كيف أتصرف مع هذا الطفل؟

سنة النشر : 18/05/2004 الصحيفة : اليوم

 
عزيزي الدكتور ناصح الرشيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
لدي طفل طباعة وسلوكه يختلفان عن اخوته فأنا الاحظ عليه الشرود الداعم وعدم الرغبة في الكلام او المشاركة في الحوار انه لا يعبر عن نفسه وتبدو عليه مظاهر الضيق باستمرار والاحظ احيانا انه يخاف في بعض المواقف ورغم محاولتي الدائمة لمعرفة ما يدور في نفسه الا انه لا يتجاوب معي.
 
علما بانني اعامله كما اعامل اخوته وبنفسي اسلوبي في التربية ولكن دون جدوى فما نصيحتكم؟
 
ام احمد ـ الدمام
 
التربية الفاعلة
 
عزيزتي ام احمد يبدو لي من خلال ما ذكرته في رسالتك ان طفلك يعاني من بعض الاضطرابات الوجدانية والسلوكية وهذا يحدث كثيرا من الاطفال دون ان يشعر الاهل بذلك وقد اسعدني وعليك وحرصك على فهم نفسيه طفلك ومحاولة ايجاد من يساعدك على تفهم حالته.
 
واتمنى ان يكون هذا الوعي موجودا لدى كل الامهات فيحاولن تثقيف انفسهن في شؤون تربية الاطفال وادراك المسؤولية الملقاة على عاتقهن كأمهات.
 
نعود الى ما ذكرته من ملاحظات حول طفلك فاقول: ان علماء النفس والتربية قسموا الاضطرابات الى نوعين احدهما اضطرابات طبيعية تحدث نتيجة التطور النمائي الطبيعي للطفل والنوع الاخر هي الاضطرابات الناشئة من سوء تعامل على مراحل النمو او لاسباب اجتماعية عديدة كالطلاق او العنف الاسري او لاسباب وراثية احيانا بحيث يكتسب الطفل بشكل وراثي بعض الصفات الشخصية من والده او والدته.
 
ويعتقد معظم الناس ان الاطفال لا يعانون من امراض نفسية لكن الحقيقه هي ان معظم الامراض النفسية التي يعاني منها الكبار يكون منشأها من الصغر بالنسبة لحالة طفلك فاليك بعض النصائح التي قد تساعدك باذن الله.
 
من اسباب المعاناة عند الاطفال سوء المعاملة كالنقد او الاهانات او المقارنة بالاخرين او القسوة كل ذلك يضعف من ثقة الطفل بنفسه ويفقده الرعبة في التواصل مع الاخرين بل قد يصيبه بالاكتئاب فاحذري ان كنت تمارسين بعض الاساليب الخاطئة في التعامل مع طفلك.
 
الانشغال معظم الوقت عن الطفل وعدم النزول لمستواه يؤثر سلبا على حالته النفسية.
 
الحوار الجيد البناء مع طفلك قد يساعد على تعديل سلوكه ومزاجه حاولي جاهدة الحديث معه بكثرة مع مراعاة منحه الشعور بالامان اثناء الحوار ومداعبته بلمسات حانية حتى يشعر بالاطمئنان وتشجيعه على الكلام والتعبير عن النفس دون ضغط كما يمكنك اتاحة الفرصة له للتعبير عن نفسه من خلال الرسم ومناقشته باسلوب لطيف حول ما رسمه.
 
استغلال اللعب كوسيلة علاج العبي معه وتفاعلي حتى لو تظاهرت بذلك لان نزولك الى مستواه وتفاعلك من خلال اللعب قد يشجعه على تنمية النواحي الاجتماعية والانفعالية لديه.
 
بالنسبة للخوف فهو من المظاهر الطبيعية في فترة الطفولة المبكرة وغالبا ما يكون ردة فعل لموقف معين او نوع من الحماية والدفاع عن النفس كالخوف من شخص غريب او الخوف عن سيارة قادمة لكن المشكلة تكمن عندما يزداد الخوف عند الطفل عن الحد الطبيعي فيصير خوفا مرضيا وغالبا ما يخاف الاطفال من الحيوانات او الابر او الجروح او الظلام او الاماكن المرتفعة او الصوت العالي او الاشباح ولكن هذه المظاهر تختفي تدريجيا حتى تتلاشى.
 
وتقول التربوية سحر رحمة في رؤية لها من أسباب الخوف: الحماية الزائدة وكثرة قلق الاهل بطريقة مبالغ بها مما ينقل له الشعور بالقلق والخوف كما ان الخوف يكون في بعض الاحيان نتيجة وجود استعداد وراثي بحيث ينعكس خوف احد الوالدين على الاطفال دون ان يشعرا ولعلاج الخوف عند طفلك عليك ان تتقبلي الامر بحدود وتحتوي الطفل بحنانك وتبعديه عن الاشياء المسببة للخوف ثم حاولي باسلوبك ان تساعديه على نسيان الموقف الذي مر به حتى لا يختزنه بعقلة الباطن.
 
ويجب ان تتقلبي احساسه بالخوف وتعملي على علاجه باسلوب تدريجي فمثلا اذا كان يخاف من الطبيب فلا بأس من اصطحابه لزيارة مريض حتى يعتاد على رؤية المستشفى والاطباء واذا كان يخاف من الحيوانات فاصطحبيه في رحلة ممتعة الى حديقة الحيوان ولا تنسى المديح الفعال والثناء والتعزيز الايجابي كلما سنحن لك الفرصة مع التحلي بالصبر والاستمرار وعدم الاستهزاء به او اصدار احكام عليه كقولك: انت جبان، لست رجلا ولست بطلا ونحو ذلك.
 
كلمة اخيرة: راجعي نفسك جيدا فلعلك تكتشفين سبب المشكلة وقد يكون بسيطا جدا حاولي حتى تستطعي ان تتصرفي بطريقة صحيحة قبل ان تتفاقم الامور وتذكري دائما ان عملية التربية عملية مركبة وتحتاج منا الى كثير من الجهد والصبر والمحاولات ولا تغفلي عن الدعاء حتى ييسر لك الله امورك مع طفلك.