مقتطفات الجمعة 70

سنة النشر : 01/05/2009 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 70 . أرجو أن تنال رضاكم.
 
نقل لي أخي الدكتور مقبل بن صالح الذكير خبرَ توعّك أستاذنا الكبير "وهيب بن زقر" شفاه الله ورفع عنه. والدكتور الذكير الذي يتواصل مع جميع زملائه وأصدقائه، طمأنني بأنه كان قد تحدث مع الشيخ وهيب أخيرا، ووجده كعادته مهتما بالقضايا الاقتصادية الكبرى التي تهم الأمّة. يعني، كأن هذا الرجلَ الذي أجهد نفسَه سنينا طوالا ليعطي نمطا ومذاقا خاصَّيْن للتجارة والاقتصاد في البلاد، لا يعرف إلا أن يكدّ هذا الذهن، فلا يرتاح إلا.. بالتعب. وكأن أبوعبيد يدفع ثمن هذا العقل اليقظ المشتعل حماسة ومعرفة في رأسه ليهز كامل البدن الذي أجهده مولـّدٌ عبقري لا يعرف إلا أن يطلق الأفكارَ والمشاريع، ثم يجري وراء تحقيقها. وهيب بن زقر ليس رجل أعمال عاديا، وليس كاتبا عاديا، وليس.. مريضا عاديا. لذا فإن المرض مع هؤلاء فوق العاديين لا يعني شيئا، وسينهزم بأي حال.. لأن وهيب بن زقر لا وقت لديه لمجاراة همّ المرض. ونحن نتوجه إلى الله أن يشفي هذا الرجل العلامة.. من أجل محبيه.. أما محبوه فهم كلنا.
 
وفي مقال للدكتور "مقبل بن صالح الذكير" ظهر في "الاقتصادية" بعنوان: "خواطر الشيخ وهيب العابرة" ويرمز لكتاب بن زقر بعنوان "خواطر اقتصادية عابرة"، فينساق مع صديقه بقطعة من الوصف الرائق قائلا: "وللشيخ وهيب رؤى إدارية حصيفة، فهو يؤمن أن الكوادر التي عرقلت مسيرة التنمية لسنوات لا يمكن لها أن تتولى إدارتها الآن، وأننا إذا لم نبذل جهودا حثيثة لإزالة المعوقات الإدارية، فإن محاولات إحداث نقلة نوعية في مسيرة التنمية في بلادنا ستتعطل، كما ستفشل جهودنا في استقطاب الأموال الأجنبية واستعادة الأموال الوطنية المهاجرة، الأمر الذي يفوت على بلادنا فرصا ثمينة لفك الاختناقات وسد الثغرات بين الطلب الكلي المتعاظم على مختلف الخدمات الاقتصادية والاجتماعية وعرضها المحدود". وبالفعل كان الشيخ وهيب، وما زال، رجلا مهموما بقضايا الاقتصاد في بلده، ولو سمح لي صديقه مقبل الذكير بإطلاق لقب يسبق اسمه لقلنا: الاقتصادي الوطني وهيب بن زقر.
 
وأسعدني وملأني فخرا، وها أنا أسمح لنفسي نشوانا، أن أتباهى أمامكم بأن في كتاب "خواطر اقتصادية عابرة" لوهيب سعيد بن زقر، والذي جمع فيه مقالاته بالاقتصادية، مقالا مفردا لمع به اسمي كاملا، ففي الصفحة 207 بعنوان ( الحظ يمرض ولا يموت) تعليق استدراكي، واستنباطي فيما بعد، حول مقال لي بعنوان: "هكذا تحدث الوزير"، تخيلتُ فيه أن وزيرا يستعرض خطط الحكومة المثلى، فيصف الأستاذ بن زقر: "كلام الوزير الذي نقله نجيب عبد الرحمن الزامل في وضوح الشمس يوم السبت بتاريخ 16-4-2005 مخـْمـَخَ رأسي، و "بشـْبـَشَ التربة" من تحت رؤوس الأموات....". وترون أن الشيخ وهيب أعطانا درسا أن المعلـِّمَ الكبيرَ لا يتردد في الاستشهاد بأقل تلامذته شأنا.. شأن كل معلمي الإنسانية العظام.
 
قضية الأسبوع: وما غير الغلاء؟ لقد افتقر جيب كل سعودي أضعافا مهما كان مليئا، بسبب الغلاء، وعندما يكون الجيب لا يدخله أساسا المال، لأنه من اليد إلى السوق كما هو حال غالبية من الشعب السعودي الآن، فإن الغلاء هنا يجب أن يعد موقفا قوميا، إني لا أقول أن يعد لا قدر الله من النكبات الكبرى، أو ما يسمى أثناء الأحداث الطبيعية بالكوارث القومية، ولكني أعده مشكلة مؤرقة لكل سعودي، وهذا أقل ما يمكن أن يوصف به الوضع السوقي مع دخول المتوسط الأعم من الناس. وفي المسائل القومية الكبرى تكون الحلول عاجلة، وتتظافر السلطات المختلفة، وتـُعقد بشكل طارئ أكبرُ المجالس في البلاد، أولا للتصدي للموجة لتحجيمها وإيقافها، ثم في الدراسة المتواصلة والحثيثة للتوقي منها ومجابهة أسبابها في المستقبل. وما زال الناسُ يتساءلون إلى متى يستمر الريال في دفع ثمن علاقته بالدولار المنخفض، ويتساءلون عن غياب فعالية لرصد السوق ضد التلاعب بالأسعار، وهنا لا نتهم الوزارة، ولكن ننتقد أنه كمجتمع عام لا يوجد لدينا جهة مستقلة تماما وفاعلة ومؤثرة لحماية المستهلك.
 
رياض المعلوف الشاعر اللبناني الراحل كان مسيحيا مارونيا ومتبتلا. شعره له موسيقى مفردة، وثقافته الفرنسية العميقة، وذائقته العربية المتجذرة، طعمت معانيه وخياله وأساليبه بأطرزةٍ مبتكرة ونافرة في النص الشعري بقصائده، ولا يملك من يتذوق الشعر الكلاسيكي إلا أن يترنم طربا بإيقاعاته الخلابة، ويربت على صدره خفيفا وهو يجري الكلمات المنمقة بصف براق، ومصفوفة بعقد منساب، وموشى بلغة وكأنه يغرف من ينابيع تـُجري سحرَ العطاء والإلهام. هذا الشاعر يعيد مرارا أن تفوقه اللغوي إنما بسبب ولعه بالقرآن الكريم، فيخاطب الكتاب الكريم : "وإذا ما أجدتُ فيك قصيدي * عادَ فضلي إليكَ في إلهامي" ثم يشير إلى مسيحيته ولا يراها تقنع ما يبهره بالقرآن:" جئتُ من بيعةِ المسيحِ وشعري * فيكَ أنشدته فطاب كلامي." رياض المعلوف شعلة من الماضي لتنير في قلوبٍ تيبست في الحاضر!
 
وأرسل لي قارئٌ عزيز من "القديح"، من أعمال القطيف هذا الخبر: "في تحرك جماعي من قبل بوفيهات القديح، وبسبب ارتفاع في أسعار مواد الخام، تم رفع قيمة ساندويتش الفلافل لتصبح بريالين بدل ريال، وتسري هذه الأسعار ابتداء من مطلع العام الجديد. ويذكر مصدر مطلع أن وزير التجارة قام بالاجتماع مع أصحاب البوفيهات للتنازل عن هذا القرار, غير أن ضعف الريال وأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة حالا دون ذلك".. إذن، قاطعوا الفلافل!
 
مسك الختام: لرياض معلوف: كل قرآنك الشريف عظاتٌ طاب تجويــدها مع الأنغــامِ سورٌ كلـــــــــها نفـــحـــاتٌ تسحرُ العقلَ من بديع الكلامِ
 
مع السلامة..