إلى أعزائي الشباب لماذا تكون الكثرة الساحقة من الناس فقيرة، معدمة، متواكلة، ومتكلة ، بينما ينجح القلة في صناعة النجاح والتقدم والازدهار في الأعمال وفي الحياة.
ولماذا تتأخر أمم لتكون مجرد قاطرات مسحوبة لاحول لها ولا قوة ولا اقتصاد، تجرها قاطرات الأمم المتفوقة القوية توجهها كيفما تشاء وإلى أينما تريد؟ السبب لأن الواقعين في دوائر العجز والتأخر وضعف الكسب هم من مشتهي الغرق في الآمال البعيدة وأحلام اليقظة.
هؤلاء المتطلعون للحياة الراغدة بدون أن يبادروا ويشمروا للعمل يعرضون أنفسهم للازدراء والمقت من الآخرين الذين يضطرون للصرف عليهم وإعانتهم ، وهم لا يحاولون حتى الشرب من النبع الذي يؤخذون إليه.
أجد كثيرا من الشباب يتعطلون في الشوارع والأسواق ويضيعون أوقاتا من أزهى فترات أعمارهم، ينتظرون أن تأتي الأموال من السماء أو تنبت على أوراق الشجر بينما لو هم قضوا هذا الوقت بأي عمل جدي وبذلوا فيه الجهد والعرق فإنه سيثمر وينمو وبدون الاعتماد على أحد إلا الله.
لذا تجد هذه النوعيات الخاملة الطموح تقتل الوقت الباهظ الثمن والذي يتسرب ولا يعود، في التذمر والانتقاد وكأن على العالم أن يدللهم، ويحملون مشاكلهم على حكومتهم وأسرهم و مجتمعهم ثم يقعون فريسة هذا الخمول، وفقد همة البحث والجد والإنجراف نحو المشاكل النفسية التي إن بدأت فهي لاتنتهي.
أعزائي الشباب : أفضل علاج للعقل والنفس والملل هو العمل والغرق فيه فهو من المتع المتعبة ولكنها التي تعطيك معنى للحياة، لا تنتظر الأشياء بل اسع إليها ، ولا تكن متدللا متخيرا فإن الواقع لا يدلل ولا يخير ، ولا يحدث التغيير إلا الإقبال على طلب الرزق مهما كان، مادام لا يمس الخلق القويم ولا المسلك الشائن ، فالعمل هو تاج الشرف، ولا تأبه لمن ينتقدون المهن والمباشرة اليدوية في الأعمال فهؤلاء وظيفتهم في الحياة أن يعرقلوا مسيرة الحياة ، ولو توجهت لهم في المساعدة لولوا الوجوه.
أنا سأقول لكم شيئا يا أعزائي، نعم أنا أؤمن بأن الكنوز موجودة على الأرض، ولكنها الكنوز التي لا تجدها إلا بعد الكد والمثابرة والجد في العمل، وكلما كان العمل أكثر مشقة كان الكنز أكبر قيمة لا يُجمع الحصاد يا أعزتي إلا بعد البذر والحرث والتضحية من الوقت الخاص والمتع الخاصة.
أني أرى أن العاملين في الحياة هم الذين يعرفون أن الله أسبغ على الأرض كل النعم ولكن كل نعمة تتطلب قيمة من الجهد والتعب ولنتعلم من الناجحين في كل مجال على هذه الأرض، في العلوم وفي الفكر وفي الصناعة وفي التجارة وفي المناصب ستجد أنهم مضرب للمثل في العمل والمثابرة ما حصلوا عليه كان سباحة في عرقهم ، ومضيّا في عز ومهم وسعيا لا يعرف استسلاما ولا تراجعا ولا ترددا، بل جزما نحو الهدف لا يحيدون عن طريقه.
الآن بعد أن عرفنا قيمة الجهد وهي الحقيقة العملية في وجودنا يا أعزائي، فلنضم الأمل ونبتهج ونتفاءل لنتجه للعمل بقلوب طافحة بالإصرار على المضي في الطريق الموجه للأعمال بهذا فقط سنتفهم الحياة بشكل أكبر ، وسننضج عقلا وإدراكا ونقيس مدى قدراتنا وهنا سنتحكم في حياتنا لنقودها إلى مستقبل مليء بالصحة والسعادة والثقة بالنفس وبالكرامة!