مقتطفات الجمعة 82
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 82 ، أرجو أن تنال رضاكم.
كتب لي القارئ الأستاذ أبو أسامة، بعد أن قرأ مقتطفات الجمعة السابقة عن مقتطف بها اختص بالقرار الرسمي وطريقة دراسته وإجراءاته، فيقول: "شدني ما قلته عن العودة عن القرار، وأظن أنك أعطيت بابا نصف مفتوح للخروج والدخول لأي صاحب قرار، حين قلت إن القرارَ قد يكون صحيحا من حيث عناصره النظرية، ولكن في التطبيق تختل النتائج. وهنا، العودةُ عن القرار يعتبر ضمن القرار ذاته وليس خارجه، فيُخرج هذا صاحبَ القرار من الحرج والعناد". وأصدِّقُ على قول قارئي الفاضل أبي أسامة فهو قالها خيرا مني، وسألني: "لو طلبت منك أن تفكر في شيء يقدم لكل مسؤول ينبهه أن العودة عن القرار ليست سلبية، بل هي إيجابية شديدة الإيجابية".. ولم أُطل التفكيرَ حول طلبه والجواب هو أن أُهدي لوحة معلقة أمام عينـَيْ كل مسؤول مكتوب بها: "كل ابن آدمٍ خطـّاء، وخير الخطـّائين التوابون". فكيف حين تكون العودة عن القرار صوابا وليست خطأ؟!
التقريرُ الذي كتبته الأستاذة رحمة ذياب في جريدة "الحياة" السابع والعشرين من سبتمبر الجاري، تقريرٌ خطيرٌ، ويشفُّ- إن كان صحيحاً- عن خطأٍ تأصيلي جسيم حدث في الفكر التربوي في تعليم البنات. والخبرُ هو عن كرة الثلج هذه التي تدحرجت وفلتت وكبرت بدون أن تُعـَدَّ حواجز وحلولٌ مسبقة لهذا التحجم في كل دورةٍ وهي تهوي.. والتقريرُ عن استفتاء طالبات "المطور" لتحويلهن للتعليم العام. و"القصة – الكرة" بدأت حين صدر قرارٌ بنقل بنات الثالثة ثانوي بمدرسة الأمير محمد بن فهد بالدمام، إلى مدرسة أخرى أقل كفاءة وإعدادا كما يقول الخبر، وأن البنات، تقريبا، أُجبِرن على توقيع طلب أو استمارة لنقلهن إلى التعليم العام، أي وأدُ التجربة العلمية في سنتها الأخيرة.. وهنا يجب أن أقف بعيدا عن القصص والتبريرات التي تروج بين إدارة التعليم من جهة وأولياء أمور البنات، والبنات أنفسهن من جهةٍ أخرى، وكان حظ بريدي العشرات من هذه الرسائل، وأتبِعتُ الوقوفَ المتأمـِّل ووجدت أن الموضوعَ هو حول التأصيل العلمي قبل أن يكون شيئا آخر. يعرف كلُّ خبيرٍ تربوي، وكل عالم، وكل دارسٍ أن أبجديات أي تجربة هي أن تكتمل بلا تغيير في عناصر وبيئة التجربة حتى يصحّ رصدُ ودرسُ النتائج، بينما هنا قـُطعت التجربةُ قبل أن تتم، مع أنها توحي حسب ما وردني من مربياتٍ ومدرّسات وأولياءِ أمورٍ وطالباتٍ أنها تجربة ناجحة ومتميزة، هذا القطع ضد أي منطق علمي (إن لم تكن هناك أسبابٌ منطقية ومبررة لا نعلمها) ثم هي ليست قضية اكتمال مدة التجربة لقياس النتيجة فقط، ولكن يعرف مبتدئ ميدان التجارب العلمية أننا كي نخرج بنتيجةٍ دقيقةٍ قابلةٍ للقياس والرصد يجب ألا نربك أي عنصرٍ في التجربة بتغيير دراماتيكي، كي لا تأتي النتيجة مخادعة، أو لا تصور روحَ التجربة ولا تعكسها.. فحين نغيرُ عنصرا رئيسا في تجربةٍ ما، فهذا سيكون شبه تدمير للتجربة، وتدميرا أكيدا لدقة نتيجة التجربة، فحين تُنقل طالباتُ التعليم المطوّر وهو ما زال رياديا وتحت التجربة من مكان إلى مكان آخر ( حتى لو كان أفضل) فهذا يعني لأي ملاحظ تجربة وليس فقط لعالِم، هو مثل قلب طاولة أنابيب الاختبار بينما العناصرُ تتفاعل. وهنا، لو صح الخبرُ، سيكون موقفنا كجسدٍ تعليمي وعلمي وتربوي مثار الاستنكار في الأوساط العلمية التربوية.. وهذا ما لا يجب أن نسمح له أن يصير!
سألت الدكتور "كلوديو" وهو استشاري عظام ومفكر فلبيني أسلم، وكانت لنا معه حواراتٌ أثناء ترهبـِّه في الكاثوليكية، على ضفاف خليج مانيلا: "ما الشيء المباشر الذي جعلك تعتنقُ الإسلامَ بقرار نهائي؟" وأجاب: "إن الذي وقع في قلبي وأزال غطاء التردد والحيرة، لما قرأتُ هذا الجزء من الآية 110بسورة الكهف: (قل إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إلي، إنما إلهكم إلهٌ واحد...)"
مع السلامة