مقتطفات الجمعة 143
سنة النشر : 26/06/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلاً بكم في مقتطفاتِ الجمعة رقم 143 ، أرجو أن تنالَ رضاكم.
تجاوبُ الأمةِ مع قضية عائشة: ونعني بها "عائشة الخالدي" مريضة مرض الرحمة التي كتبتُ عنها هنا، السبت الماضي، مقالاً بعنوان : "لم أعد أحتمل". أينما أذهب إلا وأجد من يستوقفني ويحدثني عن عائشة. في رحلةٍ لِـ "طيران الخليج"، تقدمت مضيفةٌ عراقية، وقالت أنت تشبه فلان، وقلت لها وما الذي تعرفينه عن فلان: قالت إنه الذي كتب عن عائشة، فقد وصلني المقالُ على بريدي الإلكتروني، ثم أخبرتي أن عائشة كانت حديث الطاقم المتوجه لباريس كل الرحلة، وأن مضيفا بحرينياً بكى لأن أخته كانت تمر بذات الظروف. وفي مجلس الشورى يستوقفني الأعضاءُ والموظفون ويسألونني عما تمّ في مسألة عائشة. وأنا في طريقي عبر بوابة مجمّع مقرّ الديوان الملكي، ومعي الأخ "خميس" مرافقي وصديقي الدائم، فإذا الجنديُ ينحني وبوجهٍ امتلأ إنسانية يقول لي: "لقد قرأت مقالـَك عن عائشة وكل عائلتي تدعو من أجلها". وبالأمس اقترح علي الأخ "خميس" أن نأكلَ، ونحن في الطريق من الرياض إلى المنطقة الشرقية، في مطعم شعبيٍّ على الطريق، ولما شرَعْنا في الأكل تقدمتْ عُصْبةٌ من الإخوة اليمنيين، وقالوا: "ألستَ فلانا؟ لقد هزّنا والله موضوعُ عائشة، ولو اهتدينا لك بأي طريق لعرضنا كل ما في وسعنا للمساعدة، وها هو اللهُ يقدّر لنا اللقاءَ، فأمر بما تريد". ومررنا بشارع فيه مجموعة من الإخوة السودانيين الذين يتلقون الأعمالَ، بسطاء ولكن العظمة البشرية وقوى الرحمة فيهم باتساع السماء، وقالوا إن عائشة أختهم وإنهم يدعون من أجلها. وفي أحد الفنادق في دبي، تقدمتْ امرأة إماراتية وبناتها.. ومعي مجموعة من مثقفي الإمارات، وكانت عائشة هي الدافع وهي الموضوع.. ولو استمررتُ فلن أنتهي.
الرسائلُ الإلكترونية: رسالةٌ من شابّةٍ أرفقتْ الاسمَ كاملا، وأشيرُ إلى الحروف الأولى: م. ل. س، وكتبت: " أنا مصابةٌ بمرض الرحمة - على رأي والدتك حماها الله - وكنتُ مستسلمة قلقة، وكثيرةَ الغضبِ، ولا ألتزم بمواعيد العلاج الكيماوي الذي صار فيما بعد إشعاعيا، كنتُ في داخلي أنتظرُ الموتَ.. والآن، أتعرف لماذا أريد أن تمتدَّ بي الحياةُ؟ فقط كي أغادر هانئة بأن في بلدي الرحمة للرجوع عن قرار إيقاف علاج عائشة.." ورسالةٌ من رجل الأعمال والمثقف عبد العزيز الجهيمان:" إن الجسرَ الذي أوصلك لمقاعد مجلس الشورى هو صوتُكَ الإنساني، أنينُ وصدى كتاباتك التي قرعَتْ أجراسَ الإنذار في كل مكانٍ وأيقظتْ الإنسانَ داخلهم، ومن لم توقظهُ اليوم حتماً ستوقظه غدا أو بعد غد، نرجوك ألاّ تستسلم، واستمر في إسماعنا صوت عائشة الخالدي وغيرها علّ وعسى أن ترقَّ القلوبُ بعد أن قسَتْ .لا يعلم بحال عائشة الخالدي أحدٌ أكثر منك فأنت تعلم مدى الألم الذى تعايشه، وما بالك عندما يُتـَوّجُ هذا الألمُ باليأس؟ نرجوك أن تُسمع العالمَ صوتَ عائشة الخالدي.. وأطلقها مدوّيةً نيابةَ عنها:أنقـذوني!". وهناك رسائل بالعشرات.
مكالمات: ومكالمة من "نبيل عفيفي" مصريٌ مقيمٌ بالرياض: " لقد جُهدت حتى عثرت على هاتفك، أبشرّك بأننا مجموعةٌ متدينة وندعو اللهَ في أواخر الليل وبواكير النهار، ونكرس الدعاءَ من أجل ابنتنا وأختنا المسلمة عائشة". ومكالمة من هـ. م. م، ممرضة سعودية بمنطقة القطيف:"أرجوك رجاءً أن تبلغ أهل عائشة إن تمّ إحضارها للمملكة في أي مكان فأنا سأكون حاضرة من أجلها وسأسهر على راحتها ليل نهار." ومن رجل أعمال، لم يسمّ نفسَه: "هل المسألة مسألة مال؟ إن كان، فأبلغني على هذا الرقم وأحرصك إن عرفتني لأي سببٍ ألا تُعلن عن شخصيتي". ومن السيدة ت.ل. ن من مكة المكرمة:"لدينا أموالُ أوقاف إذا احتجتم فأبلغونا، ودعَتْ لعائشة كثيرا". ومن الكويت الدكتورة م. ن. غ: " أعطني عنوانها، وسأسافر إليها حالاً إن تطلب الأمرُ، وسأتفاهم علميا وإنسانيا مع الجميع.. وعلى حسابي.".. آه.. لن يكفي المكان.
الردود: رجاءً، إرجعوا لردود القراء الأعزاء بموقع المقال :"لم أعد أحتمل"، ردودٌ تهز الجبلَ الصخري من أعماقِهِ، فكيف لا تتحرك القلوبُ الرطبةُ من أعماقِها؟
وقفة تأمّلٍ: لا أستطيع أبداً أن أشكّك في رحمةِ قلوب من في وزارة الصحة، ولا أستطيع أن أشكك أبدا في جمعيات السرطان المنتشرة في البلاد.. ولكني أشك بضعفِ انتشار مقالاتي، وألا لمَ لـَمْ أتلقـّى ردّاً واحداً منهم؟ لا يمكن أن يكون السببُ قلةَ الاهتمام والاكتراث. أعوذُ بالله.. لا يمكن.
وكنت أتابعُ برنامجاً حوارياً في محطة " الأمل للسرطان" الأمريكية، وإذا بالكاتب ومقدم البرامج "مايك جريينبرج" يقول: "لو تمّ تمويل أبحاثِ السرطان بشكل كافٍ، فلن ينتهي العقدُ القادم إلا وهناك علاجٌ نهائيٌ للسرطان."
" كلنا على هذا الدّربِ، يا أخي، المهم من يرحل وضميرُهُ مرتاح."- عبدالله العلمي.
في أمان الله..