مقتطفات الجمعة 85
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 85
وصلت بريدي مقالةٌ مهمة بعنوان" رسالة خاصة إلى معالي وزير التربية" كتبتها السيدة والأديبة المعروفة هناء حجازي.. عن أمرٍ طالما شغل الكثيرين، بل صدف أني كنت أتناقش مع مسؤولين تعليميين عن الموضوع ذاته قبل وصول المقال بلحظات، ووزعته عليهم وتلقيت تعليقات، كلها لم تستطع أن تعترض، إن لم تؤيد منطقية ما أرادته السيدة حجازي من المقالة. فهي تقول من أول سطر إن أحدا لن يسائلها لو قررت تدريس ابنها في منزله، ولكن وزارة التعليم ستمنعها من إلحاق ابنها بمدرسةٍ دوليةٍ داخل مدينتها جدة.. فهي المسؤولة عن ولدها أكثر من الوزارة. وأضيف أنا، أنها حتى أكثر إدراكا بصفتها الفردية كأم مثقفةٍ ومتعلمة (الدكتورة هناء حجازي فوق تفوقها الأدبي فهي طبيبة ممتهنة).. الذي تبحثه السيدة حجازي تساؤلات منطقية: هل الوزارة ُهي الوحيدة التي تفهم وتقرر ما يدرسه الأبناء؟ ثم هل هي قلقة على أولادنا من مدارس عالمية سمحت لها لتمارس التعليم داخل بلادنا؟ وهل نخاف أن تدنس هذه المدارسُ عقليات أطفالنا؟ فلنـُزل إذن الدنسَ إن كان موجودا.. أو لمَ سُمح له بالوجود أصلا، حتى لغير أبنائنا؟ وأزيد الدكتورة ووزير التعليم قصة حقيقية حدثت هذا العام.. واحدٌ تخرج في ثانوية محلية، سيتسغرق ست سنوات للبكالوريوس في كندا، سنة للتهيئة اللغوية، وسنة تقوية في مواد التخصص. وذهب معه قريبه الذي درس في مدرسة دولية، ليدرس الهندسة، وقـُبل للتخصص مباشرة بتفوق لإتقانه اللغة الإنجليزية، ومهارته في العلوم التطبيقية أي سيكتفي بالسنوات الأربع.. وأين درس؟.. في مدرسة دولية في البحرين! .. العلم عنصره وتكوينه الآفاق المفتوحة، وعندما تـُغلق آفاقـُه، أو تـٌقنن وتـُحدّد.. يفقد صفته كعلم.
"جاسم الصحيح" شاعرٌ محلق، وقوي اللغة والعبارة والسبك، ووهب قوة وجزالة في الصوت، ووضوحُ الحرف، وملـَكـَة التمازج مع القصيدة كتابة وإلقاء، حتى أنها تتقمصه أو أنه يتقمصها. حين عرفت ببرنامج "أمير الشعراء" في محطة أبو ظبي، لمّا أشار إلي أحدُ الأصدقاء، تابعت، كلما تيسر لي، الشعراءَ المبدعين الذي يفرزهم هذا العالمُ العربي، وزهوتُ فخرا أن الشاعرَ والصديق "جاسم الصحيح" يتبوأ مركزا ممتازا، ولا عجب.. ولكني لا أقف هنا. هي فرصة كي أحيي روحه الشجاعة والواثقة في خوض غمار المنافسة، وهي تعتمد على التقدير والذوق الشخصيين مهما قال لك أكبر المحكـِّمين. فليست هناك قاعدة علمية لا تخر الماءَ في قياس الإبداع والجمالات الشعرية. ومن جهةٍ أخرى الشاعر كائنٌ حساس، وليس مخلوقا مقاتلا، ولا متمرسا منافسا، ولا محاربا صلدا، إنه من رحيق الشعور الرقيق والحساس والمتقلب والصاعق المزاج، وهي عناصر عبقرية أي شاعر حقيقي.. ولكن الشاعر جاسم الصحيح، رغم كل هذا راح يحدوه طموحه إلى كسب اللقب، وهي تعويذة روح الشعراء التي ترميهم في أفلاك الأعالي وتتركهم هناك.. ولكن الجاذبية قانون، والقانون أقوى من الشعر. وصل الشاعرُ "الصحيح" مركزا متقدما أخذه بموهبته الخام.. ويبقى أننا نقف معه الليلة، ولكن بالنسبة لي أثبت أنه أميرٌ من أمراء الشعر، مهما كانت النتيجة اليوم، فهي كما قلت نتيجة تقدير ومزاج ورأي، وليس مسطرة قانون، ولا فرجار هندسة!
دموع المهرج The tears of a clown، مقالة كتبها "ماريا كلاير" من "القلف ويكلي"، وهي عن الممثل النجم الكوميدي ، وفتى هوليوود المدلل، ويكاد يكون من ملوك الكوميديا "أوين ويلسون" بطل عدة أفلام شهيرة منها "ليلة في المتحف"، وهو من نوع الكوميديين الباشين، والذين تغلب فيهم الكوميديا بالصبغة الفرحة والضحك المتقن، أكثر من السخرية أو فلسفة الكوميديا السوداء، وكان العالمُ يظنه من أسعد السعداء، ولم لا، وهو يملك الملايين، وأجمل عقارات "بيفرلي هيلز"، ويعيش حياته منغمسا في أجمل وأغلى ما يجلبه المال.. ولم لا يكون سعيدا؟ الغريب ألا يكون. ولكن الفتى الكوميدي لم يكن سعيدا، بل كان حزينا حتى الموت، نعم حرفيا، فهو الآن يعالج في مستشفى بعد أن حاول أن ينتحر. وتتعجب من هذا الدرس، كيف أن الحزنَ مربوط ٌأحيانا مع النجاح الفائق، وهو سر لابد أن يفتح مغاليقـَه النفسانيون، وشيء آخر، هو أن كثيراً من البشر يغطون أحزانا عميقة بابتساماتٍ هائلة، وضحكاتٍ مجلجلة، ويردمون تمزقهم الداخلي بإطلاق النكات وإضحاك الآخرين. وهنا أتذكر قصيدة بالإنجليزية تقول: "هناك أمور تجلب الحزن لقلب الإنسان.. ولكن مهما تجبرت أحزان أي منا.. فإنها تتضاءل أمام دمعة مهرج، عندما لا يكون حوله أحد!"
يقول الكاتب الاقتصادي الهندي "إسري كومار" في عموده "دعونا نتكلم عن الاقتصاد Talking Business" إن الحاجة الكونية للألمنيوم ستتعدى 70 مليون طن في عام 2020م، فمن أين سيأتي العالم ببقية هذه الكمية الماردة؟ صناعة الألمنيوم ستعاني عقبات كبيرة، فالصينُ التي تستوطن فيها شركة "تشالكو للألمنيوم، والتي تزود العالم بثلث حاجته من المعدن ميزة قد لا تستمر، فمن المعروف أنه يمكن إقامة مصنع للألمنيوم في الصين أقل تكلفة بكثير من أي مكانٍ في العالم، ولكن شيئا آخر لابد أن نعرفه، وهو أن التكلفة التشغيلية عند الصينيين هي الأعلى في العالم، والسببُ ارتفاع أسعار وقود المصانع، والغازُ أهمُها. وهي فرصة لدول الخليج كي تقوم عندها أكبر صناعة ألمنيوم في العالم، ستحقق دخلا كبيرا، ورفعا للناتج القومي، وفرص العمل، فالألمنيوم صناعة متسلسلة ترتبط بآلاف العاملين، سواء المصاهر أو معامل تكرير الألومينا. والسبب طبعا لا يخفى، وهو رخص وتوافر الغاز. وبالفعل، دبي للألمنيوم (دوبال) تتوسع إلى مليون ونصف طن سنويا، محافظة على كونها أكبر مصنع في العالم في منطقة واحدة، و"ألبا" البحرينية تتوسع إلى مليون وثلاثمائة ألف طن، و"معادن" تبني مصهرا ومعملا لتكرير الألومينا في رأس الزور.. المهم هو المحافظة على شرطين في هذه الصناعة، وهما: التنمية المستدامة في المحافظة على الشروط البيئية، ومدى توافر المواد الخام. صناعة لو ركبنا فرصها لتقدمنا العالم بصناعةٍ أخرى!
مع السلامة..