مقتطفات الجمعة 104
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 104 ، أرجو أن تحوز رضاكم.
"الرياض تتجدد.. الملك يضعها في مصاف العواصم العالمية"- عنوان الصفحة الأولى من (الاقتصادية) عدد الأربعاء 18 نيسان (أبريل). ولا يكتمل هذا التصدر الصفي بين حواضر الدنيا، إلا إن اشتغل من بعد الملك المسؤولون، ومتقدمو قطاعات البلاد، في تثبيت العاصمة في الصف. فالملكُ عندما يضعها في الصف المتقدم تحتاج من بعده إلى أيادٍ تثبتها بالمسامير، وتربط أطرافها بالبراغي. إنها ورش العمل، ونظام الشفافية، وكشف الإنجاز، وحساب مسافة التقدم لخطةٍ وُضِعتْ من أجل تثبيت العاصمة كي تصير متألقة بين العواصم. نصفُ الأملِ حصل.. بقي النصفُ الآخر: العمل!
لفتني خبرٌ نُشر مع صورٍ عن أن الأميرَ جلوي بن عبد العزيز بن مساعد بن جلوي، نائب أمير المنطقة الشرقية، يحتفي بزواج ابنه الأمير تركي في منزله، وبدا الأميرُ مرتاحا بلباسه العادي بالثوب والغترة، يستقبل ضيوفه في مجلس منزله.. ورحت أستنبط عـِبـَرا من الخبر يضعها الأميرُ ليستفيد الناس. مشكلتنا جميعا الإسراف والمظهرة، وهي تأكل مالنا، وتأكل مادة حية من قلوبنا وهي مادة التواضع والشكر والتوازن.. وأقول جميعنا، من الكبير للصغير، من الثري، إلى الذي يدورُ وليس في جيبه مصروف يومه.. فينا هذا الإسراف، عفوا، حقيقة! وأوضح التمادي بالإسراف هي مناسبات وحفلات زواج (بعض) الأثرياء الباذخة والخارجة عن موجبات الحق والشرع، والمتحدية للذوق أخلاقا وعقيدة. أتأملُ حفلَ الأمير محتفيا بضيوفه في منزله، وكان له لو أراد أن يقيمها في أبهى المواقع ترفاً، ليكون قدوةً تـُقتدى. والأميرُ كان قبل الحفل أميرا سمته التواضع، وبعد الحفل أميراً يكرس حقيقة التواضع. وأثبت أن اللقبَ يزدادُ توهجا كلما "ارتفع" تواضعا. وسترى أن حفلا معقولا في المنازل سيكون مظهرا غالبا، وحتى "أميريا".. وهذا من أجمل ما فعل الأميرُ لابنه.. ولنا!
طيب، فنانونا موجودون، ويملأون الساحة، ومنا من يراهم منظرا سطحيا فجا، ومنا من يراهم فنا وإمتاعا وإطرابا.. ليست النقطة هنا. ولكن بما أن فنانينا موجودون ولهم شعبية كبرى – حقيقة!- لم لا يرون ما يجري في العالم؟ يتصدى فنانو الخارج بالذات من أمريكا وبريطانيا إلى أعمال الخير في القارات، وهم ينجحون فرادى في تسليط أضواء الميديا الكونية على أي قضية يتناولونها سواء أكانت مرضا ما، أو قضية، أو بيئة معدمة، أو ظاهرة عالمية، فينجحون في إيصالها لقلب العالم أكثر من أقوى مولدات الإعلام الممتهنة. أنظر إلى فنان اسمه (بورنو) وهو شهير بفنه وبنظاراته التي لا يخلعها، يوجه دفة العالم إلى قضايا أفريقيا، وينجح نجاحا مذهلا في أمريكا مع أنه بريطاني)، وها هو الآن يجر أوروبا كاملة لذات العمل، و"التايم" الأمريكية تختاره شخصية الخير في العالم مع بيل جيتس وزوجته. و"جولينا جولي" الممثلة التي عُرفت لعوبا ثائرة، تقود أكبرَ حملات الأرض ضد الفقر في أفريقيا وبعض آسيا وينضم معها زوجها براد بيت ليشكلا أكبر مضخة إعلامٍ عالمية فردية (زوجية إن شئت) في كل العالم.. والأمثلة تترى. لا نريد لفنانينا هذا الضمير العالمي، والعمل الكوني.. نريدهم أن يتبنوا قضايا مجتمعهم. هنا سيعطون لأنفسهم بعدا إنسانيا أكبر، ورفعا لقيمتهم.. وقيمة فنهم، إن شاءوا.
قولوا إني حالم يسبح في سراب الخيال. ولكن سأقول ما بقلبي. تلفتني الآن أن صناعة السيارات الكبرى تعاني من المآزق المالية والتسويقية، شركة كبرى ومن صناع تاريخ العربات مثل كرايزلر تمشي عرجاء، يتقاذفها الممولون والمشترون، وهي تجري في جادات الصناعة مهانة بعد تاريخ عريق. وشركة جاكوار التي كانت فخر البريطان صارت تشحذ على أبواب أثرياء الصناعة.. وغيرها. أقول لنفسي هذه الأموال لدينا التي إما تضيع في البنوك، أو رداءة الاستثمار، أو أقبية لا نعلم في جزرٍ في المحيطات طافية، لم لا نستغلها لشراء شركة سيارات، أو أكبر حصصها، فنقوم ذات صباح وإذا نحن من صناع السيارات في العالم.. العالم صار مفتوحا إن ملكنا مصنعا بالرون، أو دترويت، أو كمبوديا، أو زنجبار، أو في سدير، سيوسم بأنه سعودي، ويُدْخلنا النادي العالمي. شراء مصنع كبير ـ أو حصص تصويتية قوية فيه - تشحذ لدينا قوميا همة صناعة السيارات وستتجه لها الأجيال، وسنرسل الشباب السعوديين كي يتدربوا وسط المصانع وعلى أحزمة التجميع.. وقد نفكر أن ننقل مصنعا بخبرائه وعامليه إلى بلدنا وننسق مع موردي مصانعنا العالميين لتستمر الصناعة داخليا وخارجيا.. إلى أن نتشرب الصناعة كي تخرج أول سيارة بصناعة سعودية كاملة.. وسنسميها حينئذ "سعودي واحد" Saudi one! *** * إن شاهدت فيلم "مستر بين" الأخير، وهو يفوز بجائزة تذكرة ذهاب وإقامة إلى "كان" المدينة الفرنسية الجنوبية، ستعرف معنى أن تضحك كما التعبير الأجنبي: بقلبٍ خفيف. إنها الكوميديا العبقرية، الأخاذة، النظيفة، المذهلة، المبدعة، والتي تضم أهدافا، لا ترهق عينك أو قلبك بالإيحاء المباشر وإنما بومضة شمعة خافتة تصل لقلبك فتطهره وتعمقه بالضحكات. من ميزات هذا العبقري البريطاني أن كوميدياه نظيفة، وتعيد للأذهان الكوميديا السولو مثل مواطنه العتيق الأشهر "شارلي شابلن". إنه هو الأضحوكة، وتقع على رأسه الإهانات، ولكنه لا يهين ولا يستهزئ ولا يتعدى على أحد. ثم إن أفلامه نظيفة خالية من أي رمز يخل بالذوق الأخلاقي، وليس فيه أي إشارة فوقية أو دونية لأي من الشعوب، ولما كانت هناك سخرية خفيفة الظل على شعب إنما على شعبه ولكن بمسٍّ لطيف.. ولا يمس الآخرين. إنه إضحاك عبقري صافٍ، وكأن الكوميديا هنا تصوف منقطع كما كان شابلن. "مستر بين"، واحد من أكبر صادرات بريطانيا، وأرفعها قيمة ورقيا.. ورسالة للعالم!
لأول مرة في أمريكا فلسطيني بطل! لما أصابت الطالب الكوري لوثة إجرام وأردى 33 قتيلا في جامعة فرجينيا كأكبر مذبحة في التاريخ الأمريكي.. جمال البرغوثي صار بطل أمريكا بين ليلة وضحاها لأنه صور بالفيديو المذبحة.. وهناك برغوثي آخر.. في السجون الإسرائيلية. بطلٌ آخر؟ ليس بعين أمريكا!