على سلوكه وسكينة النفس الى غير ذلك.
 
ولنا ان نتخيل الفارق بين الحديث عن الطب النفسي سابقا والحديث عنه الآن فهو الآن اصبح امرا طبيعيا كالطب العضوى عموما نعود الى مشكلتك يا صديقي أبو محمد ونقول: يخطىء كثير من الآباء عندما يوجهون ابناءهم الى وجهات لا تتفق مع ميولهم ورغباتهم ولا تتماشي مع قدراتهم واستعداداتهم.
 
ربما يكون الدافع نبيلا او مغريا كالكسب المادي او الوجاهة الاجتماعية او رغبة في تحقيق مالم يحققه الأب، وتصبح النتيجة المنتظرة لهذا التوجه الخاطىء الفشل او الالم النفسي او الشكوى او التعب ناهيك عما يحدث من شجار ومشاحنات سواء في العمل او في المنزل.
 
واذا كان العمل في موقع به آلات او معدات(وانت مهندس) فقد يتعرض الشخص لحوادث خطيرة نتيجة عدم قدرته على التكيف وعدم التركيز وتمتد الآثار الى العلاقات الاجتماعية كل هذا يؤكد ان الانسان يعيش بعمله وفي عمله وان رضاءة النفس مستمد من هذا العمل فالرضا عن العمل او عن الزوجة او عما يختاره الانسان يستتبعه الرضا عن النفس وحالتك كما شخصت وكما نرى ونؤيد نابعة من عدم رضائك عن عملك الذي لم تختره بنفسك.
 
وعلاج ذلك ان تبدأ من جديد في عمل يتوافق مع ميولك واستعداداتك، ويحقق مستوى طموحك بغض النظر عن الدخل الذي يدره ونرى انك سوف تحقق نجاحا في هذا الأمر ولا اريد ان اقدم لك امثلة فالانسان الامريكي مثلا يغير عمله اكثر من ثلاث مرات في حياته وفي اقل الاحتمالات مرتين ربما لا نستطيع هنا ان نقوم بذلك لظروف اقتصادية او معيشية او غيرها ولكن لماذا لا تحاول وتسعى الى التصحيح بدءا من العمل.
 
واعتقد ان ذلك ينعكس على الزواج وعليك ان تفكر في الانسانة التي معك لا كونها فرضت عليك ولكن كونها امرأة تود التعايش معك ولك ان تتساءل عن مدى توافقك معها ومدى تقبلك ومدى استجابتها لك وتعاونها معك ولا تنظر اليها كما تنظر الى عملك فربما كانت بها جوانب ايجابية تساعدك وان تأكدت ان الامر عكس ذلك فقرر مصير حياتك فالانسان لا يعيش الا مرة واحدة وبدلا من ان تعيشها في عذاب والم مستمر عليك ان تتألم لبعض الوقت خير من ان تتألم كل الوقت متمنيا لك التوفيق والسعادة.
 
ناصح