مقتطفات الجمعة 206

سنة النشر : 14/01/2011 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 206 .
 
حافزُ الجمعة: نجري وراء البطولاتِ ولا نحققها، أو نحققها ثم تفِرُّ بعيداً وهذا أكثرُ ضعفاً. يجب أن يبرز في الساحةِ الرياضية – بل في كل ساحة ـــ أبطالٌ يصنعون أبطالاً يستطيعون صنع البطولات!
 
الشبابُ لا عيب فيهم إلا بما يفرضه الموضوعُ أو الظرف، فلا تزج شبابا في معمعة تحتاج التجربة الزمنية لأن الزمن بعد لم يعطه دروسه، لذا نحتاج إلى مدرب خبير خبرة الزمن ليدرب شباباً لتوهم يضعون أقدامهم على عتبات الزمن، ولا لوم عليهم إن أديروا خطأ أو تم توجيههم بحذاقةٍ أقل، هذا من الناحية الموضوعية. ومن الناحية الظرفية لا يمكن أن تدفعهم لمنافسة من دون أن تكون البنية التحتية الذهنية والفيزيائية ثابتة ومتينة. من أبواب البطولة النظر في ظرف وموضوع البطولات!
 
شخصية الأسبوع: لا يمكن أن يخفى شعاعُ الدهاء الممزوج جيدا بذكاء معرفي واجتماعيين برّاقين في عينيه الرماديتين الميالتين للزرقة، إنهما عينان لطيفتا المكر وباسمتان باختراق، وستعرف أنه سيخترقك بهما، ولكنه اختراقٌ لطيفٌ، اختراقٌ مثل الدغْدَغة. وهو بَرْقي البديهة يقول الجملة ويتلمس الأجواءَ والعيونَ ثم يحولها وهي في انطلاقها التَوِّي إلى جملة ترطب الجوّ وتريح لمحَ العيون.. مهارة فريدة، كمهارة تحويل الرصاصة المنطلقة، لتتحول لزهرة مرشوقة.. بالسرعة ذاتها! والأعجب أنهما يصلان معا، فلا تدري أتتجنب الرصاصة أم تلتقط الزهرة. ستعرف الدكتور "عبد الرحمن الشبيلي" حقيقةً ليس من تاريخه الفكري والوظيفي الاجتماعي المتخم، بل من رؤيته، يعمل. يعمل جادا دقيقا اجتماعيا في الأداء وكأن الناسَ معه، وإن رأيته في جمعية صحية كالتي تعتني بمرضى الزهايمر، أو يترأس مجموعة عمل استشارية للآثار والسياحة نفس الجدية والدقة والمهارة الاجتماعية. صفاتٌ جهزته بدرع كارزمائي ضد الاعتراض، بينما تمكنه أن يرسل كل اعتراضاته بآلية الزهرة والرصاصة، فتسود له القيادة ومن يقود. عندما تقترب من الشبيلي فلا مانع أن ترتدي صدرية واقية من الرصاص، وأن تتأكد أن أنفك مستعد بكل خلاياه لالتقاط ما تُعطـِّرُ به الزهور. وبنظرية البطولة هناك نتيجة عبقرية لرصاصة وزهرة الشبيلي: سيخرجك بطلا بمرونة تجنب الرصاص، وبدقة التقاط الزهور.. معاً!
 
حضارات في تاروت: لما وصل الإسبانُ واكتشفوا حضارة الإنكاس، بهروا بعظمة إنجاز تلك الحضارة ــــ ثم طبعا قضوا عليها بغباء وطبع الفاتحين المتوحشين. ولكن "الإنكاسيين" اكتشف علماءٌ الأركيلوجيا أنهم قضوا على حضارة أعظم ـــ وأرجو أن يأتي وقت أحدثكم عنها بتفصيل ـــ ولو لم يكتشف العلماء طوطما لامرأة لما عرفوا تلك الحضارة. في جزيرة "تاروت" من المنطقة الشرقية من بلادنا أملك إحساسا اركيلوجيا أنها كانت تملك حضارة قبل الحثيين وقبل الأكاديين فيما بين النهرين، قبل أن يسجل التاريخ، ما عثر عليه يدل على زيارات للفينيق والسومريين، ولكن هل سألنا لم كان يذهب أهل الحضارات القديمة تلك إلى جزيرة تاروت أو غيرها؟ في رأيي، أما من أجل حضارة أخرى مزدهرة التجارة فيأتي الناس للتبادل التجاري، أو متفاقمة القوة فتاتي الجيوش للحرب.. ربما كانت هناك حضارة سبقت حضارات ما بين النهرين في تاروت.. أو أنها انطلقت عبرها. ربما "تاروت" تحوي شيئا في طبقاتها التحتية أثمن من النفط!
 
كتاب الجمعة: عندما تقرأ لعالم متأدِّب فتوقع أن تقرأ أجمل وأدهش ما يُكتب والأبعد عن الملل. "إسحق عظيموف" العالم والكاتب العلمي للخرافة المستقبلية العلمية عندما يكتب بحثا في الفيزياء أو الفلك أو البيولوجي لا تريد أن تقف السطور، بل تدمع عيناك من فرط رومانسية تضافر الحقائق الكونية يحملها قلبُ العلوم. "د. مارلين زوك" البروفسورة لعلم البيولجيا تكتب كتابا عن المرض والجراثيم والطفيليات من أكثر ما قرأت جاذبية في البحث العلمي، ومن أرق ما قرأت في الرومانسية حتى أني رغبت أن أضم ميكروبا أو طفيلية من طفيليات وأقول لها: سامحيني! إنها تشرح بكتابها طلسم الحياة Riddle with Life وأستسمحكم أني ترجمت كلمة "ردل" بـ "طلـْسَم"، لأنه باعتقادي هذا ما تعنيه في موضوع الكتاب، إنها وبمنطقية غرائبية المنطق تُآزرُ بيننا وبين هذه المخلوقات المجهرية وتثبت ببساطة أننا لا نحيا دونها، ولا هي تحيا دوننا.. وستتعجب من كمية المعلومات البيولوجية والطبية والكيماوية والنشئية التي بعقل هذه المؤلفة، ثم كميات مسكوبة من رومانسية آسرة، جعل "مات ريدلي" ــــ تعرفونه ربما، وتحدثنا هنا عن كتابه "جينوم" عن الخريطة الجينية ـــ يقول عن الكتاب: "أمسح دموعي وأقول لكم: سآكل قبعتي إن لم يعجبكم هذا الكتاب". وأقول: سآكلُ طاقيتي إن لم يعجبكم!
 
والمُهم: ما جرى في الأردن والجزائر وتونس من فوضى ومظاهراتٍ لن تنتهي، وأقولها للحكومات بصراحة، إنها مثل "هيدرا" الأسطورة الإغريقية تلك الأفعى العملاقة المتعددة الرؤوس التي تنبت رأسا كلما قُطع رأسٌ جديد. ستتفاقم المشاكل والمظاهرات، وستتعدى تلك الدول إلى دول أخرى فً"هيدرا" المريعة كانت تجيد الزحفً والتمدد.. على الحكومات قتل بيئة تنمو فيها هيدرا، بيئة متحدة من عناصر أربعة: الفقر، البطالة، الغلاء، والفساد.
 
في أمان الله..