مقتطفات الجمعة 53
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
"لقد كنت يا سيدي حبيب الفيصل ولا تزال" ـ خالد الفيصل مخاطبا عمه الأمير سلطان.
نشرت الصحف عن الحفل الذي أقامته مؤسسة الملك فيصل الخيرية لوضع حجر الأساس لجامعة الفيصل برعاية سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي قدم تبرعا سخيا بقيمة عشرين مليون ريال للجامعة. ولا شك أن البلاد تحتاج جامعات أخرى وجامعات، فالتعليم الجامعي في أزمة واحتقان، ولكن هناك أمرا مهما، أو أنه قد يكون أهم، وهو الجودة النوعية للمعرفة العلمية لدى متخرجي الجامعات، وتدرك أن الأمير خالد الفيصل يعي ذلك جيدا حين يقول إن الجامعة ستكرس آليات التعلم وليس تقليدية التعليم، واعتمادها على الرؤية الذاتية لطالب الجامعة لاختيار ما يقرر لحياته المهنية مستقبلا.. وهذا ما يقوله مخططو التعليم، وما ينادي به الاقتصاديون ورجال الأعمال لسد السوق باحتياجه الحقيقي من المهارات العملية الواقعية..
ويبدو أن العقلية العقارية تتغير في البلاد من حيث النظرة النوعية للعمل وليس فقط الترويج التسويقي التقليدي، فيصلني خطاب من الأستاذ "فيصل إبراهيم العثمان" يعطيني صورة عن طبيعة فلسفة العمل القائمة عليها شركته الكبرى (جوار) حيث لفته ما كتبتُ في مقتطفات سابقة عن شركات عقارية نابهة. ويسعدني هذا التوجه الذكي والجميل معا، فهو يقدم شركته كصاحبة نهج وهدف وليس كقيمة سوقية صرفة، ثم يستخدم لغة جميلة في قوله "أود أن أعرفكم عن شركة جوار", والمعنى واضح فهو يعرف أن شهرة الشركة عقاريا معروفة، ولكنه يريد أن يلفت نظري إلى أن هناك خططا ومنهجا ويريدني أن أتعرف على ذلك. وكيف أنها الذراع التسويقية لمجموعة "بن لادن"، وأنها ترسم خارطة جديدة لقطاع العقار وفق أسس علمية وعملية، ومنح الشركة الوكالة الحصرية لتسويق مشروع وقف الملك عبد العزيز (أبراج البيت) وأنها راعي بطولة كأس العالم 2006 لمساندة المنتخب. وأخي إبراهيم يقدم دعوة لي وهذا يشرفني، وأخبره أن معرفته الشخصية ستكون هي المقصد الأول!
وأرجو أن لا تحرجوا صديقنا الدكتور الألمعي "عبد الله إبراهيم العسكر" عندما تؤلفون كتبا وتريدون أن يكتب لكم مقدماتها، فهو يكتب قائلا في جريدة "الرياض" في مقالة بعنوان "شهداء اليمامة" عدد 31 مايو: ".. لا أحبذ أن أكتب مقدمات لكتب الأصدقاء، خشية أن أقول قولا يغضبهم، ثم أفقدهم بعد ذلك.." فيصل بنا إلى هذه الحكمة: "فالحق عندي مقدم على الرجال والنساء"، يريد أن يقول إنه يسعى للحقيقة وليس مجرد رضى الناس. وأما لماذا اخترت هذا، ليس فقط لأنه كلام لا غبار عليه، ولكن لأن الدكتور العسكر صنعته العلم التاريخي، وما شوه وقائع الحاضر إلا تحريف التاريخ وتزويره، وسلم كثير منه بفضل المؤرخين العلميين الصادقين. لذا لم أستغرب من متمرس عالي الخبرة والمهنية مثل الدكتور العسكر أن يقول ذلك على الملأ وكأنه يلقي عليهم السلام. وأنا عندي كتب لمؤلفين بلا مقدمات.. فمن يقنع لي العسكر ليكتبها؟!
أود أن أعرف هل حضر وفد صحي أو طبي المؤتمر المهم والكبير الذي عقد في روما الثلاثاء الماضي لمدة يومين تناقش فيه العلماء بإسهاب حول مرض حمى الطيور؟ لقد رجوت خبراء الصحة في بلادنا في مقتطفات الجمعة السابقة أن يفيدونا حول الخبر الذي ضج العالم الصحي في موت أسرة كاملة في إندونيسيا بما يعتقد أنه أول حالة عدوى إنسان من إنسان.. ولم يستجب أحد، ولن أقول كالعادة، لأني ما زلت أؤمن برجال الصحة وبتجاوبهم، وربما أن المقتطفات غير منتشرة فلا يكون الذنب ذنبهم. وفي حالة قراءتهم لهذا المقتطف أرجو أن يخبرونا إن شارك أحد من خبرائنا في مؤتمر روما العالمي حول هذا المرض الذي يقلق دول العالم، والذي نظمته الأمم المتحدة ممثلة بمنظمة الغذاء والزراعة (مقرها روما) وحضره أكثر من 300 عالم من مائة دولة.. وأهم سؤال كان معلقا على رؤوس الحاضرين هو: "لماذا يتسم تطور هذا المرض بالغموض؟".. نريد أن نسمع من خبرائنا ونطمئن أنهم في عين المشهد العالمي الكبير، ومتابعين لتطورات المرض ومشاركين مع العقليات العالمية لطرح حلول الوقاية والعلاج.. إن لم يرد منهم جواب، فألق ِاللومَ على ضعف انتشار المقتطفات!
وفي الـ "نيويورك تايمز" 30 أيار (مايو)، تكتب بنت اسمها "إيميلي ستراج" مقالا أنيقا وبتنسيق ناعم عن مسابقات التهجئة. ومسابقات التهجئة مسابقات تقليدية عبر الولايات في أمريكا، لاختيار أفضل من يحفظ تهجئة الكلمات الإنجليزية ضمن مسابقات علنية مفتوحة، وهذه المسابقات عززت قدرات اللغة الإنجليزية لدى الصغار، ثم جرت معهم في أعمارهم المختلفة (وترون كيف تحافظ الأمم على لغاتها حتى ولو كانت هي اللغة العالمية الأولى!) وعنوان مقالتها هكذا كما يهجئون بالإنجليزية "ت ـ هـ ـ ج ـ ئـ ـ ة D-E-F-I-N-I-T-I-O-N" ولكن البنت الجامعية تضيف شيئا آخر مخاطبة الأمة: "لا شك أن مسابقات التهجئة العريقة ساهمت في رفع مستوى تعلم اللغة وتطبيقاتها ونالت شعبية لا تخفى، ولكن إن أردنا رفع المهارات اللغوية فلا بد أن نضيف شيئا جديدا فوق حفظ الكلمات وتهجئتها، وهو تعريف معنى الكلمة، وهنا نعطي بعدا معرفيا وعقليا ونبني اللبنات الأساسية لمبنى الرأي في شخصية التلاميذ". ولقد لفتني اقتراح الشابة "إيميلي" لأن ما أشاهده الآن من معارك على ساحتنا الإعلامية، هو قتال على كلمة نكتبها باتفاق إملائيا ثم تجري بيننا المشاحنات لأن لدينا أزمة تعريف. وبالمناسبة، تهج لي كلمة "دولة مدنية!".
من يقرأ عن الملكة فكتوريا ملكة أعظم عصور الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس، لا يمل أبدا. هذه الملكة حكمت أمة الإنجليز وهي لا تنطق الإنجليزية بطلاقة، بحكم أن لسانها كان.. ألمانيا! أما أول قرار أصدرته هذه الملكة العظيمة عند توليها العرش، هذا المرسوم: "انقلوا سريري من غرفة أمي!"
مع السلامة..