مقتطفات الجمعة 94
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 94 ، أرجو أن تنال رضاكم.
لو كان لي رجاء لوزير الإعلام، ومخططي سمعة البلاد في الخارج لطلبت وضع خطة جديدة لإشهار صورتنا في الخارج.. ويكون عنوان الحملة صورة.. وهذه الصورة هي صورة الملك عبد الله وهو يبتسم مقابلا التوأمتين البولنديتين اللتين كانتا ساميتين، حتى نجحت جهودُ الدكتور الربيعة وفريقه السعودي، تحت رعاية ملكية حادبة، كي نراهما هاتين الزهرتين الصغيرتين، وقد كتب اللهُ لهما حياة ًجديدة كما تعيشُ الفتياتُ الطبيعياتُ حياتهن. إن السمعة لا تكون في تجميل الصورة، لو كان الوجه ُدميما فإن نثر المساحيق عليه لا يغطي الحقيقة.. أحقُّ أن نشهرَ الجانبَ الحقيقي والمثبت الجميل من صورتنا.. وأن نخاطب العالم، لا أن نخاطب أنفسنا. مخاطبة النفس نوعٌ من الزهو الكاذب، ونقله بالأسلوب ذاته للخارج يتعدى هذه الصفة، ليكون ملحـَقا بالعجز الإدراكي والمنطقي. إني أطلب كمواطن محب لبلده ومليكه وشعبه أن تـُنقل الصورة للعالم مع قصتها.. مرة، مرتين، وثلاث.. كما يفعل الآخرون، وينجحون. وأن تكون صورة المليك الحادبة العفوية وهو يمس طفولة عالمية قدم لها طواعية خدمة لا تقدر بحساب هي روح فلسفة كل حملاتنا.. عنـّا!
من يذكر منكم أشرف مروان؟ حسنا، أشرف مروان أيقونة سياسية في التاريخ المصري الناصري، وأشرف مروان علامة فاصلة دبلوماسية في عهد السادات، وما بعده، كواحدٍ من كبار الممولين في شارع البورصة والأموال في لندن. أشرف مروان لم يكن شخصا عاديا كان "دلوعة مصر"، الوحيد الذي حافظ على مركزه التدليعي في فترتين متعاديتين ومتنافرتين: الناصرية والساداتية. أشرف مروان سليل عائلةٍ أرستقراطية مصرية، وكان حاد الذكاء، وكنت قد حضرت مناسبة لمستُ فيها شخصيا أن الرجلَ مخلوق من حُزَم ٍليفيةٍ وضوئيةٍ من الذكاء الخالص.. ولكن ذكاء بلا قلب، وبلا مبدأ، ذكاء بلا حكمة. أشرف مروان صهر جمال عبد الناصر (زوج ابنته منى) .. وُجد منتحرا في شرفة شقته الفخمة في حي الأغنياء الصفوة "ماي فير" في لندن، كما كتبت "التايمز" اللندنية في عددها الذي صدر في 28 يونيه.. انتحر خوفا من عواقب اتهامه بأنه جاسوس للموساد الإسرائيلي. صرح صديقٌ له بأنه يعيش في رعب لا يقاس نتيجة اتهامه بكونه جاسوسا لإسرائيل في حرب أكتوبر عام73، ويسميها الغربُ واليهود حرب يوم خيبور.. الأغرب أن الصحيفة أطلقت عليه لقبا مهينا "Walk-in spy to be " أي أنه هو الذي دخل سفارة إسرائيل في إحدى الدول الأوربية عارضا خدماته التجسسية، حسب مصادر إسرائيلية منشورة على حد قول الجريدة، وأن الموساد بذل جهودا وتقصياتٍ شاقة كي تتأكد أنه ليس جاسوسا مزدوجا. مروان كان رجلا نحيلا أنيقا، مفرط الطول، ويُعتـَقـَدُ أن ثروته كانت بسبب مباشر لصفقات الأسلحة في عهد السادات. يبدو أن موته سيسحب للأرض أسماءً كثيرة وكبيرة عربا وغير عرب. وهناك شكوكٌ أنه مات مغتالا. حتى يوم موته، كان ينكر تماما أن له أي نشاط تجسسي لأي جهة كانت. هل الموتُ يغلق ملفَّ الأسرار، أم يفتحها على كل المصاريع؟ سنرى!
وفي عدد جريدة (اليوم) ليوم الإثنين 25 مايو هذا الخبر: "مهندس أرامكو وطالب بجامعة الملك فهد للبتول والمعادن يحصدان جوائز الخطابة في قطر". دعني أحدثك أولا عن ماهية هذه المسابقة. يسميها الغربيون "توست ماسترز Toastmasters" وهي دليل على كون المسابقة في البلاغة الخطابية، والقدرة على إيصال كل ما تريد في مدة قصيرة – عادة لا تتجاوز الخمس دقائق- وأسمها مقتبس من العادة التقليدية في آداب المائدة الكلاسيكية الاحتفالية في الغرب، حين يقدم المضيفُ كلمة لنخْب الحاضرين عن المناسبة في أقل وقت، أبلغ عبارة، وأمتع أسلوب ممكن. يجب أن تعرف أن المسابقة العالمية والإقليمية تكون باللغة الإنجليزية، وقد كنت قد كتبتُ عن فرع المسابقة في المنطقة الشرقية عندنا، وانبهرتُ بقدرة شباب في بواكير العمر من الجنسين (غالبيتهم من الهنود والباكستانيين) على تطويع اللغة الإنجليزية، ولما وقفت خطيباً كعريفٍ للحفل، حسبوا لي الدقائق الخمس بشقّ الثانية، ووزنوا كل حرف وكل فعل وكل كلمة، وكل وقفة نفـَس.. صحيح!. وحمدت الله أني لم أكن من المتنافسين. وقتها كتبتُ متمنيا لو أن ثقافتنا التربوية لصغارنا تسمح بتشجيعهم على التعبير عن النفس من الصغر، وخفت أن يكبروا فيفقدوا هذه المهارة. الفائزان السعوديان يضربان شكوكي في الصميم.. الحمد لله.
وبريطانيا عندها نبأ عظيم.. ابتداء من أول يوم في الشهر المقبل، تكون الجزرُ البريطانية، رسميا، كلها أمة خالية من التدخين. وشدّدتْ الحملة على أن هذا سيكون تاريخا مجيدا لبريطانيا وللشعب البريطاني عامة. وسيخرج نظامٌ وآليات في منتهى الدقة لتطبيق الأمل المنشود واقعا حيا. فلقد أُخذتْ كل الإجراءات الهندسية والعلمية والاجتماعية والقانونية ليس في الجادات والطرق والمتنزهات فقط، بل في المطاعم، ودور الحفلات، والمسارح، والنوادي، والحانات (هه، حتى الحانات. حتى تعرف مدى صفاقة السيجارة!).. وكنتُ أستلقي ضحكا وأنا أقرأ تعليقات الكتاب والقراء في الصحف البريطانية على ما سيحدث للمدخنين، والمتاجرين بالتبغ عموما. والشعبُ البريطاني هاتك السخرية ولا يجاريه أحد في دهاء اللمز، ثم قامت حملة مضادة لمدخنين سرّبوا طرقا للهروب من النظام.. رد واحد عليهم: أحييكم في الهرب من الموت إلى الموت.. بلا شهادة!".. ومن الساخرات من قالت: "شكرا يا إلهي: لن أنام الآن بجوار منفضة سجائر." واصفة زوجها الذي سيضطر لعدم التدخين!
"توني بلير" يتنازل عن رئاسة الوزارة البريطانية طوعا واختيارا.. فيمسح فصلا كتبه التاريخ السياسي البريطاني ضده، ليعيد كتابته من جديد بإكبار.. نزل من الكرسي ليطلع درجة في سلم التاريخ.. وبهذا سينقل نفسه من صانع العيوب، إلى صانع المجد.. أحكم الناس هو الذي يعرف متى ينزل، كي يرتفع!.
دعاءُ الجمعة: اللهم قوِّ قلبَ كل أمٍّ وأب، لهما أبناءٌ وبنات أنهوا الثانية، كي يقفوا ثابتين أمام رعب كل أبٍ وأم: القبولُ في الجامعات!
مع السلامة..