مقتطفات الجمعة 113
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 113 . أرجو أن تستفيدوا بالقراءة.
بيوم واحد، قبل أن يدور العامُ الثاني على اغتيال رفيق الحريري، تغتال اليدُ السوداءُ الخفيةُ مجردَ مواطنين لبنانيين كل ذنبهم أنهم دفعوا ما يقارب الأربعة ريالات كي يموتوا. والرسالة الأكبر لكل الشعب اللبناني: "لا تذهبوا لأعمالكم ولا مصالحكم ولا مدارسكم غدا!". وفي بلد يتقافزُ ألما فوقَ صفيحٍ بركاني من النزاع السياسي المرير، نحج مفجرو الحافلة الصغيرة في أن يرفعوا ضغط الخوفِ والتحسبِ والقلق.. وضياع لبنان. والغرابة المُرّة أنه منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1990م، هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها اليدُ الخفيةُ السوداءُ مجردَ مدنيين لا حيلة لهم إلا في جرجرة حياتهم اليومية لعلهم يرفدون أنفسَهم للغد. نضال الأشقر سيدة بسيطة ذاهبة لمدرسة دينية فقدت رِجلا.. هذه الرجلُ لم تقدها ولا يوم في حياتها لغرضٍ سياسي. وليلى الجميّل التي كانت ذاهبة لتتبضع بدريهماتٍ قليلة مع صديقةٍ لها، ماتت صديقتـُها في الحال ولم تشارك كل حياتها في غرض سياسي، أما هي فخرجت – محظوظة!- بحروق من الدرجة الأولى في الرجلـَيْن.. أسماءٌ لا تعني شيئا للعالم، ولا لكثيرٍ من اللبنانيين أنفسهم، سوى أنهم كل الحياة بالنسبة لأبنائهم وذويهم. الرسالة التي كتبت بدم هؤلاء العاديين من اللبنانيين هي إصبع تحذيري ملوث بالدم تـُدس في عيون كل اللبنانيين، وعلى وجه الخصوص القادرين منهم على هجر لبنان خوفا على حياتهم وحياة أولادهم .. يريدون البلدَ الأخضرَ الجميلَ ليكون أطلالا تعصف بها أهويةُ الموت.. وعندما يخافُ اللبناني العادي من ركوب حافلةٍ صغيرة، ففي أجواء لبنان.. تحومُ اليدُ السوداء.
زيارة بوتين للمملكة يجب أن تـُراجع جيدا من الهيئات المختصة الكبرى في الدولة، بمشاركة الدوائر الفعالة ذات العلاقة, و"المصلحة". فاجتماعُ زعيمين، لا تناقش به المواضيعُ تفصيلاً، ولكن تُفتح فيه ملفاتٌ تكتب فيها العناوين الكبرى. عندما ينتهي اجتماع زعيمين، لا يعني أنه أقفلت المواضيعُ وتم مهرها بختم، وإنما يعني أنها لتوها قد بدأت. روسيا دولة عظمى، وإمكانياتها عظمى، وأول إخفاق لفهم هذه الزيارة هو ما توارد إلى بريدي من رجال أعمال، وما صرّح به بعضُهم للصحف في عدم حضور أحدٍ من هيئة الاستثمار لاجتماعٍ تمّ بين رجال الأعمال الروس ونظرائهم السعوديين. هذا القصورُ في إدراك رؤية لمشروعٍ مارد قد يُقزِّمه إلى لا شيء. روسيا ليست جزر القمر، ولا هي سويسرا، القصد أنه يجب ألا تكون علاقة أحادية المرور، المساعدة هنا، وإيداع المال هناك.. هي دولةٌ صناعة، فما الملفات التي ستتابعها الهيئات الصناعية؟ وهي دولة تحتضنُ إمكانيات هائلة لتوظيف قدراتنا الفنية البترولية والكيميائية، وسوقٌ لا نهائي لتصريف منتجاتنا، أين الملفات التي تفتحها "أرامكو" و"سابك" والهيئات المختصة؟ وهي خبراتٌ صحيةٌ متفوقةٌ في كثير من القضايا الصحية، فما الملفات التي ستفتحها الصحة مع القطاع الصحي الروسي؟ وروسيا من أكثر دول العالم في الغنى الثقافي والعراقة الفكرية، ما الملفات التي ستفتحها الهيئات الثقافية عندنا حول الموضوع المهم؟ قال السفيرُ الروسي إنها زيارة تاريخية، وإن وعاها هو، فيجب أن نكون قد وعيناها.. قبله!
أين الدكتورة هتون الفاسي؟ هل توقفت عن الكتابة في "الاقتصادية"؟ أم أن ضعف ملاحظتي التي لا تجارى هي التي هيأت لي وهماً أن تغيب واحدة من الخبرات العلمية في البلاد. هي مجموعة خبرات مدهشة، ودراساتها وبحوثها في الحضارات الدارسة بين النهرين (مهدُ حضارة الإنسان) وتحليل فروقها اللغوية، وتأصيل عمرانها تأريخيا من التخصصات النادرة في بلادنا (طبعا ليس في العالم!). كما أنها من الكاتبات المطبوعات، لها قراؤها الشغوفون. وهي تطرحُ مواضيعَ إنسانية واجتماعية حادّة وبصدقٍ غير موارب فيتكاثر حول مقالاتها المؤيدُ والمعارضُ, وهنا القوة الفكرية. لا شك أن مكانها فارغ.. إن لم تكن فيه!
ويكتب السيد عبد العزيز المنصور محذرا من اللصوص في ماليزيا، في مقال له في الملحق الاقتصادي في جريدة "اليوم" بتاريخ 11 شباط (فبراير) الجاري، بعنوان "احذروا اللصوص في ماليزيا". فيكتب راوياً: "حدث ذلك لي وأسرتي، إذ تعرضنا للسطو داخل بهو الفندق الذي أقمنا فيه، وسُرقت حقيبتي وحقيبة زوجتي لحظة وصولنا إلى كوالالمبور، في صالة فندق «شيراتون إمبريال»... قام اللصوصُ بسكب مادةٍ حمراء على عباءة زوجتي ليشغلوها بتنظيفها، وسكبوا نفس المادة على ملابس طفلتي الصغيرة ليزيد انشغالها، ليسحبوا الحقائب. وخرجوا من الباب الرئيسي أمام أعين الحراس الموجودين داخل الفندق وخارجه". وحسنا يفعل السيدا لمنصور بنشر تجربته المؤلمة، ويعتبر تقليدا جيدا، ومحبة لخير غيره من مصطافي بلاده، فالتجارب هي أقوى من أي تحذيرٍ رسمي، من حيث التأثير ومن حيث الاستيعاب، وتكون دافعا واقعيا لأخذ الحيطة والحذر. عندما تنتقلون من بلادنا عليكم أن تتركوا وراءكم شيئا لا تحتاجون إليه أبدا: الشعورُ الدائم بالأمان!
عبد الله الصايل، شابٌ مذهلٌ وموهوب. وهو، بالطبع، من كتـّابِ هذه الجريدة، وله ميزة خفة الظل وغزارة الملاحظة التي تدفعه إلى أن يقدم مقالاتٍ مباشرةٍ وسهلةٍ ولطيفةٍ باقتدار غير مصطنع فتنفذ لقلوب محبيه من جيله، ومن أجيالٍ أخرى (والفقرةُ الأخيرة لستُ متأكدا منها بحكم أني، والحمد لله، من جيل الصايل..) وفوق ذلك لاحظتُ بضحكة إعجاب ومحبة، أنه أيضا رسام من الطراز الممتاز، وبحكم أني أهوى الرسم فإني أعرف معنى أن ترسم شجرة، أو وجها، أو رسما هزليا خالٍ من الخطوط المقننة، ولكن أن ترسم الشخصيات وبحركات معبّرة، فهي من القدرات العالية في القدرة على الانطباع والفن والمهارة معا.. إن بلادنا منجم، وبعض شبابنا من أثمن جواهره!
ومن غيرنا يمنع عيد فالنتاين؟ إنهم فئة غالبة من الهندوس في الهند، وتقوى عاما بعد عام، عمدوا في السنوات الأخيرة إلى حلق رؤوس كل من يُقبض عليه متلبسا بحالة فالنتانية بحلق الرأس تشهيرا.. أما لماذا؟ فالسبب ليس دينيا وإنما لأنه من مظاهر التفسخ الغربي الذي لا تستسيغها الذائقة الهندية. "محبتْ هي، فالنتاين محبتْ نـَهـِي!"
والأستاذ حسن بن علي الجاسر الكاتب في جريدة "اليوم" يكتب: "شعرتُ بالأسف عندما تقدم أحدهم بخطاب، ووجدت صعوبة في فك طلاسمه وفهم لغته (لرداءة الخط) ثم تبين لي أنه حاصل على بكالوريوس في اللغة العربية!!!" وعلامات التعجب الثلاث التي وضعها الجاسر تعبر عن.. ما لم يكتب! ..
مع السلامة!