مقتطفات الجمعة 24

سنة النشر : 01/05/2009 الصحيفة : الاقتصادية

 
الشيخ "عثمان بن ناصر الصالح" يرحل عن دنيانا، ولن يكون شكل دنيانا كما اعتدنا عليها، فقد ولدنا، وتعلمنا، وعشنا، ونحن نرفع رأسَنا لسماء الفكر والتربية والثقافة والأخلاق والكاريزما الشخصية، ونجد نجما براقا ينير قبة السماء. كان من أكبر نجوم سمائنا في أكثر من مجال، وكل مجال أجمل من الآخر.
 
كان، يرحمه الله، رجلا احتكاريا، ولكن بالطريقة المعاكسة، إنه كاحتكار الشمس للسماء.. فقط لتعطي، لا شيء آخر، وتعرف أن هذا أجمل وأشد أنواع الاحتكار حيوية وجمالا وسناء. رحل وجهٌ كقرص القمر المجلل بهالة من المُزُنِ البيضاء، ورحلت معه ألطف بسمة على مدّ الجزيرة. مات معلمُ الأمة.. معلمي، ومعلمُك. مات محتكرُ العطاءِ السنيّ الأول في الأمة. إن الأمة وهي تغمض عينها على دمعة حزن، عندما تفيقُ غسقاً، ستجد أن النجمَ رحل، وأما الضياءُ فمازال يعمُّ السماء.
 
ويكتب الدكتور "عبد الرحمن بن محمد السدحان" في عدد الثلاثاء الفائت في هذه الجريدة، هذه الجملة عن معلمه الراحل، ملتمسا:" ممن بيده الحل والعقد أن يكون الشيخ عثمان الصالح، رحمه الله، (الفارس الثقافي) لمهرجان الجنادرية المقبل بإذن الله، تكريما له، وإحياء لذكراه". ونؤيد التماس الدكتور، مع أني من الموقنين أن الرجلَ سيحتفل به التاريخ!
 
وغاب عنا إلى الأبدية الدكتور "يوسف بن عبد الوهاب نعمة الله"، وهو أحد مؤسسي بنك البلاد، وصاحب أول شهادة دكتوراة كما ذكرت الشرق الأوسط في عدد الأمس. الكثيرون لم يسمعوا عن الدكتور نعمة الله، مع أن له أعمالا اقتصادية كثيرة ودوره مشهود في منطقته، وفي البلاد (ليس البنك).
 
وإننا نتقدم بالعزاء لأسرته، والدعاء الصادق في أن يشمله الله برحمته التي تسع العالمين. وهل يمضي أول رجل ينال أكبر شهادة علمية في بلادنا فاتحا مسيرة كبرى، فقط.. هكذا؟!
 
ولقد عم الحبور المنطقة الشرقية في حفل وضع حجر الأساس لجامعة الأمير محمد بن فهد الأهلية، الذي كان برعاية الأمير الفاضل سلمان بن عبد العزيز فأعطى الحفل معنى قويا ودامغا في دعم الدولة للتعليم الجامعي الأهلي، الذي تفتقر إليه بشدة هذه البلاد، وبعد أن تناثر أولادنا في أكاديميات الدنيا.
 
لم يكن فقط حفل وضع حجر أساس، بل تتويجا لعمل مضنٍ قاده مجلس بقيادة الأستاذ سعد العثمان، وسيذكر الحجرُ الأول عرقَ الدكتور "عيسى الأنصاري" وجهدَه، وسهرَه، وقلقـَه، وفرحَه.. ولقد حقق الأميرُ محمد بن فهد هدفين سنيين، أولهما: إشراقة هذه الجامعة كوكبا معرفيا، ثم هذه النظرية الموفقة في التناصر لخدمة العلم الجامعي بتشجيع قطاع الأعمال في المساهمة والإعلان عن مساهماتهم ونقش أسمائهم بحروف من نور على كل مشروع كفله تمويلهم. سيمضي بعد أعمار طويلة، بعون الله، كلّ من حضر حفل وضع الحجر في يوم موعود.. وسيبقى عمل الأمير وكل من ساهم في الجامعة نورا باقيا لا يغيب عن أفق المنطقة والسنونُ تترى..
 
ولم ينغص علينا أبدا خبر القبض على مجموعة من الإرهابيين الماكرين ذوي النوايا السوداء الذين أحبطت محاولتهم الإجرامية الدموية الأجهزة الأمنية باقتدار، كما ورد في الصحف. فقد كان خبرا مفرحا ومبهجا أن الجهات الأمنية لدينا بالغة الحذر، وتتعامل مع أصعب دخائل الشبكة العنكبوتية، وأنها أنقذت اقتصاد البلاد من كارثة كانت لو صارت ،لا قدر الله، لأحدثت جرحا غائرا في بدن الأمة الاقتصادي، ولهزت السوقَ العالمي.. والأهم، لأُهرِقـَت دماءٌ بريئةٌ بلا جنية، كل ذنبهم أنهم يكدحون بعرقهم ليعودوا في المساء ويحضنوا أبناءهم.. وتكاثر هؤلاء الحاسدون عليهم هذا الحق.. الحق في الحياة، والحق في السعادة. لم ينم مسؤولو الأمن، وقبل ذلك فإن عين الله لا تنام.
 
ويكتب في جريدة "الجزيرة" يوم أمس السيد "إبراهيم موسى السلطان" مقالا منطقيا، ومتزنا، معبرا بهمّ وإحساس عن مسؤوليته أمام شعور وحق آلاف الطالبات وأسرهن في (جوالات الضرورة يا مسؤولي كليات البنات) .. وإني يا مسؤولي كليات البنات أكتفي بالعنوان. وتلاحقوا دعاء الطالبات وأسرهن قبل أن يستأثر بها الطاسان.. وحيدا!
 
القمة العربية: ذكرت الصحف أنه في الصباح كان هناك قمة عربية. وذكرت الصحف أنه في المساء انتهت القمة العربية. وكان النبأ كافيا!
 
كتاب الجمعة: أما هذا الكتاب فهو استثنائي جدا عن رجل استثنائي دوّخ العصور. بعنوان " Leonardo Da Vinci- The lights of the mind " ليوناردو دا فنشي- أنوار العقل" وهو كتاب عن كل أعمال ومخطوطات ورسومات ومنحوتات وأفكار وحياة هذا العقل الغامض والمحير والعبقري، الذي حير الدنيا بتعدد مواهبه فريدة التميز.. وحتى شِعره وجمال خطه، هذا الابن غير الشرعي الذي لا يزال يقفز من قرن إلى قرن بازغا ومؤثرا ومثيرا للهيبة والغموض والإعجاب بين الناس، يحكي عنه المؤلف "تشارلز نيكول Charles Nicholl" المزيد.. والمزيد. يا للعقل!
 
صورة الجمعة: في الشرق الأوسط عدد الأمس في الصفحة السابعة صورة لصبي عراقي، ابتسامته تملأ وجهه الناضح بالبراءة والبشرى. وبجانب الطريق تمر بقربه سيارة مرور مسلحة لدورية بريطانية.. والطفلُ يفسر سرواله عن ساقيه.. الاصطناعيتين! ابتسامة الطفل، هل كانت تعبر عن تحدي الصمود العراقي، وبشرى بمستقبل "حقيقي" و"باسم!"؟! لم لا!
 
قول الجمعة: اختار "تشارلز نيكول" مؤلف كتاب "دا فنشي" لمقدمته هذه العبارة: " كيف يمكنك أن تصف هذا القلب بكلمات من دون أن تملأ كتابا كاملا" ـ دا فنشي، عن قلب الإنسان.
 
مع السلامة..