الغرض من أي عمل اجتماعي هو الخير بلا شك، على أن للخير مفهوما ضيقا وللخير مفهوما واسعا، أما المفهوم الضيق فهو المساعدة المباشرة التي نسميها إحسانا، على أن الخير بشموله هو أن تعود المحتاجين على ألا يحتاجوا تعلمهم أن ينموا لهم رزقا لترقى كرامتهم، ويتفاعل دورهم في المجتمع من التلقي السلبي إلى التفاعل الإيجابي.
وهذا ما كانت تتحدث عنه السيدة سارة الخثلان، التي نحسب أنها تقود عملا خيرا بمفهومه المهم، أي المفهوم الذي يعتمد تعليم الطير أن يطير، بأن تقوى أجنحته ثم يطلق في الفضاء الواسع ليطير ويبحث عن رزقه، وهو واجده بإذن الله متى ما تحققت له الوسيلة والتدريب .
لذا جاءت فكرة الأسر المنتجة ونحن إذ نحيي السيدة الخثلان هنا على هذا العمل الذي يحمل بركة وإخلاصا ومحبة للمجتمع، فإننا نرجو النجاح لمشروعها، فإذا نجح فهو من نوع نجاحات السلسلة، أي المشاريع التي تبدأ، ثم تسحب بعضها بعضا في سلسلة تطول، وتطول! ولا نخاف من المشروع نفسه، فهو ليس إبتكاريا أو جديدا في حد ذاته، ولا السيدة الخثلان تدعي ذلك، بل هو مطبق في أكثر من مكان في أكثر من دولة، وقد حضرنا منذ سنين معرضا للأسر المنتجة في مصر وكان الذي رأيناه مذهلا .
ونعرف ان في بلدان الشرق الصناعية تعتمد المصانع على ملايين الأسر في الخدمات وإعداد وصنع المواد الداخلة في العملية الإنتاجية الكلية، بل رأينا في تايوان أسرا تقوم بدور الورشة الكاملة أو المصنع الصغير، أي أنها تصنع وتنتج منتجها كاملا كما أنه ليس جديدا كل الجدة في منطقتنا، وإن كانت بعض الآليات تختلف بتفاوتات بسيطة إلا أنها تؤدي نفس الغرض وهو الاعتماد على النفس، وكما تقوم السيدة الخثلان بمبادرة الأسر المنتجة، فإن تجـربة (عطاء الخير) في جمعية الخبر النسائية حققت بالفعل نجاحا في تفعيل الخطة إلى واقع عملي، ومن زار المكان رأى مجموعة من الفتيات وهن يصنعن بعض المنتجات اليدوية ضمن صفقات تجارية مجدولة التسليم، ومحددة الكميات والأسعار .
هؤلاء الفتيات من الممكن أن يعززن مفهوم الأسر المنتجة ببعد آخر وهو أن تشكل الفتيات أسرا عاملة فيما بينهن لإقامة العمل والتعامل مع السوق فقد طرن فعلا في الفضاء الإنتاجي الفسيح بأجنحة قوية لاستشراف الرزق الكريم ونأمل نحن هنا في ألا تتفرق الأعمال شعاعا، فالأعمال الفردية مهما كانت الحماسة وراءها تعرقلها أشياء كثيرة في الطريق، لذا يكون الحرص على التضافر والتعاون ودمج بعض الأنشطة دفعا نوعيا كبيرا للعمل الخيري الإنتاجي يكفل له ليس فقط استمرارا، ولكن نماء وتطويرا وتجديدا.
ويسرنا أن يكون لبابنا هذا دور تنسيقي لهذه الأنشطة، خصوصا أن السيدة الخثلان من العاملين معنا في التخطيط والتشجيع والعمل والتطبيق، على أننا نريد أن نكون جسرا للأعمال المتشابهة تمشي عليه المشاريع لتلتقي وتنسق وتتعاون وربما تتحد ويسر مجموعة عمل ناصح الرشيد أن تعقد لقاء عمليا عن قريب، يكون هدفه إيجاد آلية تعاون بين أعمال الخير الإنتاجية وربما نسمي هذه الآلية (البوتقة).
نحن فرحون بالناس العاملين، هم أياد بيضاء تنبت غرسة الخير في الأرض، وتباركها لهم السماء!
ناصح