مقتطفات الجمعة 80
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 80 ، أرجو أن تنال رضاكم.
قضية الجمعة: الرياض العاصمة، ولكن العاصمة تعني فورة التمثيل العام للدولة في كل مجال، وليس بالضرورة الوجود المادي لكل نشاط، أو أن تكون المركز الرئيس لأي شركة أو منشأة أو جمعية أو حتى مشروع. تلاحظ مثلا أن المناطق الصناعية الكبرى لـ "سابك" والجبيل مركزها الرئيس بكل نشاطاته في الرياض، وهذا يعني ضغطا إضافيا على مدينة تكتظ كل يوم، ويزداد الثقل الكبير على مرافقها وخدماتها. لا أرى بمنظاري الشخصي سببا مقنعا واحدا لوجود المركز الرئيس لـ "سابك" في الرياض، بل إن هذا يسلب أهم عناصر الإدارة المتعلقة بالصناعة، حيث يجب أن تكون الإدارة الكبرى في وسط المشاريع موقعا ومادة وفكرا ومتابعة.. ألم يكن من المنطق أن تكون الإدارة الرئيسة بالجبيل أو حتى ينبع؟ بعد التمييز بين أفضلية الموقعين. الموانئ أيضا لم يكون مركزها الرئيس في الرياض؟ ألا تعني هذه الطريقة زيادة في مركزية وبيروقراطية المفروض أن نتخفف منهما كي نلحق التطور. ثم إني أرى ضررين مهمين، ولا نفعا، فوجود المراكز الرئيسة بالرياض بعيدة عن مواقع أنشطتها يزيد الرياضَ تـُخمة، بينما تـُسحَبُ من عين موقع النشاط دماغه المخطط، وعينه الفاحصة، وقربه المادي للرقابة والمرونة.. كما أن تركز المشاريع الاقتصادية في الرياض لن يكون حميدا من ناحية ديموغرافية، ومن ناحية توزيع النشاط والفرص في أرجاء البلاد.. إنه موضوع أرجو أن ينظر إليه القائمون على التخطيط بعين الاعتبار.. إن كان يستحق الاعتبار!
قول الجمعة: أعجبني قول أمين مدينة الرياض، إنه يريد أن يفرح أهل الرياض بكل فئاتهم بالعيد بمدينتهم، بغض النظر عن التكاليف، وأثني على قوله مؤكدا أن ما يصرف حقا ومباشرة وواقعا لمصلحة المواطن بصدق، لن يسأل أحدٌ لم أنفقتَ كل ما أنفقت؟
تعليق الجمعة: خرج تعليق في صفحة القراء في جريدة "اليوم" بتاريخ 16 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري للقارئة فاطمة أحمد الغامدي، تعليقا على ما كتبته عن الشاب الصغير الراحل ناجي محمد الأحمد:" لم نكن نراك يا ناجي! إنه البطل الصغير والمعلم الكبير كما سماه الأستاذ نجيب الزامل، والذي فتح عيوننا جميعا نحو الحقيقة التي لم نكن ندركها، بعد مقالات الأستاذ نجيب في جريدتي "اليوم" و"الاقتصادية"، فاجأتني واحدة من صديقاتي تقول لي: لقد كان هناك معوق لطيف وخلوق يعيش في جوارنا اسمه ناجي محمد، لكنني لا أراه الآن، لا أدري هل هو الفتى الذي تكلم عنه نجيب؟ ثم أخبرني زوجي بأن معوقا اسمه ناجي محمد شارك في معرض للفنون في المدرسة التي يعمل فيها، وكانت لوحاته مبهرة حتى طلب منه بعض الأشخاص شراءها لكنه قال:"أنا لا أبيع لوحاتي". ويتساءل زوجي: هل هو ناجي الذي تكلم عنه نجيب؟ تقول جارتي إن شابا معوقا ومميزا اسمه ناجي درس مع ابنها في المدرسة بضعة أشهر، لكنه لم يرتح فيها لأنها لم تكن مجهزة لوجود كراسي متحركة فخرج منها. ويتساءل ابنها: هل هو ناجي الذي تكلم عنه نجيب؟ لما سمعت كل هذه التعليقات في يوم واحد شعرت بكثير من الحزن، لأننا لم نكن نرى ناجي قبل هذا. لم نكن نعرف فيه كل هذه المشاعر، ولم نكن نعرف فيه كل هذا الإبداع، لم نحتضنه ولم نسأله عما يؤلمه ولم نعرف فيه أحلامه وطموحاته، وتركناه حتى ذبلت آخر وروده.. لقد عزف على أوتار قلوبنا هذا الناجي، وجعلنا نرى كل معوق هنا بعين بصيرة وبنظرة أخرى مختلفة عن السابق.. فإنهم هم القادرون وهم الأقوياء.." لا تعليق يا فاطمة.. لقد قلتِ كل شيء.
تفاعل: والدكتورة "ميسون الدخيل"، وهي الكاتبة المعروفة في صحيفة "الوطن"، تفاعلت كثيرا مع ما كُتب عن ناجي محمد، ولها نشاطاتٌ محمودة في مضمار ذوي الاحتياجات، أرسلت لي شعرا بالإنجليزية تعبر عن حال ناجي ووضعه، بقلبها الكبير ووعيها الواسع تنقل شعورا - ربما شخصيا- ولكن ينتقل إلى كل من يقرأه بالتيار ذاته.. أنقل لكم (مترجما) بعض الأبيات:" كان اللهُ يعلمُ أنكَ في ضنـَكٍ وألـَم.. وكان يعلمُ أن لا مآلَ في الدنيا لسعادتك وشِفـَاك، وعلم اللهُ أن الطريقَ صار وعِراً في الفانية، وأن المرتفعات شقَّ إليها الصعود.. حينها، فإن اللهَ أغمضَ جفنيْكَ وهمَسَ في روحِك أن أغفي بسلام.. لقد أترعتَ قلوبَنا حزناً أن نفقدك، ولكنكَ لم تذهبْ لحالِكَ وحيدا، فإن أجزاءً من مُهَجـِنا رحلتْ معكَ إلى ملكوتِ الخلود.. لو أنَّ الدموعَ جُدِلـَتْ سُلـَّما ، وخفقات القلوبِ أبدَعَتْ دروبا للسماء .. لكـُنـّا الآن معك.."
كتاب الجمعة: هي رواية فريدة حقا، وأسلوب الكاتب "تشماماندا أديتشي" رائعٌ ومشهدي ويجري كالريح بلغةٍ إنجليزيةٍ فيها طعم الترصيع الاستعماري، والمصطلح اللغوي التبشيري، ولكنها مفعمة بقوة الروح الإفريقية، وعبقرية التمرد على السطوة الاستعمارية الأوربية بعنوان:" نصف شمسٍ صفراء Half of a Yellow Sun" عن صبي فقير يلتحق بالعمل في منزل أستاذ نيجيري جامعي، ثم تأخذهما الأحداثُ بتيارات ومواقف وامتحانات لم يكن ليتصوراها غلى الإطلاق، أحداث القصة في الستينيات من القرن العشرين في الوسط الغربي الإفريقي، وقت اضطرمت الحرب الأهلية.. قصة مليئة بالعبر، ونقل الفكر الإفريقي من نخاعه، وأثر الفكر الغربي في الروح الإفريقية، والحكمة اللافتة، والغنى في المشاهد، والروعة في المشهدية بإنجليزية فريدة.. لن تستطيع أن تضع الكتاب بسهولة حتى لو أعدت قراءته.
شخصية الجمعة: الحسن البصري: لما بنى الحجّاجُ قصرا ليمدح الناس معماره، وقف البصريُ خطيبا ينذرهم بعاقبة أمرين: الإسراف في المظاهر، والتزلف لصاحب الجاه والسلطة..غضب عليه الحجاج وأراد قطف رقبته، ولما وصل البصري إليه خنع الحجاجُ لهيبته، ثم استسلم وادعا لنصائحه، وخرج أقوى من صاحب القوة والسلطة. العبرة درسان: الأول:لا تتزلف وتنافق لكبير. الثاني: الكبير لا يسمع من المتزلفين، ويحترم الصادقين الناصحين.
مع السلامة..