مقتطفات الجمعة 103
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 103 ، أرجو أن تنال رضاكم.
ظاهرة يجب أن يتصدى لها الآن، ظاهرة التسول، وهذه المرة لن أخصص الفقرة لعموم المسألة بل لظاهرة بعينها تحمل معها أكثر من ظاهرة سيئةٍ معا، وكأنها "حاصدة الشر" الأسطورية، وبيدها سلة من ثمار الخطأ والخطيئة. خرجت من مكتبي ظهر الأمس، وإذا مسؤول البناية يطارد أربع فتيات منقبات ويحاول أن يقنعهن بالخروج من المبنى، وهن يشتمنه بلهجة غير سعودية، ويقلن له أن يتركهن حتى "يلقطون رزقهن". ويتابعن أي رجل يخرج ثم يغيّرن النبرة ويتعطفن بأصواتهن، ويترقرقن، ويزحن بخبث ماكر عن أياديهن ويكشفن شيئا من نحورهن وهن يعرضن طلبهن .. أما ماذا يطلبن؟ فطبعا المال، وأخاف أن أرميهن بما يسيء بأن أضيف.. وبـأي طريقة. هنا ليس الحل مستعصيا، ولا يتطلب الخبراء والباحثين الاجتماعيين فهي ممارسة تكسر العين. من سمح لهن بالدخول للبلاد، وبأي صفة؟ هذا أولا، ثم من يدير لهن "أعمالهن" كي يتوزعن في أكثر من مكان ثم يغادرن كهبة هواء؟ ومن يحميهن؟ لأنهن يتحركن بثقة، ويطلن ألسنتهن، ويدفرن أبواب المكاتب بثبات ويبعدن من طريقهن كل من يعترضهن من موظفي المكاتب كالإعصار حتى يصلن المكتب المقصود فيبدأ التعطف والتكسر.. والإزاحة! لا مجال هنا لدراسات اجتماعية ولا باحثي فقر.. فقط دققوا؟ ألسنا في وقت تحسب فيه التأشيرات وتفحص تحت أشد المجاهر قوة؟!
والسيد تركي إبراهيم الماضي، يكتب مقالا في "الجزيرة" في 26 من نيسان (أبريل) الجاري، ويتحدث فيه عن سبب عدم القضاء على البطالة، وقلة توفيق برامج السعودة، والسيد الماضي هنا يتكلم بحياد الباحثين المخلصين، وأجمل ما فيه أنه لا يرفع أصابعَ الاتهام، كما هو شائع عند من يريدون أن يحابون هذا أو ذاك، أو يصفـّون ضغائنَ قلوبهم من تراكمات تخمرت في عقولهم وضمائرهم، وبدأ بملاحظة أن المقالَ ليس دفاعا عن الدكتور غازي القصيبي، وكنت أتمنى لو لم يسق الملاحظة، لأن المقال منصف وعقلاني وواقعي، ولا يحتاج فيه إلى أن يدافع عن أحد، أو يهاجم أحدا.. لأن هذه الملاحظة في أول المقال تعطي انطباعا نفسيا أوليا لا يناسب دراسة، أو فكرة عقلانية منهجية لا سبيل لها للشخصانية. ثم إن الدكتور القصيبي في يقيني وأكيد عند السيد الماضي ليس متهما في الأصل .. فكل له طريقته في تكريس نفسه وعقله وخبرته لوطنه وأبناء وطنه، وهنا قد يصيب وقد يخطئ .. مثل كل العاملين المخلصين. إن السيد الماضي باختصار (وأرجو الرجوع لمقاله والعناية به) يقول لنا لا تعطونا مخرجات غير منتجة سوقيا ثم تتوقعوا منهم إنتاجا، وهذا مجاف لأبجديات المنطق. في رأيه – ونتفق معه - أن الجامعات والمعاهد (وأضيف أيضا التربية النفسية في البيت وفي بيوت التحصيل) لا بد أن تـُعَد لتخريج أجيال يتسع لها السوقُ تلقائيا. السوق مخلوقٌ يلفظ ما لا يلائمه. وأترككم من فقرة مختارة مما قاله الكاتب الراقي: "ليس من الخطأ أن نعترف بقصورنا وجهلنا.. أما دفن الرؤوس في الرمال وتجاهل حقيقة ما يحدث فهذا ما لا يحتمله عقل أي إنسان أبداً! لا ترموا بأخطائكم على رجال الأعمال في عدم توظيف خريجي الجامعات طالما أن هذه الجامعات تعيش في حقبة تاريخية لا تمت لعصرنا بصلة .. فرجل الأعمال ليس صاحب (ضمان اجتماعي) هو يسعى للربح ولتوظيف الكوادر المؤهلة التي تعينه على تحقيق هذا الهدف المشروع.. ولا ترموا أيضاً بمشكلاتكم على وزارة العمل فليست هي من صنع المشكلة وجعلها تتراكم يوماً بعد يوم..". صح!
وهذا تقرير مهم أرجو للمسؤولين عن صحتنا وغذائنا الانتباه إليه وأرجو أن يكونوا قد قرأوه من مصدره في جريدة "الواشنطن بوست"، وكتبته المحررة في الجريدة إليزابيث ويليامسون تكشف فيه عن مسألة تلوث منتجات زبدة الفول السوداني - والتي وصلنا تحذيرها من هناك، من حماية المستهلك الأمريكية .. التقرير يقول إن وكالة الغذاء والدواء الأمريكية كانت تعلم لسنوات عن مشاكل تلوث في مصنع للفول السوداني في جورجيا، وكانت أيضا تعلم عن مشاكل تلوث في مزرعة كبيرة للسبانخ في كاليفورنيا، والتي أدت لتفشي مرض مات منه ثلاثة أشخاص، وأمرض المئات.. ثم ثارت الفضيحة إعلاميا ورسميا وفتحت التحقيقات، بل إن التقرير يقول إن المصنع سبق أن زاره موظفو الوكالة، ولما طلب صاحب المصنع إمهاله بعض الوقت ليجهز لهم طلباتهم من الوثائق.. ذهبوا ولم يعودوا. وهنا أطلب طلبين، الأول من أجهزتنا الرسمية المعنية أن يعتمدوا كليا على فحوص معاملنا وأن يطوروها بآخر التكنولوجيا المتخصصة. والطلب الثاني لوكالة الغذاء الأمريكية كي يرسموا موظفيهم الذين ما زالوا على.. بند الأجور!
مات من سيكون أشهر رئيس روسي في التاريخ، ليس لمنجزاته، ولكن لعدمها. مات الرئيس الذي ملأ المسرح العالمي بعد جورباتشوف، وأطلق رصاصة في القلب على الإمبراطورية السوفياتية الشيوعية..ربما للأبد. مات "بوريس يلتسن" مخمور السياسة الأول، ومهرج قاعات المؤتمرات، وطاولات الاجتماعات الكبرى. وسيـُكتب تاريخان عن يلتسن، تاريخ مجيد مرصع بأسطر النور في العالم الغربي لأنه خلص الغرب من أكبر تهديد لهم ولأنظمتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. وسيكتب الروس تاريخا ملطخا بالعار عمن نقل أمتهم من القوة بلا ديمقراطية.. إلى أمة ضعيفة وبلا ديمقراطية.. أو قليل لا يذكر منها! وسيدفن معه أسرار قد لا نعلمها في جيلنا حول كيف تداعت روسيا من تلقائها.. أو من تلقاء عوامل أخرى!
قول الجمعة: فماذا يُرجى منكـُمُ إنْ عُزلتـُمُ وعضتكُم ُالدنيا بأنيـابـِــها عضـّــا وتسترجعُ الأيامُ ما وهبـَتكـُمُ ومن عادةِ الأيام تسترجعُ القرْضا