مقتطفات الجمعة 77
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 77 . أرجو أن تنال رضاكم.
موضوع الجمعة: أريد أن أركز اليوم على مرض سرطان الثدي عند النساء، وهو ينتشر عندنا بتواتر متزايد، من ضمن ظاهرة ارتفاع نسبة الإصابة بالمرض العضال بشكل عام. ليس ارتفاع المرض مقصورا على منطقتنا، بل يلاحظ ازدياده في كل العالم النامي، واستنتاجا من قراءاتٍ مكثفةٍ في دراساتٍ علميةٍ منشورةٍ أن العاملَ الأول للإصابة بالسرطان هو ما فعله الإنسان في الهواءِ والماء، والتربة من انبعاثات كيميائية وملوثات مختلفة، ومُثبتٌ أن ما يُرش من كيميائيات على الحقول يتسرب لباطن الأرض فيلوث الماء، مضافا إلى ما يفعله المطرُ الحمضي في مصادر المياه النقية على الكوكب. والدول المتقدمة تستخدم الأصباغ، والحوافظ الكيميائية، والمضافات الصناعية إلى الغذاء، فيكون طعاما مسرطنا، أي باعثا لتفجير القنبلة الجينية بداخل أجسادنا.. إننا هنا لا ننزه النساء من مسؤولياتهن في الوقاية من الإصابة بالمرض، فهذه حياتهن، ويجب أن يعرفن ويقرأن ويتابعن كيف يحافظن على سلامة طعامهن وحيويتهن الصحية (كتجنب السمنة)، كما لا نبرئ الجهاز الصحي الوطني من المسؤولية في تفعيل التدريب الوقائي ابتداء من المدارس حتى المجتمع المفتوح، ولكني أقدر عنوانا قرأته في مجلة طبية وترجمته العربية تعني: "تستطيع أن تجري من أجل إيجاد العلاج، ولكن لا تستطيع الفرار من السبب" .. صحيح جدا، وهو عنوان يجب أن يخرج من مجرد تتويجٍ لمقال، ليكون شعار خطتنا لمكافحة سرطان الثدي.
هناك اعتقاد أن مرض سرطان الثدي يصيب النساء فقط. هه، لا. فهو يصيب الرجال أيضا ولكن بمعدل أقل بكثير من النساء.. مساواة؟! ربما.
غريب أن أتلقى رسالة من جماعة تسمي نفسها محبي البيئة، وتطالبني: "أن أقف ضد سياسة بلدي في تشجيع هذا التوجه نحو تلويث المناخ والبيئة على الأرض". يا سلام هي انتهت عندنا! نحن سبب التلوث على الأرض وفي الجو؟! واستغربتُ لما تحريت أكثر، وتجاذبت النقاشَ مع أكثر من شخص وجهة، للميل إلى غرز الأصابع في صدر "أوبك" كأحد أكبر عوامل التلويث في العالم، بل إن شخصا قال لي إن "أوبك" ترشو أصحاب القرار في العالم كي لا يسنّوا قوانين تحمي أمّنا الأرض. (وأوبك دائما هي السعودية، أو أنها تمتثل لرأي السعودية كما هو الرأيُ الشائعُ في أوساط "محبي البيئة".. رغم أنه حكمٌ يخلو من الدقة العلمية والواقعية..). ومثبت أن الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية هم السبب الكارثي المباشر في التلوث، وعندي كتاب قديم (طبع عام 1970م) عنوانه "لا نملك إلا أرضا واحدة"، يوجه اللوم الشديد في المطر الحمضي - وكان وقتها صرعة التلوث - إلى أمريكا وأوروبا .. وتحدث الكتاب عن انشقاق فظيع بين السويد والنرويج من جهة وأوربا وأمريكا من جهة بأنهم سيميلون للكتلة السوفياتية (وكان ذلك أثناء الحرب الباردة) إن لم تحد بقية أوروبا وأمريكا من أسباب الأمطار الحمضية التي صارت تهطل عليهم في الشمال. صحيح أن الصين الآن والهند قد يزيحان أمريكا وأوروبا واليابان عن صدارة الملوثين، ولكن السؤال: من بدأ وما زال يستمر؟ أما من لم يوقع على كيوتو، فهم ليسوا "الأوبكيون"، بل قاطنو البيت الأبيض.. ولكن ما زال جدارنا هبيطا حتى عند محبي الأرض!
وعنوانٌ رئيسٌ يظهر في قسم الأعمال في "نيويورك تايمز" يوم 8 من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، بعنوان: "الحل الهندي لارتفاع أسعار البترول"، والحل غريب، ولا يبدو منطقيا من الوهلة الأولى، ولكني من المصدقين بالعقلية العبقرية العملية عند الهنود، فهم الآن كأفراد من أثرى أثرياء الأرض، ونجاحهم أسطوري ومذهل، في الداخل وفي الخارج، وهنا يتفوقون على الصينيين الذين سجلوا تفوقا في التنمية الداخلية. ارتفع البترول في هذا الأسبوع إلى تخوم 100 دولار للبرميل، مما دعا السيد "سرينيفاسان" وزير البترول الهندي إلى المناداة بخطةٍ عجيبة وابتكارية لتبريد حمى الأسعار وذلك بوقف المتاجرة بالبترول في السوق التبادلي (بورصة نيامكس) للسلع. يقول الرجل، وأنا أحب رأيه، وأصارحكم أني لا أعلم إن كان حبي يقف على صلابة علمية أم حماسة خاصة، ولكن لكم أن تتفحصوا رأي الوزير الذي يقول بالفم الملآن: "ليس السبب في ارتفاع البترول هو السوق، لأنه ليس هناك إقبال يبرر هذا الارتفاع، ولا نقص في العرض يبعث الخوف في المؤشرات السعرية، فإذن القضية هي قضية مضاربات على البترول في السوق التبادلي للسلع، ولو أوقفت المتاجرة بالبترول بسحبها من العروض في السوق، لعمدت الأسعارُ إلى النزول إلى ملامسة أرض الواقع". وأطلب من وزارة البترول السعودية التحقق من رأي الوزير الهندي ومساندته، فهو خرج بموضوع ينصفنا، وبعقليةٍ واقعية وبصيرة .. لم نقلها نحن .. أو جرأنا أن نبوح بها، إن فكرنا بها أصلا. يحيا سرينيفاسان!
باكستان تشتعل حرفيا. المظاهرات في كل مكان، الانفجارات، التقتيل والتصفية،عودة "بنازير بوتو" المغلفة بالغموض، تفجير ركبها الأكثر بعثا للأحاجي، وإرهاصات حرب أهلية وقبلية ودينية وسياسية.. ومشرّف الرئيس يدعو إلى حكم الطوارئ، وهي المواصفة الأولى لتفجير الأرض الباكستانية، تماما كصب الزيت على النار. نخاف على باكستان كأكبر دولة إسلامية مهيأة لخوض المنافسة الكونية في أكثر من مضمار، ونخاف منها أن تلتهم نفسها، فهي كما يقول الغربيون في ساحتنا الخلفية وعلاقتنا بها قد تصل إلى المصير .. أطلب من صحافتنا السياسية التطلع لما وراء الخليج .. لإيران وباكستان .. فهناك شيءٌ كبير يطبخ!
"البلد الأكثر خطورة في العالم ليس العراق .. بل باكستان" عنوان غلاف المجلة الرصينة "نيوزويك".
مع السلامة..