مقتطفات الجمعة 8

سنة النشر : 09/01/2009 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلاً بكم في مقتطفاتِ الجمعةِ رقم 8 ، أرجو أن تحوزَ رضاكم.
 
قضية الأسبوع: "حماس": هل حماس هي السبب؟ هل حماس هي وراء كلّ من مات، وكل من سيلحقهم من قوافِل الشهداء الأبرياء؟ هل حماس هي اليدُ التي أيقظت الوحشَ الوديعَ النائم، فأغضبته فلم يعد وديعاً، وراح يمصّ الدماءَ بلا تفرقة وبلا ارتواء؟ لو كانت حماس لم تظهر على الوجود، هل يكون الوضعُ في فلسطين، وغزة بالذات، غير الموقف الحاضر الأليم؟ طيّب، هل لو تخلصنا من حماس ستنامُ أعينُ الأطفال في أحضان أمهاتهم تحت سماءِ السلام والحبِّ والأمان؟ وسؤالٌ آخر: هل الأحسن والأجدى أن نفكر في التخلص من الاحتلال الصهيوني، أم محاولة التخلص من حماس؟
 
أولئك النفرُ السعوديون من أصحاب القلوب المحبةِ الرحيمة الذين تجمهروا، وتقاطروا، وفيهم من النساءِ والشيوخ وأصحاب الحاجة، تلبية لمشروع إغاثة أهلهم في غزة، يتسابقون من أجل أن يتبرعوا. هل برأيك أنه كان يهمهم مناصرة السلطة أو حماس؟ أم أنه لم يكن يهمهم إلا مناصرة ناسهم، أحبابهم في غزة.. لا غير؟!
 
ومن مقالة للدكتورة الأمريكية "جنيفر لوينشتاين"، أرسلها لنا مشكوراً الأستاذُ الفذ "إسماعيل النواب" لمعرفتِه الشخصية بها.. لم نقل نحن بحجم صراحة ما قالت، بل على العكس نفرٌ منـّا وفينا يقولون عكس ما قالتْ. ولما قلتُ هنا: "لا وقتَ للعقلِ ولا اللوم الآن، بل هو وقتٌ متدفقٌ ومنحازٌ للعاطفة، ونحن نرى الآلةَ الإسرائيلية تطحنُ لحمَ وعظامَ أخواتنا وإخواننا وأطفالنا في غزّة، وأن لا وقتَ إلاّ للغضبِ وعاطفة المساندة بكلِّ مكامنها، وأن من يقضي الوقتَ تفكيرا وتحليلا ببرودٍ عقلي، نذكره أنه حتى لو كان له عقلٌ يعمل، فهو عنده آلتان لا تعملان: الضميرُ والقلب"، هبّت علي انتقاداتٌ، بالهاتفِ والتواصل بالبريد، وقلتُ للمعترضين انشروا علناً ما عندكم.. وبعضهم نشر. هذه الأمريكية لو قلت أنا ما قالته، أو غيري من العرب، لاتُهـِمنا بقلةِ التبصّر، وقلة العقل.. وما قالته في تحليلها لوضع حماس ونصرة أهل غزة، حتى أنا لا أجرؤ على قوله.. أعترف. وإليكم بعضٌ مما ترجمْتـُه من مقالتها الطويلة بتصرف: *** * تقول الدكتورة: إن وحشَ الرعب الذي انفك من طوقِه معربداً ومزمجراً بالسماء ضدّ شريط غزة لا شأن له مطلقاً بحماس، ولا علاقة له أبداً في الحملة ضد "الإرهاب". ولا شأن له أساساً في خطةِ الأمان طويلة الأجل للدولة اليهودية، أو مع حزب الله، أو مع سوريا، أو مع إيران.. إلا بتكريس وضع تريده إسرائيل من أجل تأجيج حرب وتسريعها لا القيام بها أو عدمه، كما أنها أعذار واهية تـُمَد كغطاءٍ لتهاون الأنظمة العربية، التي نتحدى أن تتجرأ أن تعلن أن لها سيادة في مقدراتها للتصرف بها كما تشاء، أو أنها لا تريد أن يستخدم جيشٌ إمبراطوري "داعر" (واللهِ، "هي" التي استخدمتْ الكلمة، فأنا كما قلتُ لكم لستُ بشجاعتِها ولا بصراحتها بتسمية الأشياء.. مستخدمةً اللفظَ الإنجليزيَّ ( Obscene أراضيها العزيزة كقاعدةٍ له".
 
عندما استولتْ إسرائيل على 24 في المائة زيادة على ما مُنِحَ لها قانوناً في القرار الأممي رقم 181، وبغير عدلٍ، حين كان القانون بريطانيا، هل كانت هناك حماس؟ عندما قامت إسرائيلُ بمذابحها في عام 1950، هل كانت هناك حماس؟ وعندما استولت إسرائيلُ على باقي الـ 22 في المائة من الأراضي الفلسطينية التاريخية في عام 1967م، وفسَّرت قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة رقم 248، وعسَفته لمصلحة سرقتها أرض الفلسطينين وأجدادهم، رغم إرادة الإجماع العالمي.. هل كانت هناك حماس؟ وإسرائيلُ لم يكن في نيتها إعطاء حقوق مواطنةٍ أو دولة حقيقيةٍ للفلسطينيين، وما أوضح ذاك الموقف عندما صوتت في عام 1974م وحيدة- طبعا مع أمريكا- ضد حلّ قيام دولتين في فلسطين.. فهل كانت هناك حماس؟ وعندما خذلت إسرائيلُ مصرَ في اتفاقيات السلام، وفصلتْ الحقوقَ المصرية تماما عن الحقوق الفلسطينية، ورضخت مصرَ مضطرةً آنذاك .. هل كانت هناك حماس؟ أو في عام 1982، عندما غزت إسرائيلُ، بيروت، ورجمتها بقنابل النار، وطحنتها بالبلدوزرات، لكي تلحقَ بها الضفة الغربية بلا مواجهاتٍ.. هل كانت هناك حماس؟
 
وإليك المفاجأة: عندما تعالتْ الانتفاضةُ وهزّت الكيانَ الصهيوني، وسرَتْ في العالم كعدوى من البرق فانبهرت الشعوبُ، وصار أطفالُ فلسطين آمالَ المحرومين المسلوبين في أصقاع الأرض.. ساهمت إسرائيلُ في إيجاد ومساعدة حماس، ظنـّاً أنها ستطفئ قوة الفصائل الفلسطينية العلمانية.. ولكن حماس كان لها رأيٌ آخر: معارضةُ إسرائيل والعلمانية معا!
 
وأسألكم بالله: لو لم توجد حماس، هل كانت إسرائيلُ ذاك الوحش الوادع، الذي يدلـِّعُ الآن الفلسطينيين بحضنِه، ويقبل جبينَ كل منهم، قبل أن يناموا؟! .. في إجابة هذا السؤال أرجو ألا تستعين بـ "بعض" الأصدقاءَ!
 
في أمان الله..