مقتطفات الجمعة 6

سنة النشر : 26/12/2008 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 6 ، أرجو أن تنال رضاكم.
 
موضوع الجمعة: نختار في نهاية هذا العام نماذجَ (وليس قصرا) على شخصياتٍ محليةٍ أضافت قيمة لمجتمعنا، ومن يُضِفْ قيمةً لمجتمعه، فهو يضيفُ لهذه الأرض، لأن المجتمعات هي جزءٌ متواصلٌ ومكوِّنٌ للمجتمع العالمي الكبير.
 
يبرز نائبُ أمير المنطقة الشرقية الأمير "جلوي بن عبد العزيز بن مساعد"، بإضافاته النوعية في إمارة المنطقة، وتفكيره المنهجي المرتبط بالرؤيةِ المنطقيةِ والواقعية للأمور، بتلقائيةٍ على التواصل مع عناصر المجتمع الذي يشرف على شؤونه.. وهو رجلٌ لا يتعمد التكلف، فتتهاوى الحواجزُ بينه وبين من يقصدونـَه، أو يجتمعون معه لطرح المواضيع العامة والخاصة، وهذا أمرٌ مهم جدا لا للناس فقط، بل للمسؤول بصيغةٍ أساسيةٍ، لأنها من أفضل الوسائل للاطلاع على الأحوال العامة، للوصول للحلول الموائمة. وله عقليةٌ مبادِرَة، وهذه عقلية ليس من السهل بناؤها أو اكتسابها، إن لم تكن في جُبـّلةِ الإنسان وطبعه.. ومن آخر مبادرات الأمير اللقاءُ مع كتاب جريدة (اليوم)، وهو لقاءٌ لم يتم بمكتبهِ في الإمارة، وإنما في بيتهم الذي ينتمون إليه: مبنى الجريدة، بإشارةٍ ورسالةٍ واضحتين. وبقدرته التواصلية، كما أسلفنا، فتح المواضيع التي تقلقه في الكتابةِ الصحافيةِ أو تفرحه، وعن تفاعل الإمارة معها مما شجّع الكتـّابَ أن يتحاوروا معه، بل إن السيد "محمد الوعيل" شكا له بعضَ الأمور والصعاب التي تلقاها الصحيفة في طرح تقاريرها وتغطياتها لمشاكل وقضايا المجتمع، وفي حواره مع الكاتب الأستاذ "محمد الصفار" اتضحت متابعة الأمير للمقالات التي تـُكتـَب في الجريدة وعنايته في استقصائها.. خطوةٌ تبين أن الأميرَ راغبٌ بأن يقدم إدارة إمارة المنطقة تفاعليا وعلميا وفكريا للجميع.
 
ومجلة أرامكو الأشهر (القافلة) احتفلت الليلة الماضية بتوديع السيد عبد الله جمعة، رئيس أرامكو المغادر، أشهر مديرٍ لأشهر شركةٍ، ليس في بلادِنا، ولكن في بلاد كل العباد. وتجدُ أمرَيْن بارزين في المناسبةِ، أولهما: أن طاقمَ المجلة الرائجة العريقة، وهم يودعون الرجلَ عبد الله جمعة (وتراني سحبتُ كلمة احتقال كصفةٍ للمناسبة، فقد يربط البعضَ الاحتفالَ بالبهجةِ والحبور، ولكنها في الحقيقةِ احتفاءٌ حتى عند الخروج..)، وجدوها فرصة ليضعوا خطـّاً واضحا ومؤقتا تحت نهاية فصل حافل، وهم يعلمون أن الرجلَ سيفتح بوّاباتٍ لفصولٍ قادمة. والأمرُ الثاني: أن "القافلة" وطاقمها لا يقدمون لنا في مناسبتهم الرجلَ الذي عرفه العالمُ كواحدٍ من أكبر النفطيين على الكوكب لأعوامٍ، ولكنهم يقدمون شخصية تهمهم: المثقف والمفكر.عبد الله جمعة، متعددُ الشخصياتِ، وهي هنا ليست صِمةٌ نفسانية، إنما سِمةً نفسيةً حميدة، فمن شخصياتِه أنه رجلُ أدبٍ وفكر، وهذا سائرٌ في "آل جمعة إخوان"، ومنهم أخوه المرحوم "جبر الدوسري"، وتم أيضاً "احتفاء" بسيرتِه ومنجزه، من قِبــَلِ جمعية الفنون، والنادي الأدبي في المنطقةِ الشرقيةِ مساء الثلاثاء هذا الماضي. فالأَخَوان ملـَكا مواهبَ متفرقة، وليست بالتعيين متشابهة، فبينما عبد الله جمعة رياضيٌ مسك عرينَ فريقٍ خـُبـَريٍّ عريق، وتعلم مهندسا، ونمى تأصيلاً مفكـّرا، وأخفى عمداً فيلسوفاً عميقا، وكلها تجري في دمائِه من مكوناتِ خلايا الدماء، ليست إضافةً، ليست تركيباً، وليست إدعاءً.. وكذلك كان يرحمه الله "جبر" من الفلك إلى فيلسوف لغوي، إلى شاعر مطبوع، وإلى رجل مجتمع عادي وعفوي.
 
ونقدّم الغرفةَ التجاريةَ في المنطقة الشرقية ممثلة في شخوص مجلس إدارتها وأمانتها العامة بتفوق ملحوظ في الفترة الأخيرة بنهجها على الانفتاح على المجتمع العام، والمشاركة الواضحة في الفعاليات التطوعية، فتقدم قاعاتها وتجهيزاتها، وخدمات موظفيها لأكثر من فعاليةٍ ثقافبة، واجتماعية، وتعليمية، وإرشادية، ليس مجانا فقط، بل بتكاليفها المرتبطة بإقامتها.. وصار للغرفةِ وهجٌ محبوبٌ في القطاع التطوعي، وآخرها كانت بأكثر من رسالةٍ موجهة لي لتحية "الغرفة" من الشباب في أكثر من مجالٍ تطوعي.. وتقدم الغرفةَ الرسالة المهمة الآتية للمجتمع: ثروتـُنا الأولى: ناسُنا، وليست أموالنا. عظيم!
 
وأقدم "صالح بن علي التركي" كرائدٍ محوري في التفكير الاستشرافي والجريء لقطاعات الأعمال من بيت جدة لرجال الأعمال فهو ليس رجلَ أعمال أو إداريا تقليديا، فهو يقف على منصّةٍ استشراف مستقبلي وعالمي، ومتجدد مع التطورات العالمية، ويتسم بعقليةٍ مرنةٍ ومتجاوبة ومثقفة عمليا ونظريا، وأحدث الكثيرَ في مياه المجتمع الاقتصادي في البلاد.. وهو مزود بسلاحين ماضيَيْن: العناد، وقوة الشخصية، وكما ترى فهو نمطٌ لا يُقـَدَّم كأنموذجٍ مثاليٍّ للديموقراطية، ولكن عليك أن تعرف أن مغيِّري الأحداثَ دراماتيكيا، لا وقت لهم للديموقراطية.. المهم أن يكونوا على صواب!
 
وقدّم زميلـُنا المتجلـِّي في "الاقتصادية"، الكاتب فهد بن عبد الله القاسم، شخصية إدارية أكاديمة تركت طابعاً استثنائياً في جامعة الملك سعود وبفترةٍ وجيزة، وهو الدكتور عبد الله العثمان الرجل الأول في جامعة الملك سعود، ويقول القاسم إن باقي الجامعات نهجتْ على نهجها، مضيفا أن هذه مزية وليست عيباً، مشيرا إلى أن العثمان أحدث ثورة إيجابية في البيئة الجامعية، فعزّز البحثَ بين الأساتذة، ومدّ علاقاتـَه البناءة مع القطاع الخاص والمجتمع العام، وتضافر مع الجهات الأكاديمية في الخارج، ولي شخصيا اطلاع قريب مع تفاعل الدكتور العثمان مع جامعة "نيومكسيكو" الأمريكية ممثلة في البروفيسور الأمريكي المصري "أحمد حسن"، ورئاسة الجامعة، في برنامج مازال قائما للآن، وعرّجَ القاسمُ على دوره في تأسيس الكراسي العلمية المموَّلة. إذن، سلة الدكتور العثمان مليئة بالاتفاقيات والأفكار والبرامج، ونرجو أن تكون بالكفاءة ذاتها في المتابعةِ والتطبيق.
 
وفي الختام، أقدم المواطنَ السعودي، الذي صمد أمام متغيراتٍ وعواصفَ كثيرة، أصابته في صميم وضعه الاقتصادي والحياتي، وصمد أمام تقلبات الخدمات العامة، ولكنه بقي متفائلاً واثقاً بتقدير الله أولا، ثم بثقتِه بأن ولاةِ أمره سيحرصون على إصلاح الحال، ولتمسكه بأن يبقى كريماً في وطنٍ كريم.
 
في أمان الله..