مقتطفات الجمعة 126
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
الأمير نايف بن عبد العزيز صار يعزز خطا مهما في الآونة الأخيرة، وهو أسلوبه الصارم الوضوح في المسائل التي تتعلق بالشأن الإسلامي بمختلف ظروفه ومشاهده. غطت الصحف السعودية يوم أمس الخميس اجتماع سموه مع الإعلاميين في تونس. وأقتطف هنا ما يوضح ويعزز ما قلناه في هذا المقتطف. الأمير يقول إن المملكة تحترم حرية الرأي، ولكن أن تصل الأمور إلى أن يُساء إلى رسول الله فهذا أمر لا ترفضه المملكة فقط بل 1400 مليون مسلم. وهنا تجد حصافة وذكاء الأمير نايف، وإني أقول أيضا تحذيرا بازغا مهما كان مبطنا لمن تسول له أحقاده اللعب على مشاعر المسلمين. فترى الأميرَ هنا لم يقل المملكة وباقي الدول الإسلامية، ولكنه أحصى المسلمين عددا.. وهنا الحرب النفسية. تصور أن تصحو يوما وأنت تدير دولة بخمسة ملايين رأس، فتجد أن مليارا ونصف مليار من البشر ينتظرونك عند عتبة الباب ليجرون معك حسابا مهما. مليار ونصف مليار يقلعون أرضا بحجم الدنمارك ويطيرون بها. الأميرُ، ونحن كمسلمين، لا نريد للدانمرك أن تطير، ولكن نطلب منهم ألا يطير من رأسهم العقل، الذي يبدو أنه لم يعرف حتى الآن كيف يعود إلى مدرَجه. وأحسن الأميرُ وضْع الميزان في استقامة على أرض الواقع، حينما دار الموضوع حول ما يقال عن حرص إيران لامتلاك أسلحة نووية، فهو يتعجب أن العالم يحرص على تنظيف المنطقة من الأسلحة النووية مع وجودها بكامل قذارتها وخطرها في إسرائيل. وهي رسالة عقلية (أيضا) لمن يريد أن يحمل مكنسته إلى المنطقة كلما شم سرابا نوويا في المنطقة.. المنطقة التي عندما يأتي التنظيف النووي لا تـُحسب إسرائيل من ضمنها، وعندما تأتي المساعدات والدعم تعتبر كل المنطقة هي إسرائيل.
وفي مسألة فوز حماس الكاسح، على أي داعية ومحرِّض على الديمقراطية والانتخاب الحر ألا يزعل.. أو يهدد بمقاطعة الفلسطينيين كما قرأنا بعنوان ضخم في الصفحة الدولية من الطبعة الآسيوية في الهيرالد تريبيون بأن الرئيس الأمريكي وعد بالتصدي لحماس بالمقاطعة. وأجدها فرصة بأن يسهم الرئيس الأمريكي في حماية أصدقائه الإسرائيليين بأن يكمل لهم حالا مشروع الجدار العازل، وأنا متأكد جدا أنه لو مرَر الاقتراح على الكونجرس لتخصيص ميزانية "مضاعفة" لبناء الجدار فلن تأخذ الموافقة رمشة عين من وقت السادة الأعضاء. أما لماذا مضاعفة الميزانية المخصصة للبناء، فهذا حتى يُتاح لشركة مقاولات "ديك تشيني" هليوبترون للفوز في المشروع!
وكنت بالفعل سأكتب عن موضوع فوز حماس وفلسفة قيادتها العمل السياسي القادم والحرفة الدبلوماسية، لولا أن هذا الشاب الجيد الأستاذ أحمد دحمان أجهض الفكرة، حين كتب مقالا مليئا بالمنطق السياسي الواقعي لمستقبل حماس في جريدة اليوم عدد الأمس الخميس بعنوان "براغماتية حماس" فهو يقول: "ويبدو أن قادة الحركة يتمتعون بذكاء سياسي وفهم دقيق للواقع الذي يواجه الحركة من تصريح قائدها السياسي خالد مشعل حين أكد أن الحركة متمسكة ببرنامجها مع عدم الإشارة إلى تدمير دولة إسرائيل مع وضوح ذلك في ميثاق الحركة". وأحسن الكاتب معالجة موضوعة بذات النفـَس البراغماتي، هذا النفس الذي يقول استغلال الواقع لخدمة الهدف، وليس محاربة الواقع لخدمة الهدف.. لقد أثبتت الآلية الأخيرة أنها تكون مجهضة للهدف حتى قبل تبلوره.. تماما، كما صار لفكرة مقالي!
وبينما أنا في آسيا عايشتُ احتفالات الجماعات الصينية في سنتهم القمرية الجديدة، والسنة الجديدة هذه هي – عفوا ـ سنة الكلب. ولتسمية السنوات القمرية الصينية باثني عشر حيوانا قصة في الميثولوجيا الصينية من أجمل ما تقرأ في الأساطير (ولكن في وقت آخر). الذي لفتني هو أن الاحتفال في السنة الجديدة عند الصينيين وجالياتهم المتناثرة في آسيا والعالم من أروع ما تراه العين من الاحتفالات، وبالذات في الإخراج المبهر في استخدام الألعاب النارية، مبهر بكل ما تعنيه الكلمة. فتنقلب الأجواء إلى احتفال لوني، ولوحات سماوية تأخذك للأحلام بألوانها وإشعاعاتها وأشكالها.. وبرع الآن الصينيون في أنوار النيون التي تقف على هامات ناطحات السحاب لتصبغها كلها بالأنوار، وباسطوانات النور التي تشق الظلام كالشهب.. لو رأيت المنظر من مرفأ هونج كونج لما ترددت أن تصرخ وتقول إنك انتقلت لعالم آخر مثير، وجديد.. وفي سنة الكلب تستمر قافلة "الازدهار الناري" الصيني في المسير.
مشهد الجمعة: كلاب بوليسية لفك اختناقات المكتتبين في "الريان". أما المكتتبون فهم أو غالبيتهم الكاسحة من السعوديين.. أما الكلاب، فلا علاقة لهم أبدا بكلب السنة الصينية!
"جنرال موتورز" أكبر شركات الدنيا، التي تدور عرباتها في أركان الأرض الأربعة تخسر مبلغا صافيا يزيد على الثمانية ونصف مليار دولار هذا العام. "جنرال موتورز" التي تحرك العالم تخسر المليارات.. وحاولت الاتصال بالسيد رئيس المديرين في الشركة مرارا لأقترح عليه نقل استثمارات الشركة إلى الأسهم والعقار والبنوك. ولكن ما العمل عقله مركب على عجلات!!
ومن مقالة الأمس للدكتور محمد القويز بجريدة "الرياض" الموسومة بعنوان "شكرا بيل كلينتون، شكرا بلير" نستعير هذه الجملة:"لقد قالها شكسبير في مسرحية هاملت قبل 400 سنة: "هناك عفنٌ في دولة الدنمارك .".. (!)