مقتطفات الجمعة 131

سنة النشر : 01/05/2009 الصحيفة : الاقتصادية

 
التعاون مع الإمارات، كتبنا عنه وتمنيناه من مبدأ التحول من المنافسة إلى التعاون والانضمام في المشاريع المشتركة. وجاء أول الغيث هذه المرة.. غيثا بحد ذاته. فلقد تم أمس تدشين مشروع يجاور الخيال مع الإمارات عن طريق الشركة العملاقة الباهرة النجاح إعمار.. التي ستدور في المنطقة (والعالم) قريبا وهي تجر معها ما يوازي ميزانية دولة معتبرة. المشروع له فلسفة عملية كبرى سيثبتها مع الزمن، وهو أن النمو يحتم التغلب على القوانين الحسيرة النظر. في مشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية (أكبر مشروع من نوعه في المنطقة) وبمصروف قدره مئة مليار ريال فإن الموجة التطورية ستغمر كل قانون سيعترضها. وبحجم هائل للسعة التوظيفية تجاور النصف مليون، فإن لا قانون يغير الانفتاح وجذب الأعمال والعاملين من الخارج وإتاحة الفرصة للعامل السعودي ليس أن يجد الفرصة للعمل، ولكن أن ينضج مفهوم العمل لدى شبابنا عندما يرون أن مشروعا منفتحا على الدنيا يحتكون به مع عناصر بشرية عالمية، ولا سبيل للبقاء إلا بالسعي للأفضل. وسيقلب المشروع نظرتنا المحصورة في داخلنا فهي فرصة نطل بها على بوابات الجغرافيا لنذهب للعالم وليأتي العالم إلينا، ففي المشروع ميناء عصري سيكون من أكثر الموانئ استعدادا وتطورا، وسينشأ لدينا مفهوم المنافسة البحرية، وسنخرج من شرنقتنا في تناول العمل المينائي داخل حدود الموانئ لترحل القدرة التسويقية إلى كل بحر وميناء في العالم. هذا المشروع غير أنه بداية كبرى للتعاون بين اقتصادَيْن كبيرَيْن، ولكنه يحمل معه نقلة مهمة وتاريخية للواقع العملي الذي يتيح له المشروع بيئة لازمة للتفوق على الجمود والبيروقراطية والممارسات الإجرائية التقليدية. لقد بدأ الغيثُ.. بغيث!
 
ويكتب في جريدة "الرياض" وزير الصحة الدكتور حمد المانع مقالا عن تشغيل مركز القلب في مدينة الملك فهد الطبية، والمقال مليء بالتفاؤل والآمال، ونرجو أن يكون هذا التفاؤل وهذه الآمال أعمالا وإنجازات بعد سنوات. والمسألة تتعدى مجرد التفاؤل والفرح، فلابد أن الوزير وكل مشتغل في أمراض القلب، يعرف أن أمراض القلب قاتل رئيسي في بلادنا وفي العالم، نتيجة عوامل منها أن الناس هنا تمتد بها الأعمار مثل البلاد التي يجد بها الناس العناية الصحية والغذاء الوفير، ومع العمر تتداعى عضلة القلب، وعندنا أكبر نسبة في العالم من الناس الذين لا تتحرك فيهم إلا عضلات النظر، والفم، واليدين (في حالات محسوبة وصغيرة)، قلة الحركة تورث الوهن في القلب الضعف المناعي العام. كما أن موائدنا من أغنى الموائد بكميات الكولسترول غير الحميد وهو العدو الألد للقلب. الأهم، كما وعد الوزير في المقال، أن يكون هناك مركز للبحوث، ولا نأمل في بحوث تهز العروش الصحية في الدنيا، ولكن بحوث تتعلق بالنوعية المرضية المحلية، وطرق الوقاية منها قبل العلاج. ولقد نجح مؤتمر صغير أقامه مركز البابطين للقلب في غرفة تجارة المنطقة الشرقية وتبين للناس مدى وأهمية الإنجاز الذي صار في المنطقة بوجود المركز.. إن قلوب البلاد تنتظر نتائج المركز الموعودة.
 
وقبل أن نبتعد عن الشأن الصحي لمقتطفات أخرى أريد أن أسال عن مستهلكي البنادول، وهو أول ما يتبادر على ذهن مئات ألاف من أصحاب الصداع كل يوم، حول ما طار في الإنترنت ورسائل الجوال وحتى تحذيرات وزارة الصحة حول البنادول ذي التشغيلة رقم (050292) التي عرفها كل متعامل بعد أن كانت من طوايا الغيب.. ونسأل باستغراب وتوجس لأن المكتب التجاري الإقليمي للشركة الصانعة وزع إعلانا فخما بصفحة كاملة في كل صحف البلاد بأن لا صحة لما قيل عن خلل مواصفات العقار وخطره على الاستخدام الآدمي، وأكد الإعلان أن مختبرات الصحة أيدت ذلك. نريد الإجابة حالا، رجاء، قبل أن نضيف صداعا آخر لرؤوس مليئة بالصدوع!
 
ويفوز "رونالدينو" البرازيلي ولاعب برشلونة الإسباني " بمنصب" أفضل لاعب كرة قدم في العالم.. للمرة الثانية. وبرأيي أنه يستحق هذا المنصب ليس باقتدار فحسب، ولكن بتميز. ومنشأ هذا التميز أنه أفضل من يتعامل بالكرة انفراديا برشاقة طاغية في تاريخ الكرة، وكأنه والكرة تربطهما لغة وفيزياء وكيمياء واحدة. ثم أنه من اللاعبين الذين يمكن أن تغرزهم في أي موقع، ويؤدي كل الوظائف. ويتصف بشيء يحتاج إليه ليس نـُظـّار الكرة وعشاقها، ولكن العالم بأجمعه، وهو هذه الابتسامة الواسعة الدائمة، ولا تدري هل الفتى الأسمر ولد بسوما؟ أم أن عضلات فك الوجه لديه لا تتيح إلا مظهر الابتسام. المهم أنه أكبر الباسمين العالميين الكرويين.. وعليه أقترح على القائمين على المنتخب في هذا الوقت الضيق قبل ألمانيا، وتفاديا لتغيير المدربين (وهذه مغامرة كبيرة) أن يعينوا "رونالدينو" مدربا للمنتخب السعودي.. ولو عن بعد. أي بحصة يومية لمشاهدة لعبه وطرق أفانينه!
 
كتاب الجمعة: " إنها قصة توماس بيلو الذي خطفه القراصنة البربر المسلمين مع طاقم السفينة ليحكي قصة عذاباته كعبد ضمن ممتلكات السلطان المغربي "مولاي إسماعيل". قصة من الآلام والاحتقار والمهانة لمليون عبد أوروبي، هم ما يسمون بالجيل الأوروبي المفقود". فقرة نقلتها لك من كتاب لقصة تاريخية عن العبيد الأوروبيين في المغرب خاصة وفي الجزائر وتونس في أوائل القرن الثامن عشر حين كان الرجل الأبيض يسود العالم بلا منازع. الكتاب هو "ذهب أبيض White Gold"" للمؤلف التاريخي "جايلز ملتون "Giles Milton. والكتاب مدهش، وتشم فيه رائحة العرق وصرخات العذاب، والحنق، والحقد، والتملك، والأبهة السلطانية لمولاي إسماعيل، والمعمار المغربي، والقرصنة البحرية التي بدأت نواتها من مشردين تجمعوا في سلا والرباط منذ الفرن السابع عشر. وأنقل لك، ترجمة من الكتاب:" في العام 1610 قام الملك فيليب ملك إسبانيا بطرد مليون إسباني من المورو (العرب والبربر المسلمين) كفصل أخير من احتلال "الكفار" – أي المسلمين- لأرضه".
 
ومن تجمعهم في سلا والرباط، بدأت أكبر حملة اقتناص للأوروبيين، وأسرهم عبيدا، في مياه البحر المتوسط و وسواحل الأطلنطي، فيما عرفه الغربيون بالقراصنة البربر Barbary corsairs . الكتاب ممتع رغم انحيازه التام مع العبيد الأوروبيين (وهو انحياز مبرر حتى إنسانيا) وكثير من نظرته الجوفاء للإسلام (من انطباع ما نقل الكتاب من ممارسة النخاسين والملاك ورعاة قطيع العبيد).. قصة غريبة، قصية، وغامضة! "شخصية الجمعة": ريم الطويرقي!
 
.. مع السلامة!