مقتطفات الجمعة 136
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
تبودلت التهاني والتبريكات وحفلات الاستقبال بمناسبة عضويتنا في منظمة التجارة العالمية.. وبما أننا حتى الآن لا نعرف كثيرا من دخائل اتفاقيات وترتيبات التهيئة التي منحتنا بطاقة العضوية، فإن الوحيدين الذين سيكونون فرحين بهذا الانتصار، هم الفرقة التي فاوضت بماراثون طويل للحصول على منحة العضوية. نرجو ألا يكون بعد سنين أعضاء الفريق المفاوض.. هم فقط الفرحين الوحيدين!
الاتفاقية مع الولايات المتحدة تتطلب أن نشرع أسواقنا لمزيد من المنتجات الزراعية والصناعية، وفي مجال الخدمات مثل البنوك، والاتصالات، والطاقة، والنقل السريع، وقطاع الفنادق والمطاعم.. في كل قطاع مذكور هنا.. تملك الولايات المتحدة أكبر قوة عالمية للانتشار والتطور التكنولوجي والوصولية عبر القارات.. هل قلنا لجماعتنا ذلك؟ .. والقول الذي أقصده هو قبل أن تقع الفأس على الرأس. ويصر محللون على القول إن هذا يعزز الثقة بالاقتصاد السعودي، ونحن نتساءل بعد عقد من الزمان.. هو ليس ما سيحل بالثقة، ولكن ما الذي سيحل بالاقتصاد؟
ويكتب السيد "قينان الغامدي" مقالا في "الوطن" في 16 الجاري بعنوان "اشرحوا لنا الاتفاقية"، ويصف نفسه بالجهل الاقتصادي، وإن كان الجهل بهذا التألق الذهني.. فنريد من ذلك الجهل حصة. ويطرح سؤالا مليئا "بالجهل العبقري" حين كتب:" لكنني أتساءل: لماذا لا تنشر نصوص "الاتفاقية" بالعربية الفصحى، ويتكرم أعضاء الفريق المفاوض ومعهم المختصون فيشبعونها توضيحاً وتحليلاً، حتى يستوعبها الجميع، لا سيما وقد أصبحت أمراً واقعاً لا مفر منه، والمواطنون هم الذين سيواجهون نتائجها، وليس المسؤولون عنها فقط. إنني أرجو أن يكون السيد العلمي أول المبادرين إلى تلبية هذا المطلب، وبالتفصيل الممل، راجياً منه أن يلتمس عذراً لجهلي بدهاليز الاقتصاد واتفاقياته".. لا تقلق يا سيد قينان، ستكون هناك مكاتب عالمية في أسواقنا لشرح ما تريد!
ويكتب السيد سعد الصويان في "الاقتصادية" 15 الجاري مقالا بعنوان "الجهاد ضد من؟!" لافتا في اصطلاحاته ولغته وما نسميه الذائقة العامة، فعندما تتطرق لموضوع يمس حدود الدين فالوقار مطلوب حتى لا نقابل الخطأ بالخطأ، ولا التشنج بالاستهزاء.. فما عرفنا الاستهزاء إلا وقودا يزيد من السعير سعيرا.. لذا أكبرت من كاتب قدير، ناصع الأسلوب أن يأتي بجمل مثل:" الخليجيون متعلقون بشيئين في هذه الدنيا الفانية: البطيخ والأشرطة الدينية" والسخرية واضحة أولا في استخدام الوصف الديني للدنيا ( الدنيا الفانية) ثم مقارنته الأشرطة الدينية بالبطيخ. هذا أسلوب تحريضي لمن يقرؤه من محبي الأشرطة الدينية على العموم.. زائدا أن الذائقة العامة الدينية في مجتمعنا لا تقبل أن تحشر معانٍ دينية في سبيل الاستخفاف، مهما كان القصد طيبا- ولا نثق إلا أن الصويان كذلك- إلا أن كنتُ قد أسأتُ فهم السيد الصويان حيث لم يكن يريد النصح وإنما السخرية لذاتها.. أما ما أورده أن الجهاد إنما هو نتاج للفوبيا الجنسية.. فهذا ما لن أخوض فيه في جريدة رصينة. كما أورد الصويان أن الجهاد حالة ذهنية معزز لها بالوصف الإنجليزي State of mind وهذا في رأيي يدل على عدم تصور لمفهوم اصطلاحات اللغة الإنجليزية، لأن الجهاد أو أي معتقد ديني، فكري، أو أيديولوجي ليس حالة ذهنية، إنما نطلق الحالة الذهنية على القيم المطلقة وارتباطها بالشعور الداخلي كالسعادة والشجاعة ورؤية الحياة. ولم يكن الصويان في حاجة إلى لإدراج المقابل الأجنبي.. إلا إن كان نصحه سيصل إلى الطرف.. الآخر!
تطرقنا في المقتطفات السابقة إلى الفوضى التي تعم فرنسا، وأشرت إلى أنها قد تكون الثورة الثالثة في التاريخ الفرنسي القريب بعد الثورة الفرنسية، ثم ثورة الطلاب أيام ديجول.. وقلتُ إن الحرائق والشغب هي أقصر الطرق لحرق قضية عادلة. وتأكيدا على الاهتمام بالإنصاف نورد بشكر وتقدير ما قاله السيد شيراك الرئيس الفرنسي طبقا لما نشرته الـ "واشنطن بوست" في 15 الجاري، حيث أصر على عدم تصعيد المواجهة إلى دخول الجيش، وهي حكمة لتفادي حرب مدن، وأصر أن هذه المظاهرات تدل على مرض متأصل في الحياة الفرنسية، مرض اسمه "العنصرية السامة" ضد الأقليات. ونقول للرئيس الفرنسي: إن من يعرف السم، سيعرف كيف يجد الترياق. فيفا لا فرانس!
كتاب الجمعة: لكم أود من القارئ الكريم أن يقرأ هذا الكتاب المفيد "العقل والدماغ "Mind and Brain مفسرا بلغة بسيطة اللغز الغامض هذه الكتلة الكهربائية الإسفنجية التي لا تزيد على ثلاثة أرطال داخل جمجمة كل منا.. الدماغ! سيأخذك المؤلفان البروفسور آنجس جيلاتي ومعه الرسام العلمي الإيضاحي "أوسكار زاراتي" إلى رحلة لن تنساها إلى دماغك.. أول ما تجد في الخطوة الأولى من الرحلة هذه العبارة:" هذا الكتاب حول عضو حيوي هو الدماغ، وعن وظيفته.. العقل". رحلة موفقة مع دماغك.. أرجو أن تعودا معا!
وفي المقتطف الوداعي أود أن أبث إعجابي برسام الكاريكاتير فهد الخميسي، على عمله المتقن وتفوقه في خطوط شخصياته المتفردة شكلا عن باقي الرسامين، ثم تركيزه على الأنف كمحور للوجوه (علي أن أخبئ أنفي في الصورة!).. وهذا أصعب ما يكون على الرسامين، وأفكاره التصويرية التي لا تحتاج إلى ثرثرة كبيرة.. وأحيلك إلى رسمه يوم 16 الجاري عن الفرق بين مضارب الأمس ومضارب اليوم.. ستهتز كل كتلتك من الضحك.. قبل أن تدرك المعنى، فتستمر في الضحك.. أكثر!