مقتطفات الجمعة 105

سنة النشر : 01/05/2009 الصحيفة : الاقتصادية

 
بزيارة َمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي للبلاد، نطمئن أن الدولة قررت كما يظهر أن تكون في عين التقنية الذرية وعن طريق بابها الصريح، وسياقاتها القانونية المتفق عليها. وكما أسرفت في القراءة في هذا الموضوع، فهو يبدو دائما إشكاليا، حيث تختلط في هذه التقنية الحدودُ الصريحة بين الاستخدام المدني والعسكري عندما تكتمل مشاريع الطاقة النووية وتتسلم المفتاح النهائي للمشروع. وهذه الإشكالية الدقيقة في الصناعة الذرية هي التي أثارت جدلا عاصفا حول البرنامج الإيراني.. فتجد أن صناعة ًمتقدمة ومعقدة، بها ثقب بسيط يعتمد على آلية شعورية بشرية وهي سوء الظن أو حسن الظن. لذا فإن معظم الشجب في برنامج إيران يصب على الناحية النظرية مثل الاتهام بخرق قانون الاتفاقية الدولية أو "التوجس" من النية العسكرية، وبالفعل هذا ممكن. املـُك مفاعلاً نوويا تملكُ سكيناً بحدين، حدٌّ لقطع الفاكهة (الاستخدامُ المدني) وحدٌّ يقطع العظمَ كورقة (الاستخدام العسكري).. الدخولُ جهراً بمشاعلنا الضوئية داخل النفق النووي سيعفينا من الجدل الإشكالي مستقبلا!
 
الشيخ عائض القرني صاحبُ علمٍ شرعي، وهذا جيّد. وفي الطرف الغريزي زُوِّدَ بجهازٍ عصبيٍّ عالي الحس ورهافة العاطفة، ويُسمى في المقارنة الأدبية الغربية هذا النوع ُمن الأدب (مثلـُه بيرون، وجوته) بمنهج عبقرية الدمعة، وهي تختلف عن الاستدرار الدمعي العاطفي المحض كأدب المنفلوطي، فهي إذابة الفكرة عبقريا في نسغ العاطفة حتى ينصهرا معا قالبا أخاذا آسرا بالجمال والمعنى معا. وأصحابُ عبقريةِ الدمعة، هم الأكثر تأثيرا في الناس مثل "داون ترايس" الذي يحظى بشعبية في الغرب الآن، أو أشعار الصحوة عند "إيليوت"، وتصوف الفلسفة عند جبران. لو أن عائض القرني شاء أن يترجم كتابه "لا تحزن" للغةٍ أجنبيةٍ فسيكون هو أول من سيُذهل بمدى الإقبال عليه، لذا فإن العاطفة العبقرية بضاعة أبدية لا تزول. أما قصيدته "أنا سني حسيني" التي نشرتها جريدة "الحياة" في التاسع من نيسان (أبريل) الجاري أضافت نكهة أعمق لكل ما سبق، وهي الحكمة في ربط أكبر هوة بلا جسر في الأمة، مسألة حب آل البيت التي قد يفهم بعض منقطعي حب آل البيت أن فئة من الأمة لا تلتزم بهذا الانقطاع في الحب، ومن جانب ما يشيع بين الناس أن فئة أخرى تسبّ أصحابَ النبي الميامين.. قصيدةٌ تهزّ الوجدان، ولو كان مغلفا بالصوان..
 
ولا يغفل الأستاذ خالد السليمان في مقال له بعنوان "حبة شمام" في (عكاظ) في الثاني عشر من نيسان (أبريل) الجاري، عن ذكر الإشاعة التي انتشرت برسائل الجوال عن دخول مليون حبة شمام ملوثة بفيروس الإيدز إلى المملكة. وهنا يستدعي المقالُ ذكرَ عنصر مهم، وهو أن في غياب التصريح الرسمي الواضح تنتشر الإشاعات كالبرق، وهي التي تسبب الفوضى والفزع، وليس أي تصريح رسمي مهما كان، إنها نظرية ملء الفراغ الفيزيائية الحتمية.. لذا كان التدخلُ الفوري لوزارة الصحة في التصدي للإشاعة إجراءً مهنياً مسؤولا وصائباً. التوضيحُ للناس عن أي مرض أو خبر صحي هو الحل الناجع بل الأوحد في رأيي، بينما يقود التعتيمُ، حين يعلم الناس عنه بأي طريقة، إلى سلسلة ٍمن ردود الأفعال والتصاريح المتضاربة إنقاذا للوضع.. والمشكلة عندها: لن يصدق أحد!
 
أما الدكتورة حنان عطا الله فإن حروفها تكاد تتطاير من صف السطور احتجاجا على إيثار الرجل في التفكير والحلول خصوصا في الفتاوى الشرعية، وتـُغفـَل المرأةُ وكأنها لا تشكل هاجسا إلا إرواءً لنزوة الرجل، وبما أن المقالَ يُحكم عليه من عنوانه، فقد نُشر في جريدة الرياض 12 نيسان (أبريل) الجاري بعنوان: "كازانوفا السعودي". وفي تعرضها لفتوى انتشرت عن تحليل الزواج بنية الطلاق للطلاب المبتعثين. أقتطف هذا المقطع من مقالها:" ما الدرس الذي نعلمه الشباب؟ نعلمه الخديعة والكذب والاستهانة بمشاعر النساء وحرمة الأسرة وفوق ذلك نعلمه الاستهانة بمشاعر الشعوب الأخرى وكأن على رأسنا ريشة أو أننا الأحسن بين خلق الله هذه النظرة الغريبة النرجسية وتقديس الذات المتمثل في الرجل..". كيف أعلق على الدكتورة؟ ما قالته منطقي! ولعل من هم أعلمُ مني يوضحون أكثر.. كي تبقى حروفها في صف السطور!
 
لن أكون أول من ينبه أن مرضَ القلب القاتلُ رقم واحد في كثير من بلدان العالم ومنها بلادنا، خصوصا مع نمط العيش المتثائب الذي نمارسه حتى يسد شمع الكولسترول عروقنا. وهنا نتساءل عن دور المستشفيات الحكومية بالأخص وتجهيزاتها لتسلم حالات الذبحة الصدرية، فالذبحة لا تضرب فقط من هم في المدن وبجوار المستشفيات الكبرى المؤهلة بأطباء القلب والكادر الطبي وأجهزة الفحص والتشخيص والمعالجة من الإيكو وتجهيزات القسطرة، حتى المثبتات الصناعية وعمليات الرأب الوعائي angioplasty .. ماذا عن راعي أغنام في هجرة؟ أو مزارع في ريف؟ أو من يعملون أو يقطنون في الضواحي والمدن التي لا تتوافر فيها التجهيزات؟ من ناحية أخرى: بث الوعي في مسألة الجرعات الطبية التي تقول الدراسات بتعرضها لنسبٍ عالية في التحديد الخاطئ لجرعات عقاقير مخففات الدم وغيرها التي يأخذها بعض مرضى القلب للأبد. نريد برنامجا فاعلا وطنيا للحد من الخبر النمطي الذي يقول: قام في الصباح لا يشكو من شيءٍ ثم وقع.. ومات!
 
من قصيدة "أنا سنيّ حُسَيْني": ولكني وافقتُ جدَّكَ في الــعَــــزَا فأخفي جراحي يا حسين وأكتمُ وأصبرُ، والأحشاءُ يأكلها الأسى وأهدأ ُ والأضلاعُ بالنارِ تـُضرَمُ .. أبرئُ أصحابَ الرسولِ وآلــــِـهِ من السبِّ، فالسبابُ نذلٌ ومجرمُ إذا اتهم الشيخانُ أي عــــــدالـةٍ تُرجى وأي الناسِ من بعد يسلـَمُ