مقتطفات الجمعة 29

سنة النشر : 01/05/2009 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة 29 ، أرجو أن تنال رضاكم.
 
قضية الأسبوع: كنتُ في أكثر من عاصمةٍ خليجيةٍ أخيرا، والذي عمّ هو شبحٌ ثقيلٌ من الترقـّبِ، وهو ترقبٌ مشوبٌ بالتخوّفِ، تخوفٌ من هذا التتابع في الكارثةِ المالية العالمية التي لم يُعرَف كيف يُلـَمّ أطرافـُها لقياسها بلـْه حلها. وباليدِ الأخرى عدم المعرفة التامة لعِظـَم حجم المشكلةِ الكونيةِ المالية، ولعتامةِ الشفافية فيما جرى وحصل من نتائج على مستوى المنطقةِ بدوَلِها ومؤسساتها المالية وبيوتاتها الاقتصادية الكبرى. وضح بطءٌ زاحف في أعمال ومشاريع الإعمار، وتراجعتْ أسعارُ العقار للمشاريع في أكثر من دولةٍ خليجية، وشكا لي مقاولٌ كبيرٌ سوءَ طالعِهِ بعد أن أوقِف مشروعا ربح مناقصته وقام بأول عمليات التجهيز الموقعي، ليُعلن أصحابُ المشروع بإيقافه. وكان واضحا أن السببَ جفافٌ متسارعٌ في السيولة.
 
التبادلُ التجاري يقف على أعصابِه مع تواترٍ بطيء في الصفقات الكبيرة.. وكان من المتوقع أن يكبر الطلبُ على الذهب، وفهمتُ من تجار الذهبِ أن هناك تراجعاً حاداً في الطلبِ والشراء، مع أن الذهبَ هو الملاذ التقليدي في وقت أزمات الاقتصاد، ولكن نقص السيولةِ قد يكون السبب وراء هذا التراجع. وفي الأسواق المالية لم تبدِ السوق السعودية تفاعلا منطقيا مع أداء الشركات الفعلي، وكان الأثرُ النفسي حاضراً.. وكان واضحا بسوق المال الكويتي أن السهمَ ينحدر مع أداء الشركات المنحدرة، ويتقافز قليلا للأعلى مع الشركات ذات الأداء الأفضل. حتى الآن فعلا لم نعرف ما الذي جرى تحديدا، ومهما قيل لم يُسْتـَدَل بشكلٍ أكيدٍ بكلّ ما قرأتُ وتابعتُ على الفتيل الأول الذي أشعلَ الأزمة، ولا القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير المالي الأمريكي ثم الدولي بتتابع القافلة. ولكنه في رأيي غشٌ كبيرٌ وخداعٌ أكبر وتيـْهٌ متعاظمٌ عند طائفةِ المضاربين ومخترعي الأدوات الورقية (بدل الإنتاجية) في البورصات والبنوك ودور المال، وبيوت المحاسبة. هل نعيش أيام تهاوي الرأسمالية كما عرفناها؟ أكيد، الرأسمالية التي تتيح المضاربات الكبرى على الأقل والاعتماد على تخمينات السوق المستقبلية غربت شمسها وهي شمسٌ لم تبعث نوراً ولا دفئا.. وأورثت النار. كيف تنتهي؟ ستنتهي لا محالة، كيف، متى، أين؟ الله وحده يعلم.
 
الصحافة الكويتية تسجل نصراً يحقّ لها أن تفخر به، ويحق لدولةِ الكويت أن تكون بذات الفخرِ والثقة، وتضع وزارة الإعلام الكويتية أنموذجا لاحترام الرأي والفكرِ وفهمٍ عصريٍّ للصنعةِ الإعلامية، فقد فازتْ صحافةُ الكويت بمسحٍ عالمي بالأكثر حرية في العالم العربي، ومحققة المركز الواحد والستين ضمن القائمة العالمية. من أبسط مفاهيم هذا العصر أن الحَجْرَ على الحرية في الرأي صار أمراً ديناصورياً منقرضاً ومن يتمسك به إنما يتمسك بحفرياتٍ حفظها الجليدُ فبدت حية وهي في الحقيقة جثث غادرتها الروح. عجيبٌ أن يغرب عن المتمسكين بالحجر والمنع والرقابة الغليظة على الرأي حقيقةُ أن أي مقالٍ يُمنـَع إنما هي مواصفة ممتازةٌ لذيوع المقال وشهرتِهِ في مجالات التنقل المفتوح عبر العالم، وبذا فما يُمنع إنما يُعطى زخـَماً مضاعفا - أحيانا يفوق خيال كاتبه نفسه، وكأنه وُضِع على منصةِ إطلاقٍ صاروخي إلى الفضاء الإعلامي المفتوح. وعجيبٌ أن هذا حدَث من قبل ويحدث تكرارا، ويُقال إن المرء يتعلم من هفواتِه، وإنه لا يُلدغ من ذاتِ الجحر مرتين.. وما نراه هو أن التمسك بالجثة الديناصورية ما زال هو القاعدة. عجيب!
 
ومن جريدة "اليوم"، هذا الخبر الطريف. قامت طفلة صغيرة في الرابعة من عمرها باقتحام صف أخيها بالمرحلة الابتدائية بمدرسة بمدينة الدمام، وتوجهت مباشرة إلى المدرس ووجهت له ركلة في ساقه.. ثم اتجهت بثقة وعنفوان إلى أخيها وناولته قارورة ماءٍ ثم خرجت بذات الثبات. وكان سبق أن اشتكى أخوها لأهله في البيت أنه يشعر دوما بالعطش وأن المدرسَ لا يسمح له بالخروج لشرب الماء. فما كان من البنت الصغيرة إلا أن تصحح الوضعَ بنفسِها.. ونرجو ألا يتصاعد دورُ هذه الطفلة لركل أحدٍ لتغيير سياسة التعليم!