مقتطفات الجمعة 46
سنة النشر : 01/05/2009
الصحيفة : الاقتصادية
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 46 ، أرجو أن تنال رضاكم.
انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ عبد الله الشيحة والد زميلنا وأخينا الدكتور عدنان الشيحة، يغفر الله له، كما انتقلت للرحمة الإلهية والدة أخينا رجل الأعمال المهندس خالد بن محمد البواردي، يغفر لها ويسكنها رياض فردوسه. اللهم ارحمهما ووالدِينا وأموات المسلمين.
رأيُ الأسبوع: ملفاتُ قادة دول الخليج.
عُقـَد وسط هذا الأسبوع بمدينة الدمام الاجتماعُ العاشر التشاوري لقادة دول مجلس التعاون، وهم من أهم قادة الأرض الآن، لأنهم يملكون الطاقة التي تجعل الدماءَ ونسغَ الحياة يدور في جسد الحضارة. والقادة لا يغيب عنهم هذا الواقع، ولكنهم لا يريدون أن يلعبوا لعبة "ميكافيللي" السياسية، والانتفاع من موقعهم الفريد في الاستئثار بالحصص السياسية والاقتصادية، فهم من الدراية بحيث يؤمنون أنها ثروة أرضية تطلبها كل الأرض، ولا يمكن أن تكون لعبة سياسية من واقع الكتاب الكلاسيكي "لعبة الأمم". وفي هذا الظرف الوضعي والجغرافي وتوافر المشاكل في منطقتنا، فـ "ميـّزاتُ" هذا الواقع تحضر في استراتيجتهم كملفٍ أول.
المنطقة لا تتحمل الصراعات أبدا، ولا يمكنها أن تعيد في تاريخ قصير ويلاتِ حربٍ كوَتْ الجميع، وأثرُ جروح ذاك الكيّ ما زال عميقا لاسعا.. وتتصاعد منه رائحة الشواء حتى اليوم.. فالمسألة ليست تصورا لمشاهد مريعة، فهي تجربة مررنا بها جميعا، والأكيد أننا لا نريد أن نمر بها مرة أخرى.. لذا يجب ألا نكرر بأي صورة من الصور أي خطأ ارتـُكب بالسابق حتى من خارج دول المجلس ما دام يمس حدودَ أراضي دول المجلس، أو يعرض مقدرات شعوبها، أو حياتهم لأي خطر مهما نأى أو بدا صغيرا.. فلا صغير يُحتـَقر هذه الأيام، والصغائرُ تؤذي تماما كالكبائر، إن لم تكن أحيانا أشدّ وأنكى.. ونعتقد أن هذا يحضر في استراتيجيتهم كملفٍّ ثانٍ.
نحتاج الأرضية التي تقف عليها ركائز مبنى العمل الخليجي، وإلا فإنها اتفاقات مثل الخيام التي تتطاير من أول عاصفة، وسهولة الانتقال عند أقل تباين وجهات نظر. وهي الكيان المشترك اقتصاديا ومعرفيا ونظاميا وعسكريا وتعليميا وسياسيا. فدون قيادةٍ عسكريةٍ موحدةٍ لن يأخذ أحدٌ القوة العسكرية الخليجية المشتركة بجـِدٍّ، ودون غرفة تحكم واحدة اقتصادية فإن ثروات الدول الخليجية ستكون بفجواتٍ كبيرة تنسلّ إليها قوى اقتصادية نفعية من واقع الفراغ، ومن ركوب الحصان التجاري الدولي القافز عبر حواجز القارات. ومجلس تعليمي موحد يأخذ بأقصى ما وصلت إليه العلوم خصوصا تلك التي تحتاج إليها دول الخليج من ناحية انثروجغرافية أو من ناحية الأفضلية لتكون هي الحصان الذي يمتشقه اقتصادها للمنافسة في سباق الحواجز القاري. وإيجادُ مكتبٍ رئيس يحدد القرارَ والموقفَ الديبلوماسي والسياسي أمام أي قضية سياسية إقليمية أو عالمية، فالصوتُ المشتتُ لن يلقى الصدى الذي يريده الخليجيون لوضع بصمتهم السياسية في السجل السياسي العالمي. وأن يتوازى كل هذا مع تعزيز وتنسيق العلاقات القطاعية بين دول المجلس الأهلية والرسمية. ونعتقد أنه الملف الثالث.
والذي أتمناه، من نظرتي الصغيرة، يتمثل في مثـَلٍ سائرٍ عند أهل مصر ويقول: "من ليس له كبير، فليشتر له كبيرا" وهذا عين الحكمة، لأن كلمة الكبير مسموعة بين أطراف الاختلاف بأي حال، حتى لو كان أحد الأطراف عصِي الرضا. سيكون مناسبا أن تتفق دول المجلس على اختيار كبيرهم، ليس بالضرورة ليقرر كل شيء فهناك القمة والمجالس الأخرى، ولكن للتصدي للمشكلات والخلافات المفاجئة وإنهائها من منبتها قبل أن تتفرع وتستشري، وتصير مشكلة دائمة على السطح.. وهو ملفنا الرابع!
أولاد القطيف وبناته: احتفل بريدي بعشرات الرسائل من كل جهات البلاد، أفرادا، ومجموعات، تحيي وتفخر ببنات وأولاد القطيف، وهم رسّامات ورسامون خرجوا تطوعا بريَشهم وألوانهم يُعمـِلـُونها لوحاتٍ ولا أجمل، ولا أبهى، ولا أسطع.. على كورنيش القطيف ليكون عرسا من الألوان، عرسٌ يُفصِح عن هِمَمِ وأرواحِ وذائقةِ هؤلاء الفتية والفتيات الذين افترشوا الأرض الحارة، تحت الشمس الصريحة يرسمون ويرسمون. ويرسمون طريقا لشباب الأمة يسيرون عليه من بعدهم.. إنهم الكشافون الذين يضعون نهجَ الطريق قبل أن تنطلق المراكب والقوافل.. ما أسعدنا بهم، ما أسعدهم بأنفسهم!
أفكار الجمعة: قصر فرساي، تشرح عنه الفرنسية ذات الملامح الفيتنامية في السفارة الفرنسية بدولة خليجية ( يوما كانت فيتنام ضمن مستعمرات الهند الصينية الفرنسية) وتفخر به كأروع صرح معماري على مر العصور.. وتذكرتُ كتاباً لكاتب إنجليزي عنوانه "فرساي"، وكتابا أصدرته "الريدرز دايجست" عن الحقائق المذهلة، وفيهما أنه بُنـِيَ على آلام وحاجةِ الأمـّةِ الفرنسية، وأنه إفراز من مخيلة الملك لويس الرابع عشر المتعاظمة الملوكية في تشييد قصر له يسد حاجب الشمس ليكون فيه ملك ملوك الأرض، عرشٌ من مئات الغرف والساحات ومساحات شاسعة من الحدائق المهندسة، واستمر البناءُ على مدى خمسين عاما (!) بثلاثين ألف عامل في الموقع دائما.. ومات على مر السنين كثير من العاملين من الأمراض والجوع والإجهاد حتى الموت، فلم تكن تـُدفع لهم الأجور وأكثرهم من عمال السخرة، وكان ذاك عارا حرّمَ "لويس" والملوك من بعده الحديث عنه، فأنهك فرنسا وسبب تراجعها في تقدمها العلمي والفتوحي العسكري.. وقصص تكشف عن فشل ذريع في جلب المياه من نهر السين، وعاش من في القصر بلا وسائل نظافة ولا نظام لتصريف الفضلات.. حتى صار رمزَ الغضب في الثورة الفرنسية الكبرى!
وكان لا بد أن نعلق على الفيتنامية الفرنسية بأن الملوكَ المصريين قبل عشرات القرون من عصر لويس الرابع عشر وقصره، بنوا الأهرامات وهي أعظم بناء هندسي في العالم على مر كل القرون، وأن ارتفاع أكبرها يوازي ارتفاع ناطحة سحاب بثلاثةٍ وأربعين طابقا، وأن كمية الأحجارٍ التي فيه لو بنيت جدارا بارتفاع عشرة أقدام لكان كافياً.. لتسوير كافة فرنسا. وهنا فرقٌ بين ملوكٍ وملوك!
وإذا هاتفٌ يصيحُ به "اقرأ" فيدوي الوجودُ بالأصداءِ وإذا في خشوعِهِ ذلك الأميُّ يتلو رسالة َ الإيحــــــــاءِ وإذا الأرضُ والسماءُ شِفاهٌ تتغنى بسيدِ الأنـبـيــــــــاءِ
في أمان الله..