لقد أوصل لنا بعض الموثوقين بأن شخصية كبيرة كانت تحاورهم على الهاتف عن موضوع معين كان لصاحبنا رأي فيه، وفي عرض النقاش نوهت الشخصية الكبيرة ببعض الأفكار التي سماها خيرة وإنسانية وبوجه جديد وأورد مشروع ناصح الرشيد في هذه الجريدة، وحرص صاحبي أن ينقل لي ذلك فخورا.
هذا يدعونا حقيقة إلى فهم الدور المرتقب لما ليس في إطار الجريدة فقط والناس الذين تمسهم مواضيعه، وإنما أثره المتزايد في القطاعات المحايدة من الناس، ويجعلنا نعيد التفكير مجددا في الأبعاد التي يجب أن يصل إليها هذا المشروع، وألا نستحي في القول بأنه مشروع كبير ومشرف لنا وللجريدة، والعناية به والأخذ به إلى درجات جديدة وفسوحات عملية اكبر لابد أن توضع للدراسة الآن، وترسم خطط ومدد ومراحل النمو المراد.
تتذكرون المشكلة المؤلمة عن إحدى فتياتنا، والتي توفي والدها، ففرض أخوها أن تبقى في البيت وأن تنقطع تماما عن الدراسة الجامعية، ولم تكن أمها للأسف إلا سندا قويا مع الابن، وكتبت إلينا الفتاة تنعى مستقبلها بل تنعى حياتها ، وكانت تطلب أن تتفهم إدارة كليات البنات وضعها فلا تلحقها بموكب المطرودات من الجامعة لهذه الظروف القاهرة التي تعيش بها وأحلام البنت كانت في منتهى الواقعية والارتباط بالأمل فهي كانت ترى نورا في آخر النفق المظلم وهو أن يوما سيأتي وستتزوج، وترجو أن يكون زوجها متفهما ليسمح لها بإكمال الدراسة الجامعية، على أن ذلك سيكون غير قابل للحدوث لأن الكلية تكون قد أقصت ملفها تماما ولن يُسمح لها مجددا بالمواصلة.
دعونا نعترف أن الجامعة محقة بتطبيق القوانين، ومن الصعب خرقها أو تفصيل الخروج عنها طبقا لكل حالة فردية والا اهترأت النظم وتداعت القوانين على أننا نرى أن القانون لا يكتسب الذي يطبقه حرفا ونصا من بطن الكتاب قوة ولا تفوقا، فهو لا يعدو كونه عقلا وقلبا أصمين لا فكر فيهما ولا إبداع، ولا اعتراض لنا في ذلك على أن الأقوياء هم فعلا الإنسانيون الذين يكسبون بإنسانيتهم قوة خيرة ذكية و منطقية، وهم يقرأون القانون روحا وهدفا، ولا يرونه نصا وقالبا جامدا وهم بذلك يزيدون من قوة وإنسانية القوانين، على أن هذا لا يتأتى إلا إلى قلة من الناس الطيبين الأقوياء بالخير والفهم المفتوح على الإنسانية وعلى خفق الضمير وعلى دواعي العقل.
وهكذا كانت العميدة الدكتورة (أميرة الجعفري) وهي أثبتت أن العمادة قوة، وإنسانية، وذكاء، وتفهم وهي مثال على الشخصية الأكاديمية الراقية التي يهمها المؤسسة التعليمية، وأنها تخفق في آن مع المؤسسة الاجتماعية وقد وصل إليها طلبنا بمساعدة الفتاة المنكوبة بأهلها وكان وراء ذلك روح إنسانية محبة من رعاة مشروع ناصح الرشيد وراء التواصل مع العميدة التي أثبتت أنها امرأة تفهم معنى القيادة، وتفهم أن يفهم القائد ظروف من يقودهم.
امرأة من أرومة طيبة بعقل صاف، وإرادة قوية من الخير الذكي وأعطت فتاتنا فرصة جديدة في أن تتنسم هبوب رياح لحياة جديدة ولا شك أننا فخورون بها ، ونرجو أن تقبل امتناننا العميق في بعث الفرحة في قلوبنا وقلب الفتاة المهيضة ونعرف أن القرار لم يكن سهلا.. أبداً!