ناصح الرشيد

سنة النشر : 07/10/2003 الصحيفة : اليوم

 
أود أن أتكلم معكم اليوم عن الارهاب فهي كلمة اليوم صارت على كل لسان، ثم أنك لا تعرف كيف يفسر الإرهاب، فكل الأطراف يدعون أنهم طيبون وفي حالهم إلى أن أعتدى عليهم الإرهابيون.
 
وتجد أن كل الأطراف تتنصل من صفة الإرهاب بدءا من دولة بنيت على الإرهاب، إلى حثالة من المرتزقة في اي مكان من العالم يتم تجميعهم لتنفيذ واحدة من هذه الحوادث القذرة التي نسمعها في العالم في كل يوم.
 
والضحية لا أحد يسأل عنه وهو هذا الضمير الذي نام، والضحايا هم هؤلاء الأبرياء الذين يدفعون ثمنا حارا من دمائهم وتنقصف حياة أهاليهم من بعدهم ولا هم يدرون لماذا عليهم أن يموتوا منتفين أشلاء بسبب أن طرفين أو أكثر كل منهما أو منهم يدعي أنه يحارب الإرهاب.
 
اود أن أقول ان الإرهاب صار غطاء وصار وسيلة، ونحن نحذر بان تفسيرا غيميا ضبابيا لهذ الكلمة سيؤثر في أجيالنا لابد أن يعاد تفسير هذه الكلمة حتى نوقع أجيالا في تيار صعب نغرق فيه ثم لا ندري هل نحن مع الإرهاب أم ضده؟ نرغب فعلا بتنشئة هذا الجيل الحاضر والأجيال القادمة على إيضاح الارهاب كصفة وكمعنى، والإرهاب كفلسفة تبريرية، والإرهاب كعمل حركي.
 
ونحن نعتقد أن الإرهاب كلمة مفهومة جدا، ولن أغوص وإياكم في بحر من التفاسير المغرقة بالعمق فهذه يتحفنا فيها كثير من الكتاب في كل وسيلة إعلامية ولكني سأضرب مثلا لا يعبر عن سذاجة ولكن عن البساطة والسهولة والمنطق الأخلاقي في التعامل بين الناس.
 
وهذا مثل نقيس عليه الأشياء مهما كبرت وتعقدت، وأريد أن أقول لكم شيئا في التأكيد أنه لا عقيدة على الأرض تحبذ الإرهاب أو تدعو إليه إلا إن كانت عقيدة أرضية موضوعة ممن يسكنهم الإرهاب ومدارسهم كثيرة وعمت أرجاء الأرض، ودفعت الشعوب دماءها ثمنا لها.
 
وعندما نتكلم عن العقائد فإننا لانرى بحكمنا كمسلمين، إلا هذا الدين الذي اسمه من السلام والسكينة، فإذا هو هذه الأيام بيرق أسود يحمله من يضج في قلبه عواء الوحشية فيتدثر بهذا البيرق وما هو لنا من قريب ولا من بعيد، ومن جهة أخرى العالم الغربي واليهودي الذي صار يصنف الإسلام بأنه دين إرهابي أو أنه يدعو للإرهاب، أما الذي يقتلنا غيضا فهو أن بعضا منا هم من المصدقين، وبعضهم اعتلى المنابر لكي يرمي على رؤوسنا هذه الشظايا.
 
والمثل يبدأ في التعامل الأولي بين الأفراد فلو أن فردا أخذ حجرا لأي سبب وقذفه على رأسك فهذا عمل إرهابي مهما كان المبرر مادام أنك لم تعتد عليه جسديا وهذا إرهاب صرف إن رددت عليه بنفس الطريقة فأنت هنا لست إرهابيا ولكنك سمحت ببدء معركة سيدفع كل منكما ثمنا باهظا جرائها، إن أخذت الطرق والإجراءات القانونية فأنت هنا رجل عاقل متمدن يطالب بحقوقه وهناك حكومات تنكل بناسها وهذا إرهاب، إن ثاروا واحتجوا فهم يطالبون بحياتهم الكريمة.
 
إن دمروا بلدهم بالتفجير والعمل الظلامي فهم يحشرون في نفس الصفة الإرهابية وهناك الذي يسرق نهارا جهارا فهو إرهابي ولا تجوز صفة أخرى عليه والذي يدعم هذا النوع الفاضح من الإرهاب فلا بد أن ينحشر في صفة أعلى من الإرهاب إن وجدت! إن قاوم المسروق بأي طريقة وسميته إرهابيا.
 
فهنا ضاعت الكلمة بل إن اللغة بكاملها أصيبت بعمل إرهابي مع كل ما قلناه ، ومهاجمة من لا ذنب لهم والغافلين والأبرياء فلا نجد تفسيرا آخر للإرهاب غير هذا.
 
د.ناصح