مقتطفات الجمعة 128
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
كتب الدكتور عدنان الشيحة مقالا استثنائيا في "الاقتصادية" في 15 ذي الحجة، بعنوان: "لمجتمع سعودي من خلال تجربة خاصة" أسقط فيه تماسك المجتمع السعودي عبر وثائق عرى التعاليم الإسلامية والقيم الاجتماعية النابعة من التآلف والحب، وأورد شعارا يقسم به فرسان الهيكل وعصر التنوير في أوروبا: "الكل من أجل الفرد، الفرد من أجل الجميع" (أو كما كتبه الدكتور الواحد للجميع، والجميع للواحد) ليثبت أنها قيمة إسلامية، وذلك من تأمله لتواكب الناس لمساندته في فقدان والدته يتغمدها الله برحمته. ولقد كانت رؤية الدكتور صادقة بعاطفته الخالصة، وأملا نشدو له كلنا "الكل من أجل الفرد، الفرد من أجل الجميع".. رحم الله أم فيصل الشيحة، ولقد منحت حتى في رحيلها عطاء لابنها عدنان بهذا المقال المُفصِح .. الأمهات في الحياة وفي الممات، لا يتوقفن عن العطاء.
وهذا خبر رائع قرأته شاع في الإنترنت أنجزه فردٌ سعودي لجميع السعوديين .. رائع حقا. طفل سعودي من الأحساء يفوز بأهم جائزة، كما أقيسها، تدل على الذكاء والمثابرة الإنسانيين. الولد العبقري عمره لا يتعدى الخامسة عشرة من مدينة المبرز ما زال يدرس في الصف الأول الثانوي ويأتي لعالم التكنولوجيا الرقمية كفاتح علمي يعيد ترتيب ساحة البرمجيات لتبزغ شمس جديدة من بين سعفات النخيل إلى وادي السليكون، جنة البرمجيات في أمريكا وكل الدنيا. المسابقة في تصميم المعلومات أقامتها هيئة وادي السليكون على مستوى العالم، ولدنا جعفر وضع الجميع خلفه وتربع على قمته وحيدا عن منافسيه. "هذا الولد النادر هو ألماسة نادرة." وهذا ليس وصفي وإنما ما وصفه به ملك البرمجيات في العالم "بيل جيت" الذي تبناه علميا حين قررت "مايكروسوفت" تحمل نفقات الطالب للدراسة والإقامة في الولايات المتحدة لثماني سنوات.. هذا الشاب هو الذي يرفع رأسنا عندما "يرعب" الجميع في عالم البرمجيات. وهذا الوصف ليس من عندي.. ولكن من بيل جيت أيضاً!
السبت 14 الجاري كتب السيد خالد المالك في جريدة "الجزيرة" مقالا بعنوان:" قناة الجزيرة!!" ومحمد آل الشيخ بنفس اليوم وبنفس الجريدة مقالا بعنوان:"أليس في قطر (القناة) رجل رشيد؟). وفي كلا المقالين يلوم الكاتبان قناة الجزيرة لوما شديدا على تحاملها على المملكة. كتبتُ أكثر من مرة أن كل كلمة نكتبها ضد "الجزيرة" هي من دون قصد (طبعا!) إنما إشاعة لذيوع القناة، وتحميس للناس لمتابعتها، وتشديد على أخبار نقلتها أو تعليقات صنعتها قد تعْبُر من دون أن ينتبه لها كثيرٌ من القراء، فتأتي هذه مقالات كمقالتي الأستاذين النابهَيْن وتدفع الفضولَ ليشغل مولداته داخل النفوس ويتوجهون للقناة لمزيد من المعرفة.. قانون بشري غريزي معروف. الذي كشف عنه المقالان وكثير من المقالات تلـَتْهُما في صحفنا، أولا: إننا غاضبون ومستاءون. ثانيا: إننا مهتمون ومتابعون لما تقوله القناة وإلا لما أعرناه انتباها.. هذا "بالضبط" ما يريده القائمون في القناة فقد أسمعناهم لحنا لا يزعجهم، وإنما يشنـِّفُ آذانَهم.. اتركوا "الجزيرة" وأهملوا ما تقول، أو حاكموهم. لا مساحة بين الخيارين!
.. ونحن يشغلنا الغضب لما تقوله "الجزيرة"، تبعدنا دوامته عن العادلين من الناس (وهم أكثرهم) الذين ينشرون الحق والعدل، وهم الجديرون بمقالات ثناء وإشارة، لا المغرضون. في دولة واحدة هي البحرين، وبجريدة واحدة هي "الأيام" وبصفحة واحدة بتاريخ 16 من ذي الحجة، لا تقرأ مقالا واحدا بل ثلاثة! يقدر كتـَابُها- سنة وشيعة- الجهودَ السعودية، وينتقدون جهلَ الحجاج في سلوك الحج. فالدكتور "عبد الحميد الأنصاري" يذكر مشروعا تقوم به السلطات السعودية وهو المشروع الهندسي لمنطقة الجمرات، ويستدرك أن كل ما تفعله السعودية لن يقضي على الظاهرة ما لم تزدد المرونة الفقهية. وتكتب السيدة "عصمت الموسوي" مقالا جيدا بعنوان( لهذا السبب يموت الناس بالحج) وهي تشخص الحالة بالجهل الشعبي الموروث في التزاحم والتسابق في بعض المجتمعات، وتعطي مثلا ناصعا ومنطقيا عن كيفية أن فلاحين مسافرين على طيران عربي كادوا يساهمون في مشكلة داخل الطائرة لأنهم رغم كل التحذيرات بالجلوس في المقاعد هبوا هبة رجل واحد لتخاطف الأمتعة قبل وقوف الطائرة، مما سبب فوضى عظيمة، واضطرت المضيفة لاستخدام العصا لإجبارهم على الانصياع.. رغم طرافة المقال إلا أنه يفضح بشدة عما يحدث عند تجمع عشرات الآلاف من هؤلاء في ساحة ضيقة..هذا بالضبط ما حدث في الجمرات. ويقول الأستاذ "أحمد كمال" في مقالة طويلة من جزءين عنوانها (حج بلا ضحايا) في فقرة مهمة بعد الثناء على الجهود السعودية:" على دول هؤلاء ( أي الحجاج الذين لم ينالوا أي قسط من التوعية في بلادهم كما سبق أن ذكر الكاتب) أن تعطيهم دروسا في أحكام الحج ومناسكه ومشاعره وأوامره، وأن يعرفوا ألا رفث ولا فسوق في الحج وألا تزاحم ولا جدال." كما قلت: فقط، في دولة واحدة، في جريدة واحدة، في يوم واحد، في صفحة واحدة!
جريمة الجمعة: هجوم أمريكي جوي بالصواريخ على قرية غافية من أعمال منطقة باجور الباكستانية يزهق عشرين روحا بريئة بدعوى محاصرة وقتل الظواهري الرجل الثاني في القاعدة.. لم يمت الظاهري. الذي مات: المدنيون الأبرياء، وكرامة باكستان.. ومقدرتنا كلنا حتى على أضعف الإيمان.. التعاطف!
.. مع السلامة!