مقتطفات الجمعة 41

سنة النشر : 01/05/2009 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلاً بكم في مقتطفات الجمعة 41 ، أرجو أن تنالَ رضاكم.
 
انتقل إلى رحمة الله الشاب فهد بن عبد الله الحمدان، ونسأل الله لعائلتي الحمدان والزامل الصبرَ والجلـَد وقبول قدر الله، وأن تُفتح له بإذن الله أبوابُ الرحمة بعد أن طهـَّر أعمالـَه بإذن خالقه المرضُ الذي مضت به مشيئته تعالى. وأن يدعو له كل من عرفه بحسن المآب، وساحات الفردوس.. اللهم آمين.
 
قضية الأسبوع: جيلنا هذا عليه المسئولية الكبرى اليوم، جيلنا الذي تلوح له الفرص الكبرى الآن، وعنده الإمكانات التي لم تـُتح لأجيالٍ من قبله، وقد لا تتوافر لأجيالٍ قادمة. مسؤولية هذا الجيل الأولى ألا تعاني الأجيالُ القادمة، هناك فرص تلف من قربها حول أعناقنا قابلة للإنجاز، وعلينا أن ننفض الروحَ القديمة في التواكل وضعف الإقبال على الفسوحات الجديدة، حيث إن الحلبة لم تعد محلية، بل أصبحت باتساع العالم، هذا ما يجب أن يفهمه جيلـُنا، كما فهمته وطبقته أجيالٌ أخرى في مجتمعاتٍ تحلب الأرضَ في كل مكان. وقد جاء دورُنا وقد اكتملت أدواتنا، ووضحت قدراتنا، والأهم ألحـَّت حاجاتُنا.. وأهمها الحاجة لأمن الغذاء. يمكننا أن نكون الجيلَ الذي لا يرضى بالتحسر على نضب مواردنا المائية، واستحالة زرع أراضينا فنعمد لأسهل الحلول حاليا وهي فتح كيس النقود وتناول السلع من رفوف السوق العالمي.. فقانون الندرة، وتهافت الطلب العالمي المتصاعد صار يفرغ هذه الرفوف، وقد يـأتي يوم لا يعود لفتح كيس النقود أيَّ معنى. على هذا الجيل أن يغامر قليلا، والمغامرة هذه ليست استكشافا، أو اقتحامَ المجهول، أو رحلة لرسم خريطةٍ جديدة، إنما هي اتباع سكةٍ سلكها آخرون، وسيسلكها آخرون.. على أنها سكة جديدة لنا، لأننا تعودنا قطف القريب فكسُلنا، والآن علينا أن نشد الرحال لتوفير السلع لنا ولأجيالنا القادمة، وأولها أن نفلح في أراضٍ في الخارج نطورها فنأخذ محاصيلها أو نتقاسمها مع أهاليها، فننهض بالأرض التي زرعناها وبأهلها ونوفر الأمنَ الحيوي لأجيالنا. لا يمكننا الاعتذار لهذا الجيل بأنه لا يستطيع، ولا يمكننا الاعتذار لهذا الجيل بأن الفرص لم توجد. إنه خيارُنا الآن، خيارُ هذا الجيل أن نتلبس المسؤولية بعد أن أُعطِينا مستلزماتها، أو أن نقبل بأن نكون الجيل الذي أضاع الفرصَ فأضاع فرص حياةٍ أفضل للقادم من الأجيال.. فما الذي نختار؟
 
إن وفق اللهُ فهناك سعي من سلطة جنوب "مانديناو" الإسلامية لإيجاد أكبر منطقة صناعية- زراعية في الفلبين، ويرغب المسئولُ عنها السلطان يحيى رغبة كاملة أن تـُدار وتطور من قبل إخوانه السعوديين كما يقول، لأن الشركات الأمريكية وضعت عروضها وهي موجودة مع تشكيل شركات عالمية بقوة في المانديناو.. وفهمتُ من سفيرنا بمانيلا الأستاذ "محمد أمين ولي" الذي يتابع هذه المسألة من كثب أن هذا قد يتوّج رسميا من قبل الرئيسة الإثنين القادم، واقترح عليّ الحضور.. ولعلني أكون هناك في الموعد، وأشهد نقلة كبرى لطالما تمنيناها لمسلمي المانديناو، ومن يعلم فقد تكون معها فرصة كبرى تنتظرنا نحن لنحقق وفرة غذائية تكون بداية عملية لتحقيق آمال الجيل الحاضر، الجيلُ الذي استلهم الفرص.
 
وفي مقابلةٍ بالإنجليزية مذاعة سمعت أطرافها مع السيد "خالد المعينا" رئيس تحرير جريدة العرب نيوز التي تصدر بالإنجليزية، شدتني لغة المعينا الإنجليزية الفارهة والراقية، وبداهته المنطلقة بأجوبةٍ حاضرةٍ ولماحةٍ لأسئلةٍ أُعِدَّت على أرضٍ زلِقة، وذلك بمناسبة المؤتمر والمقام وقتها في مدريد لحوار الأديان. ولا شك أن هناك دائما في مؤتمرات مثل هذه من يأتي بملفٍ مكشوفٍ وشفاف، وهناك من يأتي بأجندةٍ لا توضع على الطاولة ويكون السعي للملف الخفي أكثر من الملف الظاهر.. فجأة سأل المذيعُ السيد المعينا هذا السؤال المباغت والمبطن:" هل نفهم من هذا أن السعودية التي دعت لحوار الأديان ستبني الكنائس والمعابد لمنتمي الأديان الأخرى لإقامة صلواتهم وشعائرهم؟"، وهنا وضعت يدي على قلبي وقلت آه يا خالد لقد فـُتـِحَ لك كمينٌ.. ولكن بنفس البداهة السريعة لم يكد السائلُ ينتهي من سؤاله إلا ويبادره المعينا بثباتٍ بإجابة محبوكة عميقة الصدق.. ليردّ بارقاً:" المهم من وراء المؤتمر وقصد منظميه هو أن تنتهي حوائط أكبر هي حوائط الكراهية والعداء." وانتهت المقابلة، واصطاد الكمينُ هواءً!
 
وفي 23 من الشهر الجاري يكتب الأستاذ إبراهيم محمد باداود في "الاقتصادية" مقالة بعنوان: (غداء مع يهودي). ويروي ما حدث له مع أحد المشاركين اليهود أثناء حضوره حفل افتتاح المؤتمر العالمي لحوار الأديان في مدريد، وكان يسأله مرارا عن الغرض الحقيقي وراء إقامة المؤتمر، فهو يظن أن هناك أهدافا غير معلنة كأهداف سياسية أو لتحسين صورة المملكة، وأقنعه الأستاذ باداود أن الحقيقة هي ما يراها أمام عينيه: رجل كبير يملأ قلبـَه إيمانٌ بالسلام والإخاءِ العالميين.. ويبدو أن اليهودي المعتدل وجد منطقاً في إجابة السيد باداود، ثم راح هو يشرح عن مناصرته للفلسطينيين وتحفظاته الشديدة على ما تقوم به إسرائيل ضدهم.. على أن باداود يبين لناقديه بأن الغرض من الحوار وحضوره للمؤتمر هو ليس بالطبع تقارب الأديان ذاتها، ولكن إيجاد الصيغة الصحيحة كي نعيش متجاورين على هذا الكوكب وكلنا آمنون.
 
الغريب أن بذورَ الأثمار فهمت التنقلَ العالمي المفتوح قبل أن تذهب الشركاتُ الكبرى لتفلح في أراضي دولٍ أخرى، فالقطنُ المصري الطويل التيلة فخر زراعة مصر جاء مع رجل يوناني قديم اسمه "سكالاريدس"، والمانجو وصلت لإفريقيا من الهند، وانتشرت زراعة العالم القديم في القارتين الأمريكيتين.. وربما نقلنا الخلاصَ والسكري لجزرٍ بعيدة.. من يدري؟
 
ومن قصيدة الطغرائي: حب السلامةِ يٌثني عزمَ صاحبِـــهِ عن المعالي ويغري المرءَ بالكسَلِ لو أن في شرفِ المأوى بلوغُ منىً لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحمَلِ
 
في أمان الله..