مقتطفات الجمعة 63
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 63 ، أرجو أن تنال رضاكم.
شخصية الجمعة: الدكتور مروان الأحمدي الرئيس التنفيذي لشركة "زين" للاتصالات كان نجم أمسية منتدى "أمطار" بالرياض، وفي جمعٍ ضم عقولا نابهة، وشخصيات كريمة قدم الدكتور مروان الأحمدي شخصية الإداري الأنموذج، ممثلة فيه، بل الشخصية الأنموذجية للإداري العصري العابر للقارات، ومحترف الإدارة التقنية الأكثر شمولا في العالم، لذا هو يتكلم عن الدول ليست كأنها جغرافيا متناثرة على الأرض، بل كأنها غرف في مبنى الإدارة الرئيس، يعرف مواقعها وارتفاعها ومقاسها وطبيعة أجوائها ومن فيها. قدم بلغة مفهومة وسريعة ونابضة في ليلة شتائية رياضية قبسا من بعض معارفه لمعت كلسان فضي معرفي في قبة الليل.. كنت أتمنى حضور أي مسؤول كبير من وزارة العمل، ليرى كيف يتحقق حلم المدير السعودي العالمي، وكيف يمكن أن تكون مسيرة شخص مثله تتويجا مجيدا وساميا لحلم الوزارة الأول في أن يكون السعودي في قمرة قيادة أعقد أجهزة الإدارة وأسرعها تطورا.. وكان يجب عليّ أن أدعو كبراء الجامعات ليروا كيف تحول تلميذ جامعي سعودي إلى أن يدير شركة غير سعودية مقدما نفسه وشركته كوكبا لامعا في سلسلة كواكب تدور حول شمس العالمية.. وتحية لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن فالأحمدي تخرج فيها مُعَدا لغزو الأعمال العالمية. برأيي وبتوقعاتي هذا الإداري السعودي الإداري العصري المتفوق سيكون يوما على هامة إداريي العالم ضمن اختيار الشخصيات العالمية في مضماره.
تستقبل "أمطار" عديدا من الشخصيات السعودية التي أثرت في واقعنا المعرفي في أكثر من مجال، ونتلقى كثيرا من الرسائل، ولكن أجمل ما وصلني هذه الرسالة من المهندس الشاب عوض بن فهد الوريدة من سابك للتسويق:"... أوصاني مديري الحالي بأن أتعرف على أهم الزبائن لنا وأتواصل معهم، وكنتم دعوتمونا البارحة في "أمطار" فقلت في نفسي إنه من المناسب أن أتعرف على (الزبون) وهو في حالة فرح ولذلك قررت الحضور البارحة. ولكن الذي حصل البارحة مختلف تماما. رأيت نفسي بين أشخاص تشتري الجلسة معهم، وخرجت بقلب مفعم بحب العمل والتفاني من أجل الوطن. دخلتُ لكي أرضي زبونا، وخرجتُ أبحث عن رضا بلدي. دخلت لكي أقضي 30 دقيقة، وخرجت وأنا أفكر في الدخول مرة أخرى. دخلت لكي أقابل تاجرا من التجار، وخرجت وإذا هو رجلٌ فِكْره مع دعم الأُسَر السعودية بالخارج، خرجت وأنا أرى "مقتطفات الجمعة" الحبيبة تمشي على الأرض.."، وأقول: هنيئا لسابك بهذا المسوق الرائع، فهل سابك تبيع الحديد وخامات اللدائن، أم تبيع الزهور؟
وفي "الاقتصادية" بتاريخ 26 شباط (فبراير) والموضوع عن منتدى جدة الاقتصادي يدهشك هذا العنوان الخارج عن سياق الحدث: "ينتابني شعورٌ جارف وأنا بجوار بيت الله"، ولم يكن هذا فقط ما خرج به الرئيس البوسني "حارس سلاجيتك" عن طبيعة المنتدى ونظامه، بل خرج عن واحد من أهم أعراف المنتدى إن لم يكن من صلب قوانينه.. لقد خرج بلا تردد، ولكن ليس مثل خروج المنحرفين عن النظام، بل كدخول الفاتحين ساحات الحق.. فحيث يجري العرفُ ( القانون!) في المنتدى بأن تكون اللغة الإنجليزية هي لغة الحديث في المنتدى، اعتلى هذا الشخص المعتد بدينه وتفرده وصنع ظرفا رآه عادلا ومنصفا ومستحَقا من نفسِه لنفسِه، وتساوى مثل أية شخصية من الشخصيات القشيبة التي لمعت في المنتدى، ثم وبسلاسةٍ وطلاقة نطـَق بالعربية الفصحى.. وأُسقط في يد الجميع. الغريب يا جماعة لم نقرأ ولم نسمع ولم نر أن المنتدى انهار أو تهاوى هيكله، ومرت الأمورُ كما تضرب الرياحُ التجارية في أشرعة سفينةٍ في يوم بحري جميل.. وبما أنه لم يحدث زلزالٌ تحت أرض المنتدى، ولم ينفجر فورٌ ناريٌ تحت سطحه، فإني أرى أنه لا بأس أن تكون اللغة الإنجليزية لغة محكية رئيسة في المنتدى، ولكن على ألا تكون هي الخيار الوحيد.. ونقول بالعربية الفصحى:" لا فـُضّ فوك يا حارس!"
وحين جاء دور الأمير تركي الفيصل اعتذر أنه سيتحدث بالإنجليزية رغم تفضيله الحديث بالعربية لأن منظمي المؤتمر يلزمون المتحدثين أن تكون الإنجليزية هي لغة المؤتمر. ولكني حضرت للأمير الفيصل مناسبة مماثلة في البحرين، وكانت المناسبة أيضا تقتضي الحديث باللغة الإنجليزية عرفا (وقانونا) مع أن المنظمين والحضور عرب ما عدا قلة لا تحسب، إلا أن الأميرَ الفيصل حينها أصر على إلقاء كلمته بالعربية.. فقط لكي نذكـّر أن المواقفَ الفردية المحقة لا تـُنسى.
.. وفي المنتدى، فضحنا "آلان جر ينسبان" محافظ المال الفيدرالي السابق الأمريكي، الذي كان إلى يوم قريب كاهن كهنة أسواق النقد الكوني، ( وتمتع بجاذبيةٍ سوقيةٍ خرافيةٍ لم يعوضها أحدٌ بعده) وهو يقول أمام الملأ ووسط دهاقنة المال عندنا : إن من أهم إصلاح سياسة النقد عندنا هو تعويم العملة..". وبعربية فصيحة نقول: لا تعليق!
.. وفي المنتدى، يقول نائبُ محافظ مؤسسة النقد السعودي الدكتور محمد الجاسر: "لا تعويم للعملة السعودية" .. وبعربيةٍ فصحى نقول: لا تعليق.. أيضا!
أفهم إذن أنه يجب أن يوصى بتعليم العملات الخليجية فنّ العوم!
.. وبناء عليه: يُقاس التقدم بالقدرة على التغيير، وليس على عدم التغيير. والإدارة الشجاعة هي التي تخاف أن تهرب أمام القرار المخيف!
في أمان الله..