تعرفون الفزاعة يا شباب؟
الفزاعة عبارة عن خشبتين متصالبتين يضعهما الفلاحُ في وسط الحقل ويلبسها لباسا بشريا، لتخاف الطيور فلا تقرب المحصول ولأنها طيور لا عقل لها فهي غالبا ما تخاف، ولكني رأيت طيورا تشقشق فوق الفزاعات.
فقلت لنفسي: حتى الطيور تعقل؟!
فما أحرانا إذن بنو البشر!
ويا شباب أكلمكم ، فأنتم بالطبع لستم طيورا، وإنما أنتم أهم عناصرنا على الإطلاق، أنتم الأجمل ، والأقوى، أنتم تعانقكم الحياة، ويبقى غيركم جيلين جيل تستعد الحياة لاستقباله، وجيل تتهيأ الحياة لتوديعه.
إذن الأمر كله بيدكم، بعد الله، وليس بيد أحد إنني أكرر هذا الكلام كثيرا أيها الشباب، ولكم أن تحسبوني مضروبا بالهذيان على أني لا أكترث لكل ما يقال، لأني أومن أولا أن لله هو الذي يضع الرزق وليس القطاع العام، ولا القطاع الخاص ولكن الله يطلب منا أن نذهب ونتعب ونجتهد لنبحث عن رزقنا.
أتقول إن رزق الله ضيق؟ مستحيل أن تقول ذلك ولأن هناك شواهد وأدلة تملأ الأرض ووعي الزمان.
الفزاعة يا شباب، هي هذه التي يطلقون عليها البطالة، فإذا هم يتولون عنكم في التصدي للبحث عن رزقكم، وهذا غير صحيح كما أني لا أظنهم جادين كل الجد، بل إن أفضلهم يؤدي ذلك عملا، ثم يذهب بعد ذلك لشأنه ولا ألومهم ولا ألوم القطاع الخاص، فهم ناس إما حفروا الأرض بأظافرهم العارية وبنوا نجاحـــاتهم ( وهذا ما أريده من كل واحد منكم) وأما من خرج على الدنيا على مهاد من حريرعلى أن النوعين من رجال الأعمال، لا يريدون في النهاية الا التوسع ، وليس فقط الربح، لأن الذي لا يتوسع يتضاءل حتى يموت، ومن يريد الموت؟!
أقول لكم يا شباب هذه هي فلسفة حياة رجال الأعمال، هل نلومهم؟ لا!
لأنهم خلقوا هكذا لكي تستمر عجلة النمو في الدوران، وألا توقفت ثم تجمدنا في مكاننا لا يصل إلينا أحد، ولا نصل لأحد!
وتثبت لي شواهد الدنيا أن كل هذا صحيح، فقرأت يوما في باب ناصح الرشيد من هذه الصحيفة والذي أرجو أنه توقف مؤقتا، أن شبابا نـُصحوا في غسل السيارات بعد أشهر عادوا يشكرون البرنامج، ويخبرون القائمين عليه بأنهم يودون من البرنامج أن يجد شبابا بلا عمل لأنهم يتسعون، وقالوا إنهم الآن يبنون عمارة بأكثر من مليون ريال.
شيء آخر أخي محمد ، حضر مزادا للعقار في جدة، وأخبرنا بأن عقاريي جدة المخضرمين تعجبوا من حنكة وقدرة رجال العقار الشباب القادمين من الشرقية واحد من ألمعهم لم يعرفه السوق من قبل وبدأ مجهولا، واسمه الآن يلمع يشق سماء الأعمال.
السر في هؤلاء الشباب أنهم كانوا أذكي من الطيور لم يؤمنوا أن هناك بطالة إلا من صنع الوهم
والآن أستأذنكم لأني سأذهب للحلاقة
قبل أن أنسى: محل الحلاقة الذي سأذهب إليه صاحبه سعودي، كان يعد عاطلا، ولكنه عمل حلاقا بنصيحة من محبيه، على أني لن أجده، لأني سأذهب لمحله الثالث.
هؤلاء هم البناة لم يؤمنوا بالفزاعة، فلا يؤمن بها إلا أصحاب الوهم الإحصائي، والطيور!