مقتطفات الجمعة 59
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 59 ، أرجو أن تنال رضاكم.
كان الدكتور عبد الله العسكر في منتدانا (أمطار) في الرياض – ونون الجماعة هنا للجميع - في أشد حالات تألقه وهو يلقي محاضرة حول بحوثه حول الجديد في الدراسات الوهابية، واستعرض تاريخنا القريبَ أمامنا، ومن مؤرخ عالم أجمع كل الحضور الكبير، وهم صفوة الأساتذة والفاعلين الفكريين بمناداته: "أستاذنا ومعلمنا".. فأرى الوجهَ النحيلَ الهادئ لهذا الصديق يتموج بدماء التواضع والخجل والعبقرية. حاول الدكتور العسكر أن يقنعنا أنه لا يلقي درسا أكاديميا وإنما نقاشَ مجلس من الأصدقاء، فإذا هو يلبس مسوحَ المعلمين الباحثين ولا يتناول شيئا إلا بالدلالة العلمية الحاضرة والمثبتة.. ولو كانت المجتمعاتُ تدار بطريقة الدكتور العسكر في "نقاش المجالس" لصحونا في يومٍ "تاريخي" ينتهي به مصطلح النفي في الجهات الرسمية والدولية. وصل بنا الدكتور العسكر في استعراض عميق وبإبحارٍ قصيرٍ إلى ساحل النتيجة، وهو أنه لا جديد في الدراسات المتعلقة بالوهابية.. مهما قيل.
قلنا إن الدكتور العسكر كان متألقا، والذي فاجأنا أكثر تألقُ العقول الحاضرة، تعدت المناسبة ما تعودناه من الفائدة، وكانت بالنسبة لشخص بعقل متواضع مثلي مباراة عقلية أخاذة بين أدمغةٍ تتبارى بالحقائق والبراهين ونصاعة الطرح وعمق التحليل المغلفة بالتهذيب والأناقة اللفظية. المداخلات والأسئلة كانت محاضرات متنوعة الألوان قـُدِّمت في كبسولاتٍ مضغوطةٍ، بدأها الدكتور البديع "عبد الرحمن الشبيلي" الفاره الحضور والفكر منوِّها بأنه يعتبر الدكتور العسكر أستاذا ومرجعا، وأنه طالما رجع إليه وهو يكتب سلسلة سِيَرهِ، ثم التفّ بلطفٍ على الدكتور العسكر مصرحا بأنه أصيب بخيبة لاستنتاجه بأن لا جديد في الوهابية، فالشبيلي يرى أن الوضع يعج بالجديد منها أننا صرنا نصرح علنا بالوهابية، ونتناقش في شيء عشنا عليه كالبداهة عقودا وهذا جديد، وتطرق بعناية إلى ما صاحب الاصطلاح من فكر سياسي. والدكتور "محمد العزام" تداخل برصانة قوية، وقال إن تقديم الوهابية بهذا المفهوم في الأوساط الدولية المناوئة هي سُحبت أسهم ووجهت إلينا، والأستاذ "صالح الخنيني" لم يخلُ من الدهاء وهو يسأل العسكر متعجبا لأنه قال إن الشيخ محمد عبد الوهاب ليس فقيها ولا سياسيا، فماذا هو إذن؟!
قطع الدكتور "عبد الله المطوع" الحجج في من كان أول من أطلق اسم الوهابية على حركة محمد عبد الوهاب الإصلاحية وبأنه ليس كارستي نيبور كما أشار المحاضر، بل إنه لا غير شقيق الشيخ، سليمان بن عبد الوهاب مؤلف كتاب "الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية"، وبهذا يكون السبق للأخ الشقيق. وكدت اهتز طربا ونشوة على مداخلة الدكتور "صالح الخثلان"، فهذا مؤرخ أجابه به مؤرخي العالم، لقد حلل نهوض المصطلح الوهابي هذه المرة من روسيا، وأكد أنها أكثر المصطلحات دورانا في اللغة الروسية الآن، والرجل يغوص في علمه بحذقٍ وألق وبعقل مقسم الإطارات المنطقية مع التواري وراء فِكرِهِ وليس البروز من فوقه، والدكتور يوسف العتيق مبهر جدا، وصريح حاد مغلف برقةٍ شخصية تعطيك الأمان لأول وهلة، لقد أثبت معارضا أستاذه العسكر بأن "مقبل الوادعي" الذي تطير باسمه الأنباء من اليمن كان رعاية سعودية في الأصل، ولكنه خرج على اليد التي أكرمته، وكان العسكر يقول إن السعودية لم يكن لها علاقة بأي شكل مع الوادعي. أما الدكتور "مشاري النعيم" هذا الأكاديمي الراسخ فقد كان له القول الفصل:"كفانا الحديث في الوهابية ماضيا وحتى حاضرا، ولننظر بعين الدارس إلى ما بعد الوهابية وتبعاتها الاجتماعية..". كل مداخلة توزن بالجبال.
حلية الجمعة: بعد المقتطفات السابقة الدسمة إليكم أحلى ما قرأت في الظـُرفِ والمَكر معا، بمقال كتبه الأستاذ "عبد الله بن بخيت" في جريدة الجزيرة عن تداعيات فوز المذيعة الكويتية "حليمة بولند" بجائزة أجمل مذيعة تلفزيونية، وأنصحك بالتنفس أثناء الضحك:" سعدت جداً بتصريح حليمة أن الجائزة لم تمنح لها من أجل الجمال الخارجي وأكدت على شرط اسمه الجمال الداخلي. حكاية الجمال الداخلي قد تسمح لي ولزميلي سليمان الفليح وأبو شيخة الأستاذ عبد الرحمن السماري ومعظم كتاب جريدة "الجزيرة" بدخول مسابقات الجمال والفوز بها - بإذن الله. حسب نظرية الجمال الداخلي يمكن تأسيس جائزة لاختيار ملك جمال الكتاب والمؤلفين.. ويمكن أن ننطلق إلى المزيد من مسابقات الجمال: مسابقات جمال رجال الأعمال، ومسابقات جمال الدعاة، مع استبعاد "النجيمي" لكيلا يسيطر على الجائزة سنة تلو الأخرى، ولن نحتاج إلى لجان تحكيم أجنبية فالخبرة و- لله الحمد - متوافرة. سنستفيد من نفس اللجان التي حكمت في مزايين الإبل، وحتى لا تشوبها شبهة التشبه بالغرب سنطلق على مسابقات الجمال هذه مزايين الكتاب ومزايين الدعاة ومزايين رؤساء التحرير..".
أما بالنسبة لمزايين رؤساء التحرير فكنت سأقول من اسم مرشحي لولا أني أكتب في جريدته!