مقتطفات الجمعة 52
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
والملك عبد الله في المنطقة الشرقية سنقرأ ونسمع أنه يزور المنطقة، وهذه كلمة من الصعب هضمها لما تتبع معانيها، لأن الزيارة لا تكون من مقيم في مكان، ثم إن الزائر يكون ضيفا، والضيف لا يباشر الأشياء أو يديرها وإنما يتطلع إليها أو يستفيد من خدماتها ومعطياتها.. ولكن حال الملك عبد الله وهو في المنطقة مثل حال رب البيت وهو يتفقد أفراد عائلته في غرف البيت، فيتابع هذا، ويصلح ذاك، ويخطط مستقبل هذا، ويضع مسار حياة تلك.. ثم أإه يرى البيت بالكامل إن احتاج توسيعا أو تطويرا. إن الملك عبد الله يتفقد المنطقة أو بالأحرى يتفقد أحوال أبناء المنطقة استشعارا للمسؤولية الجسيمة جدا بأن من مهماته الرئيسة أن يجعل سبل الحياة عندهم أكثر تقدما وأقل معاناة، وأوفر علما، وأزيد إنتاجا، وأهنأ حالا، وتلمسا للمشاكل والصعاب والعقبات، ومراقبة للخطط والمشاريع المقرة تحت التنفيذ أو التي كان يجب أن تنفذ أو نفذت فعلا. ومن هنا فنحن يجب أن نكون جاهزين ليُعرض له ما حققنا، وما نريد، وبرامجنا، كما علينا أن نضع أمامه ما وصلنا إليه من المشاريع التي أمرنا بتنفيذها.. يجب أن نعي جيدا أنها زيارة تفقد، وهذا يعني البحث عن أوجه التقصير وأوجه الالتزام، كما هو السعي إلى التخطيط، ورصف طرق الازدهار.
وعنوان في الصفحة الأولى في "الاقتصادية" عدد الأربعاء السابع من الجاري:"تعيين مهندس تخصيص الاتصالات مديرا عاما للخطوط الجوية السعودية" ولا أدري إن كان مقصودا اختيار صفة "مهندس التخصيص" ليكون إيحائيا. هل ستكون مهمة "خالد الملحم" تشغيل مولد حركة التخصيص لهذا الجهاز العملاق؟ أم هل ستكون مهمته تهيئة هذا الجهاز الثقيل الوزن، وحفّ ما علق من الشحوم بالجسد الهائل ليؤهله رشيقا للسوق أي التخصيص، أو هما المهمتان معا. كلنا نبارك بالطبع لخالد الملحم، ولكن لن نحسدك يا خالد، فالمهمة والله ثقيلة .. من الدرجة الأولى!
"أين تذهب هؤلاء النسوة" مقال لعبد الواحد الحميد الكاتب المتميز في جريدة "الرياض" في 10 أيار (مايو)، (وأقول "الكاتب" حتى لا نصبغ الفكرة بالوظيفة، أليس هذا أفضل يا دكتور؟) وأعطيك هذا المقالَ تطبيقا للمثل الشائع في الغرب "إن الطريقَ نحو الحرب محفوف بالنوايا الحسنة". فتجد أن الدكتور عبد الواحد يقول: "نحتاج إلى وقفة صادقة وأمينة مع النفس.... والمطلوب أن نجتهد في إيجاد الحلول لمشاكل زماننا مثلما اجتهد فقهاؤنا الأولون وواجهوا تحديات أزمنتهم وأن يكون معيارنا الشريعة الإسلامية الغراء" وكان، برأيي، أن يقف الدكتور الكاتب هنا، ولا يستفيضُ قائلا: "وليس العادات والتقاليد التي نشأنا عليها وأصبحنا نخلط بينها وبين الدين. "ليس لأن كلامه غير صحيح بل يحتمل الكثير من الصحة، وإنما تلافيا لتعريض النيات الحسنة على مجامر النقاش العنيف، وستجد أن كل من رد على مقال الدكتور سلبا (معظم ردود الصفحة الإلكترونية) يستند إلى الشريعة وليس إلى التقاليد والعادات.. فعلا، يجب إن أردنا أن نتناقش على أمر من وحي الشريعة ألا نذكر شيئا آخر.. حتى ولو كان موجودا.. إنه فن التخاطب مع الجموع أن تنطلق من القاعدة التي يتفق عليها الجميع.. ثم تبدأ!
كأس العالم وراء الركن، وسألني أحد القراء في زاوية "اسألوني" التي تظهر كل جمعة في جريدة "اليوم" هذا السؤال: "هل تعتقد أننا سنهزم مبكرين في كأس العالم" وأجبته: "متى وصل فريقي لكأس العالم فلن أحاسبه على الهزيمة". نظريا صحيح، ولكن عمليا وأنت في المعمعة تريد لفريقك أن يمضي منتصرا، وبما أني لست خبيرا في التدريب الرياضي، إلا أني أود أن أسر في أذن كل لاعب من لاعبي منتخبنا بأن الكرة مرهونة للجسد الإنساني، بغض النظر عن جنسيته، فلا يعني أن اللاعب من بلد متقدم بالضرورة يتقدم مهارياً على لاعب العالم الثالث، والدليل تفوق لاعبي العالم الفقير مثل البرازيل ونيجيريا وكينيا والمكسيك.. هم بشر مثلك، جسدهم تماما مثل جسدك، الذي يفوز هو من يطوّع ويدرب جسده أكثر من الآخر وذلك بالتدريب والانضباط .. وعندك شيء آخر أطبق فيه نصا شرعيا وهو أن للمجتهد أجرين إن أصاب، وأجر إن أخطأ. إن اجتهدتم ـ حقا - فقد فزتم أمامنا بكل حال!
وهذا كتاب يعالج طريق العلاقة والنظرة بين العالم العربي والغرب المسيحي، اسمه عاصفة من الشرق Strom from the east والمؤلف كان مراسل مجلة "نيويوركر" في الشرق الأوسط واسمه ملتون فيورست Milton Viorst وله عدة كتب في هذا الحقل، والكتاب هذا بالذات يحلل بواقعية وصدق طبيعة الحضارتين العربية والغربية المسيحية من التاريخ إلى اليوم، ويصرح بأنهما حضارتان غنيتان وليس من السهل السيطرة الكاملة على أي منهما من قبل الأخرى، ولكن القوة الغربية أورثت الغطرسة لا الحكمة، وأن العرب يعون تماما أن الديمقراطية التي تنادي بها أمريكا وبريطانيا إنما من نتائج التخطيط للسيطرة على منابع النفط، حتى أن ناقدا جديرا مثل "أنتوني داي" يقيّمُ الكتابَ قائلا: "لو أن الرئيس الأمريكي والصقور في الإدارة الأمريكية قرأوا هذا الكتاب وهضموه لما شنوا الحرب التي أصروا على إشعالها في العراق".. وأنتوني داي كان هنا مثاليا،غير واقعي، فهو يطلب المستحيلـَيـْن من جورج بوش وديك تشيني: القراءة.. والهضم!
ورسم كاريكاتوري للرسام في "واشنطن بوست" "توني أوث" يظهر فيه العم سام "رمز أمريكا"، بوقفة غرور، يخاطب الرئيس الإيراني الذي يصوره كعامل ذري قائلا: "لن يكون هناك حوار بيننا حتى تفكك معملك الذري" ثم يضيف: "وعندما تنتهي من تفكيك معملك الذري فلن يكون هناك موضوع للتحاور حوله!"