مقتطفات الجمعة 175
سنة النشر : 11/03/2010
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 175 .
حافزُ الجمعة: لن نتعلم الوصولَ إلى الهدف المنشود مافتئ تركيزُنا مصبوبا فقط على الهدف المنشود. يجب أن نضع الهدفَ المنشود ونعرّفه ونحفظه ثم ننساه تماما لنركّز على الوسائل التي توصلنا إلى ذاك الهدف، حينها لن نرتعب عندما يكون الإجراءُ ناقصاً أو خاطئاً أو حتى مُعتّلاً، لأننا نمضي في الطريق للهدفِ فيعترضنا حائلٌ، وتعرقلنا حجرةُ عثرةٍ، وتبطئنا مشقةُ الصعود، وتدفعنا الانحدارات الحادة، ولكن في المنظورِ العام سنصل متى عزمنا ألا تخذلنا العقباتُ مهما تتابعت وتصاعدتْ، وألا يكون همُّنا أثناء الطريق أن نشرئب بأعناقِنا ثم نتحسّر بأننا لم نصل للهدف. متى قمنا بذلك فسنصحو يوماً ويكون الهدفُ أول ما يطالعنا بسطوع مع أول إطلالة فجر ثم نبدأ طريقاً لهدفٍ آخر..
رأيُ الأسبوع: يوم الأحد الماضي كان موعدُ الكلمةِ الملكية السنوية في مجلس الشورى السعودي، والتحدث عن ما ورد في الخطاب الملكي تناوله الكثيرُ من الكتابُ وأصحابُ الرأي والمحللون في كل مكان على الأرض، وسيستمر هذا. ولكن الذي أتلمسه هنا هو الرمزُ وراء الخطاب السنوي في الشورى. برأيي، وانطباعي كمواطن بأن الملك هنا يخاطبني أنا شخصياً، كواحد من شعبه، كواحدٍ هو مسؤولٌ عني، كما أنا مسؤول تجاهه بخدماتٍ وواجباتٍ لبلدي. إنه يخاطب الفردَ ضمن الجموع، وهنا الرمز، ليس خطاباً لقضيةٍ بذاتها، ولكن لعدة قضايا، إذن فهو ليس خطاب موضوع، وهو ليس خطابا لمسألة تشغلنا في وقتها، فإذن هو ليس خطابَ ظرفٍ، وليس خطاب حالةٍ بعينها سياسية أو اقتصادية.. إنه خطابٌ شاملٌ للأمة، معنيٌ بها أفراد الأمة، ومعني بها كل فرد يعي معنى كلمات الخطاب.. إنه خطابٌ لنا، يتحاور معنا، يوصله لنا قبل أي غرضٍ آخر، ومن هنا كان الخطابُ السنوي في المبنى الذي يمثل الناس.. بيتُ الأمّة.
ولكن.. هل «مجلسُ الشورى» يأخذ الآن الصفة الكاملة لنطلق عليه «بيت الأمّة». هل هو فعلا وواقعاً يمثل الشعبَ؟ هل هو حقـّاً محط آمالِ وأحلام وآراءِ الناس؟ هل قام دليلاً بما أراده الناسَ وما حلموا به؟ بل هل حقق كاملا معناهُ الاستشاري؟ هل يملك صفة الاستقلال التشريعي الحقيقي لينقل للملك الرأيَ المستقلَّ الصريحَ بلا مواربةٍ، ولا مُراءةٍ، ولا تحسّس قبل الطرح؟ لو قلتُ إن كل ذلك تحقق لما صدقتموني، بل أنا لن أصدق نفسي. وهنا نعود لحافز الجمعة كمقياس، نحن ما زلنا في الطريق نحو الهدف المنشود، تلك المُثـُل التي ذكرناها هي تحقيق الأهداف، وذاك ما زال ليس قائما بتمامه ولا بأس، فليس المطلوبُ تحقيقها كلها في مدة صارمة من الزمن، ولكن يبقى السؤالُ الذي يجب أن يعترف به مجلسُ الشورى، وأن يعيه الناسُ أيضا، هل «الشورى» يمشي على الطريق الصحيح للهدف الصحيح؟ ذلك هو ما يجب أن يقاس كقياسِ مراقبة الجودة أثناء تصنيع أجزاءِ المنتج في حزام التجميع قبل أن يكتمل منتجا يؤدي كاملَ وظيفته.. على أن موقعي في الشورى لن يجعل إجابتي علمية محايدة، فأترك ذلك لأصحابِ الرأي العادل المتروّي.. أنتم.
وبمقال ظهر في السادس من الجاري للكاتب المعروف في جريدة «الحياة»، والمشتغل بالشأن الوطني، الأستاذ «عبد العزيز بن أحمد السويد» ملاحظة تقع في هذا الذي عالجناه بالمقتطف السابق وربما شرحته بدقةٍ واقعية، أوردَ بهِ: «شدّد مجلسُ الشورى على تمكين وزارة الاقتصاد والتخطيط من الحصول على المعلومات والإحصاءات اللازمة لأداءِ المهام المناطة بها»، طيب يا الربع لماذا لا يذكر بشفافية من الذي يصر على عدم تمكين الوزارة من المعلومات؟ وهل يستطيع المجلسُ الاطلاع عليها لو رغب؟ كم من مطالبة طالب بها الشورى ولم تحقق مطلباً!» إذن هنا انتقادٌ واقعيٌ على الإجراء وليس الهدف، إنه يقول بدقة، ويسأل، ليس عن الهدف وتحقيقه، ولكن في واحدة من الإجراءات التي يجب أن تكون صحيحة أثناء الطريق، بل هي أقل ما يجب توافره: معلومات الطريق! ولن أتطرق أكثر لما قاله أستاذنا السويد، أما السببُ، فمذكورٌ أعلاه!
الذي كتبته «نانسي جيبز» في عدد الثامن من مارس الجاري بمجلة «التايم» الأمريكية جعلني أتقلبُ في منامي، وأتجادل في اليقظةِ مع سهو أفكاري. المقالُ بعنوان «الحربُ في الداخل The War Within»، والعنوانُ الفرعي هكذا: «إن الخطرَ المٌحْدِقَ بنساء الجيش الأمريكي ليس فقط أخطار الحرب، بل من خطرٍ آخر أيضاً. ما ذاك الخطرُ؟ انتظروا مقالَ الغد.. ولا مانع أن تساوركم أكثر الأفكار تطرفا، أو أن تتسلـّلوا إلى مقال السيدة «جيبز»!
في أمان الله..