مقتطفات الجمعة 76
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 76 ـ أرجو أن تنال رضاكم.
قضية الأسبوع: حادث انفجار أنابيب الحوية قرب بقيق في المنطقة الشرقية.
تعزية: أقدم العزاءَ لعائلات المرحومين، بإذن الله، في واقعة الحوية في أرامكو، وهم الراحلون: فهد الشمري، سعد العواد، منصور القماز، إبراهيم السعيد، وصالح بوشليبي.. ونسأل الله لهم الرحمة الواسعة، وأن يضعهم في مصاف المجاهدين الشهداء، ويصبّر أهاليهم على الخطب الجلل، وندعو لهم بحسن المآب.. فقد انتقلوا لرحيمٍ توابٍ عزيز. الراحلون العاملون، وكل نفس خطفها الموت في ذلك الحادث، هم إخواننا وأبناؤنا، والعاملون غير السعوديين تحت جوانحنا، وتحت مسؤوليتنا واندثروا على ترابنا مع عرقهم ولهاثهم ودمائهم.. ولو كان إقامة حزن وطني يفيد لدعونا إليه.. ولكنه الثمن الذي دفعناه، وهو ذلك الحزن، والهلع، وما سيسحب معه من إرث مضنٍ ومُرٍّ ومقيم.. درسٌ دفعه الراحلون بالدم الذي لا تعويض له إلا من منشئه.
العبرة: "يجب" أن نقف الآن على الأسباب، وفي أسرع وقت، فقد تضاربت الأقاويل، ولا نريد أن تـُزهق أرواح العاملين، ثم تأخذنا وترمينا الشائعات، الشائعات أمرٌ مقيتٌ ومتفاقم من غير خير، والموتُ له جلاله، ونستمد من موقفه حكما رادعة، وأماثيل تـُقنـَّن، ودروسا وعبرا لا يمكن أن تـُنسى، ونبتكر وسائلَ بكل ما أوتينا من حيلٍ عقلية، وقدرات مادية، وخبرات متراكمة كي لا يتكرر الحادثُ مرة أخرى، خصوصا إن كان سببه خطأ بشريا، أو تقنيا، أو بفعل مقصود.. وكلمة "يجب" تلك ليست مجرد كلمة تكتب للنصِّ في النظام، إنها مكتوبة بدم شبابٍ كانوا قبل أيام يملأون عالم أحبائهم نورا وسعادة وطاقة ووفرة َوجود.. ولا أجدُ في اللغة إلا هذا الوصفَ الشعوري لدعم الكلمة التي يجب أن تكون في رأس تاج الوعي التشغيلي والصياني والتطويري في حقول البترول.
تصريح: صرح السيد النعيمي وزير النفط أن الإمدادات النفطية لن تقف، وليت أن الحياة صنبورٌ يُغلق ويُفتح، ولكنه مصب واحد نهائي من مدخل أزلي وحيد، والداخل عندما يخرج لا يعود، فقد صبت قطرة حياته الأخيرة لتتجمع في محيط النهاية الخالد. فليطمئن العالمُ أن دمَ الاقتصاد سيجري في شرايينه، ولكن شرايين إخواننا التي جفت لن تتدفق مرة أخرى أبدا.. في هذه الحياة. وأنا متأكدٌ أن السيد النعيمي وهو يعلن للدنيا ذلك، يبلع غصّة الحزن، لأن من مات ذاك اليوم في جحيم أرضي، هم من أولاده وعامليه، ولا أحد يعرف الشمسَ والأنابيبَ والنارَ، وجحيمَ الحقول مثل المهندس النعيمي.
ما العمل؟: و"أرامكو" تطمئن العالم، لا بد أن تطمئننا أيضا بأن ما جرى لن يجري مرة أخرى إذا لم يكن ما صار من أمور مفزعة ذاك اليوم هي من مسؤولية القضاء والقدر.. وأن يطمئنونا أن الحرصَ سيزيد، وأن الدراسات ستتم، وأنهم سيقولون لنا ما صار بالضبط، وسيدربون الكوادرَ أضعاف التدريب الحالي، مهما كانت درجة التدريب السابقة، وأنهم سيعدون فريقا للإنقاذ قريبا وسريعا وعالي التجهيز، بمثابة عيادات موقعية مجهزة كاملة التجهيز حين يقع أي شيء في المستقبل لا قدر الله.. ولا شك أنهم فاعلون، فأنا أوغل بالظن أنهم أكثر الحزانى، وأشد المتأثرين.
مشهد الجمعة: عنوان في ملحق الاقتصاد في جريدة (اليوم) السعودية عدد الأمس يقول:"سيدة أعمال سعودية تتفوق على ثلاث جهات إدارية، و300 رجل أعمال في عرض الفرص الاستثمارية".. والمشهد المعبر أنها حين تحدثت عن مشاريعها الاستثمارية وخاصة التي كانت بعنوان "الفرص الاستثمارية في العاصمة المقدسة" وقف لها الجميع والتهبت أياديهم بالتصفيق. ولها مشروع آخر سبق أن أطلعتني عليه بحماسة منقطعة، وكأنها تتكلم عن ابن وليد بعاطفة عميقة، وتصميم أعمق وعرضته أيضا حول مشاريع الأسر المنتجة.. وبطلتنا اليوم هي زميلتنا في هذه الجريدة، وزميلة كتـّابٍ آخرين في عدة جرائد في المملكة (فهي ما شاء الله، طاقة لا تهدأ في كل ما تعمل). فمن غير السيدة حصة العون نقصد؟ حصة تحيك تاريخا عمليا ليس نسائيا فقط، بل عاما، بخيوط جديدة وقوية لقماش عملي جديد وحدها.. ثم تطلب من الآخرين أن يرتدونه معها!
خبر الجمعة: الحكومة الإماراتية تـُقدم على أكبر زيادة رسمية في العقد الأخير في كامل المنطقة. قرر مجلس وزراء الدولة منح كل موظف مدني وعسكري زيادة مقدارها 70 في المائة في أجورهم.. دفعة واحدة! ونقول: من ينافس ويكسر رقم الإمارات القياسي؟ هذا الخبر سيجعل قوائم الرواتب في المنطقة تنتفض قبل حلول البرد.. أو تجمد!
مقال الجمعة: وصديقنا الخبير النفطي أنس الحجي زعلان. ولأنه رجل مهذب، ويختار عباراته بعناية، ولا عجب فهو ابن الشاعر الرصين فيصل الحجي.. فهو يعبر عن الزعل بكلمةٍ مقايـِضة هي "الذهول"، فيعبر بمقالتهِ: "قمة أوبك: أمور أذهلتني" والتي نشرت في "الاقتصادية" يوم الثلاثاء الماضي، والأمور التي أذهلته – أو بصراحة أغضبته - هي ثلاثة كما كتب:" ضحالة مستوى الإعلام العربي بشكل عام، وما يكتب بعض الكتاب عن الثقافة النفطية من دون معرفة بما على الواقع، والحديث المستمر عن قوة دول أوبك.. بينما هي كما يعتقد لا قوية ولا حاجة. يعني أن الصحافيين لا تكفي أن تثقفهم نفطيا إن لم يكونوا أصلا لديهم ثقافة إعلامية.. وهنا ستكون نقطة جدلية كبرى سترفع مؤشر الغضب على صديقنا أنس مثل حالة أسعار النفط الآن ( أو بس! تطرقتُ لأمر نفطي وهو محرَّم علي!) ثم شن غارة غضبٍ على الكتاب الذين يتكلمون عن الثقافة النفطية وهم أبعد الناس عن معناها وأهدافها، والثقافة النفطية مصطلح حساس عند أنس واسألني عنها فقد عددتُ عروقَ رقبته وهو يحاول تقديمها للناس في كل مكان ومناسبة. وأرجو ألا أكون ممن غمرهم سيل الغضب ( أقصد الذهول) الحِجّي، فلقد سمحت لنفسي بالتعرض للموضوع النفطي، ويا ويلي، لأكثر من مرة. ولكن وبصراحة وإنصاف.. الرجلُ محق!
مع السلامة..