مقتطفات الجمعة 120
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 120 . نهنئكم بحلول عيد الأضحى، بارك الله لكم في رزقكم وأولادكم وصحتكم، ورجح موازين أعمالكم.
الحج فرصة المسلمين الكبرى وربما الأخيرة للوئام والتماسك والاتحاد، ونسيان خلافات الأرض والتوجه جماعيا بقلب مؤمن واحد إلى السماء. الحج المكان الوحيد الذي بقي للمسلمين ليتصافوا ويتحابوا، لأن الغرض من الحج أن نشعر بوحدتنا الكونية أمام القوة الإلهية الأزلية لنتسامى عن الضغائن والحسابات والمحاسبات ونخلص أجسادنا وقلوبنا وأرواحنا مما علق بها من أدران الأرض لمعانقة صفاء السماء.. إن المملكة مسؤولة عن كل حاج، وعن الحج حتى يكتمل كما ينبغي، ولن نقول إنها مهمة صعبة، ولن نقول إنها تتطلب المئات من الملايين لوضع الخطط، وإقامة المستوصفات، وتوسيع الخدمات، وتطوير وسائل الأمن، وتحريك شعب من أصعب الشعوب في كل الأرض لاختلاف الجنسية والثقافة والطبع والانتماء، ولكن نقول إن الله خصنا بهذا ولا أشرف من مهمة مثل هذه مهما كان الثمن، فلا ثمن على الأرض يوازي هبة السماء.. ولذا عندما يعقد وزير الداخلية مؤتمرا فالرسالة واضحة: المحافظة على هذه الهبة بكل ما أوتينا من مقدرة، وفي هذا لا تنازلات ولا مقايضات ولا مجاملات. المهمة: حراسة قلعة على الأرض ولكنها لا تخص الأرض.. وإنما سلم للسماء، هذا السلم سيكون دائما بإذن الله قائما وسليم الدرجات.. ومضيء العتبات.
مع كل التعقيدات الأمنية ومهمة وزارة الداخلية التي تجاور المستحيل لحفظ موسم كل عام، ولكن المهة الكبرى مناطة أيضا بوزارة الصحة، وهي الوزارة الأخرى التي أمام رياح التحدي مباشرة، فالحج بيئة كبرى – ربما الأشد نشاطا على الأرض - لانتقال الأمراض.. وأمراض هذه الأعوام ليست ضربة شمس أو التهاب رئة، إنما أمراض فتاكة ومستعصية انتشرت في كثير من البلدان النامية، الإيدز استفحل في إفريقيا الوسطى والجنوبية استفحالا خطيرا، وإنفلونزا الطيور عاد كموجة غاضبة في الشهرين الأخيرين، وأمراض من الحميات الفتاكة .. مهمة الصحة حمايتنا من الأمراض المتنقلة، وهي أخطر الجيوش الغازية على الإطلاق، وحماية كل حاج وهو يسعى على الأراضي الطاهرة .. لا أظن أن أحدا يمكنه أن يحسد وزير الصحة أو كبار موظفي الوزارة .. في هذه الأيام على الأقل. نسأل الله العافية للجميع.
وبما أننا تعرضنا للأمراض الفتاكة والمزمنة التي تنتقل بين الناس، في جريدة "الرياض" الأربعاء 27 كانون الأول (ديسمبر) كتب الدكتور عبد الرحمن يحيى القحطاني عن صوالين الحلاقة، ودورها الممكن في نقل الأمراض التي تنتقل عن طريق التعرض للدماء الملوثة من مصابين بها مثل الإيدز والتهابات الكبد الوبائية وغيرها من الأمراض البكتيرية والفطرية موضحا أنه لا يكفي أن تغير شفرة الموسى عند كل حلاقة جديدة فقد يكون مقبض الموسى ملوثاً بالدم إن لم يمسح ويعقم جيدا، وهو ينبه إلى أن هذا الوعي ينقص الحلاقين لدينا، لأن كل المعدات والمناديل والفوط تصلح أن تكون ناقلة للعدوى، وهو يطلب تعزيز التوعية والمراقبة الصحيتين، ويطلب منا أن نعي ذلك وأن نخصص لأنفسنا عدة متكاملة لنا متى رحنا لنزور الحلاق. ونشكر الدكتور على النصيحة التي تساوي حياة!
كتبت ناهد سعيد باشطح يوم الأربعاء 27 كانون الأول (ديسمبر) في جريدة "الرياض" مقالا مهما، ونادرا ما يتعرض له أحد على وجه التخصيص متنبهة لدراسة حكومية في هذا المجال، وهو تزايد معدلات العنف تجاه كبار السن، والغريب أني كنت أطالع مقالا أو تقريرا بالأصح في "النيويورك تايمز" الأمريكية يحذر فيه من قلة العناية بالمرضى الكبار في السن، بل إن بعض الأطباء يعتبرون حالاتهم نذرا سيئا، فلا يغمهم إلا تكليف أحدهم بالعناية بحالة مرضية للكبار، ناهيك عما سجل في الهيئة الصحية الأمريكية في صعوبة التعاطف مع المرضى الكبار في حالاتهم المرضية المتأخرة. إن السيدة باشطح بروح إنسانية عطوف قررت أن تخوض الموضوع وتفتحه معنا وبطريقة مهنية وصريحة، وسطورها قالت شيئا بينها: وهو أن العناية التي كانت تقترب للتبجيل والتي كانت سائدة في مجتمعاتنا البسيطة نحو الكبار، تغيرت بشكل درامي وبرزت على السطح المعاملة المؤذية والمهينة للكبار، وأتركك في هذا المقتطف مع مقتطع معبر من مقالة السيدة ناهد:" كبر السن مرحلة عمرية حساسة وعلينا أن نحتوى مشكلات كبار السن وآلامهم، هذه القيمة الإنسانية تبدأ من المنزل قبل المدرسة، ولا تلقن أبدا. " ..إذن؟ من المنزل!
طارت الأخبار بأن صدام ومعاونيه سيطبق عليهم حكم الإعدام في الأسابيع المقبلة، وصدام قتل وأعدم، ولكن كانت العراق أيام صدام فيها ظلم مدروس ومحسوب، يعني أنك لن تمشي في الشارع وتخطف أو تفجر أو تغتال لمليون سبب أو بدون سبب. متى وضعت على شفاهك سلاسل ثقيلة تمنع خروج أي كلمة ضد صدام فأنت آمن. الآن الكل مرشح للموت..لا استثناء. الجميع يعذب الجميع حتى القوات التي دربت لفرض الأمن صارت تستغل نفوذها للانتقام الطائفي أو حتى الشخصي وأحيانا لإطفاء رغبات سادية، لا غير. وعندما تقرأ الصحف الإنجليزية قبل يومين عن الغارة التي قام بها جنود بريطانيون لتحرير مساجين من مركز شرطة تم تعذيبهم بفظاعة، ستجدها أجمعت أن بريطانيا ترسل رسالة لرئيس الوزراء العراقي بأنها ضد ما يجري في السجون. بالنسبة لنا، فإنه مشهد عبثي يقطر دما ولحما طازجا من أجساد العراقيين، حتى الشرطة تخترق جدار الأمن .. هذا الجدار الذي كان حديديا أيام صدام ثم صار خندقا مجروحا في عهد.. عهد من؟ عهد بوش أم بلير أم تشيني أم وزير الدفاع الذي رحل مشفوعا بحجارة النقد رامسفيلد.. يعني لو كان القياس بأسباب القتل وأعداد القتل، فمن مرشح للقصاص غير صدام؟! نسينا، لن يصدر أي حكم قصاص.. فالقاضي هو القاتل!
صورة الجمعة: وصلت بريدي صورة لطفلة صغيرة بمريولها المدرسي ويبدو أنها لتوها خارجة من المدرسة وحقيبتها معلقة وراء الظهر الضئيل وتدفن وجهها بين كفيها وداخل حضنها الصغير وتبكي بحرقة.. أمام قبر. ربما قبر أمها أو أبيها، صورة تفجر الدموع من منابع الدموعَ!
.. مع السلامة.