مقتطفات الجمعة 74

سنة النشر : 01/05/2009 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلاً بكم في مقتطفات الجمعة 74 ، أرجو أن تنال رضاكم.
 
أهم أحداث الأسبوع: كان هذا الأسبوع مليئا بأحداث مهمة، وبعضها مفصلية في القضايا التي تختصّ بها. على رأسها القمة الثامنة والعشرون لمجلس التعاون، ومؤتمر أنابوليس حول الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ومشاركة المملكة كلاعب رئيس في الاجتماع. ومؤتمر الفكر العربي السادس الذي أقيم في البحرين من السبت إلى يوم الإثنين من هذا الأسبوع.. وأحداث أخرى، طبعا! مؤتمر القمة الثامن والعشرون في الدوحة في قطر: كان بطابع مشهدي تاريخي، أوله حضور أول رئيس إيراني لمجريات القمة بصفة غير بروتوكولية، ولو سألتني، لقلت لك إن إيران دولة خليجية، هل تريد الحقيقة؟ لو كانت صفة الخليجية فقط هي التي تؤهل الأعضاء الدخول النادي الخليجي لكانت إيران تستحق بلا منافس، فهي الدولة الوحيدة التي تتربع وحيدة على كامل الساحل الخليجي من الضفة الأخرى، ونعرف أن الخليج اشتهر بصفته الفارسية حتى تحول، بالنسبة لنا، إلى اسم الخليج العربي - ونعرف أن العالمَ الجغرافي مازال يطلق عليه الخليج الفارسي، وطالع أي خريطة بغير العربية. ومن جهة أخرى، يجب ألا نترك إيران بحضورها الهائل في المنطقة وأثرها "الممتد" دون أن نكون قريبين منها، وأن تكون قريبة منا، فالقرب معرفة وتيقظ، ثم إن تداخل المصالح الاقتصادية وتبادل الطاقات البشرية هما الطريق (الأوحد) لضمان ارتباط العلاقات بيننا وبين إيران بشكل علاقة منزوعة الفتيل، وبدل أن تكون علاقتنا مع إيران قنبلة موقوتة، قد يشعل فتيلها أي نزاع هامشي أو رئيسي، فإن هذه الشعلة بالتبادلات الاقتصادية وانفتاح بوابات النشاطات البشرية تصير نورا هادئا ينطلق من فتيل.. شمعة!
 
مؤتمر فكر6 في المنامة - البحرين: الأمير خالد الفيصل من عباقرة الحلم، فنـّانٌ بخيال محلق، وشاعرٌ بقلبٍ مرهف، ولما يُكلَل الخيالُ والحساسية الجمالية بالإدراك العميق والتصميم المثابر، يتحول الحلمُ واقعا ينبض دفاقا بالحياة. هذا الرجلُ الذي يرسم الخيولَ طليقة فوارة الجموح، مفعمة الطاقة، ثم يرش عليها بريشته ذاك الجمال الشامخ، فقد يكون كلُّ جوادٍ في رأسِه المفكـِّر يمثل مشروعا خرج للواقع، أو مشروعا سينطلق من اللوحةِ المفعمة إلى ركوب ريح طموح الواقع. وكان اليومُ الأولُ الذي حضرته في المؤتمر، وانقطعتُ بعده لظرفٍ طرأ، كافياً للدلالة على قيمة وأهمية المؤتمر، وإلى ما تطورت إليه مؤسسة الفكر العربي ككيان ثابت تفوقت فيه على معظم الهياكل العربية التي أرادت أن تقدم عملا متكاملا بين العرب وجهدا موحدا. صحيح أن المؤتمرَ مازال الأثرُ السعودي فيه طافيا فوق الصورة العامة، إلا أنه يحمل كل القواعد الصحيحة لانتشار أول عمل عربي عملي تخطيطي وتطبيقي في العالم العربي، إن البداية التي كانت فكرة من خيال عقل حالم ومصمم صارت الآن كيانا يعجّ بعشرات العقول الفاعلة، وزخما من النشاطات الفكرية الباهرة، وتفصلـّت عالما فكريا من نسيج النولِ الواقعي بالاعتراف بتأخرنا وعثراتنا العميقة. جاءت هذه المؤسسة لتقدم حبلا يتدلى لينقل الحالة العربية عموما من ركود الأعماق إلى حراك السطح والنور، حيث سبقنا العالمُ هناك وبقي.. في المنامة الأسبوع الفائت كانت خيولُ خالد الفيصل تتسابق بحيوية واقعا خارج لوحاته.
 
تقدير: لم أشعر في حياتي بالفخر بـ "أرامكو" مثل ما أشعر به نحوها منذ اتخذت هذا المسارَ الجدّي بأن تزج بقدراتها المستفيضة في الفعاليات الفكرية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية، وقد تختلط على الوافدِ إلى فندق "الريتز" في ضاحية السيف البحرينية المشاهدُ في مؤتمر فكر6، فيظنه حدثا تقيمه "أرامكو"، وهنا يكون الراعي صفة أقل جدا من الحقيقة.. ففي النشاطات المعدة في اليوم الأول شارك شبابُ وشابات "أرامكو" في العمل بالورش والنقاش والدراسات، بل قدمت "أرامكو" عالِماً شاباً تأهل لجائزة المؤسسة. إن دخول الشركات الكبرى في تبني الفعاليات الإنسانية بأنواعها هو تحقيق لأول أهداف الأمير الفيصل الكبرى: مزجُ الفكر مع المال.. فينهض الأولُ، ويتطهـّر الثاني!
 
مقال الجمعة: في جريدة الرياض أمس السادس من كانون الأول (ديسمبر) الجاري طرّز الصفحة المفكر السياسي محمد رضا لاري بمقال عنوانه "فشل المؤتمر الدولي"، وكان العنوان هو الموضوع وهو النتيجة، حول ما سُمي بمؤتمر السلام في مدينة أنابوليس، فالسيد لاري يكتب:" نحن نتفق مع العديد من الشخصيات السياسية الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط على أن النزاع الدائر فيه والسياسة الأمريكية المرتبطة به ناتجان عن مؤامرة إسرائيلية ـ أمريكية، وأن مؤتمر أنابوليس لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط هو فصل من فصول المسرحية الرامية إلى إعادة الاعتبار للبيت الأبيض الذي فقد كل مصداقيته..".. ونتفق بدورنا مع رؤى الأستاذ لاري. كما أعتقد أن المؤتمر كان يظلله شبحٌ كبير اسمه "حماس"، فالأطراف الغربية مع أمريكا، كما أوضح لاري، يريدون نزع شجرة حماس من أرض السياسة الفلسطينية. وغريبٌ أن يغفل دهاة السياسة مدى تغلغل جذور الشجرة الحماسية في الأرض الفلسطينية الدينية والسياسية والاجتماعية، فإن قلع حماس يتطلب قلع كامل الأرض الفلسطينية.. إلا إن كان هذا ما يريده الأمريكيون! أريد على الأقل - من جانبي- أن يعوضنا الأمريكيون عن الوقت والمال اللذين صرفناهما من أجل الحضور لمؤتمرٍ أماتوه قبل أن يرفس، كما يقول المثل التكساسي.. فالمؤتمرُ يعقد وأول أجندته القدس، بينما إسرائيل تبني حيا متكاملا في قلبها!
 
وأنا أنقل ما كتب السيد لاري لاحظتُ غياب الهمزة من جميع الكلمات التي تتطلب وجود الهمزة فأعدتُ وضعها، فهل (الرياض) متخاصمة مع الهمزة، أم أن السيد لاري خاصم "المؤتمر"، فقاطع الهمزة التي ترتفع فوق أحد حروفه؟!
 
والقارئ المثقف "صالح السليم" أرسل لي موضوعا عن أنابوليس، لاعبا بالاسم بمغزى لامز إلى "أنا.. وبس!" أي إسرائيل وبس. واقترح قارئٌ آخر: "أنا وإبليس.." ولم يقل لي، هداه الله، من يقصد!
 
ومن قصيدة للشاعر المكين فيصل بن محمد الحجي: خضعوا لإسرائيلَ في أطماعِها حتى غدوا لظلالــِــها أبواقــــا
 
مع السلامة..