سنة النشر : 01/05/2009 الصحيفة : الاقتصادية
مازالت السوقُ غامضة، ومازال الناس قلقين، ومازالت الرمال متحركة، يحاول الصغار أن يتحركوا ثم يزدادون غرقا.. ومشكلة المساهمين الصغار خصوصا الذين يحتاجون المال الساعة هذه قبل الساعة المقبلة أن لا مخزون للصبر لديهم، فلا خيار لهم إلا التقلب على الجمر. وإني أعرف أن فتوى خرجت تحرم تجارة أسهم الشركات غير النقية، وجعلت الكثير من الناس يتفقدون خطاهم قبل الإقدام على مساهمة بعض البنوك وخلافه. وإني هنا أطالب أصحاب الفتوى، وعلماء الدين أن ينظروا في التصرفات غير النقية.. وفي ظني ـ وأرجو أن يوجهني شيوخي وعلمائي ـ أن التصرفات غير النقية هي أشد خطرا من الشركات غير النقية، فالشركات تراها بأم عينك قبل أن تقدم عليها، وبالتالي فإنه يمكنك الإحجام أو الخوض وهنا على رؤيتك الشخصية الحرة والمدركة، فإن كانت آزرا وخاطئا، فيجب عدلا وإنصافا أن تتحمل النتيجة. ولكن في مسألة التصرفات غير النقية، أي أن يعمد قلة من الناس في التصرف (تماما) بالسوق من حيث حبس السهم أو إطلاقه بقدراتهم المالية الكبيرة، أو من له قدرة على التسلل إلى المعلومة أو حتى صنعها، أو له حيلة للنهب من السوق.. فإني أراه الحرام عينه. لأن المساهم الصغير يعتقد أن اللعبة عادلة ومنصفة ومقروءة، ولا يعلم، ولن يعلم ما يدور في الظلام. إني أرجو من علمائنا النظر في ذلك، ولو صح أنه حرام فلي أمل أن يحجم الكبار الذين يقومون بالتصرفات غير النقية عن القيام بها، لجزمي أنهم يخافون الله، وأنهم كانوا يظنون أن ما يعملونه هو من مباحات التجارة. عذرا على إطالتي في هذا المقتطف، ولكن المسألة تتعلق بقوت الأسر، والأطفال، وبحياتهم وبحاضرهم وبمستقبلهم. أود أن يعلم من يقوم بالتصرف غير النقي أنه يرسل عائلات كاملة إلى الدمار.
* ويخرج أخيرا على الناس الأستاذ جماز السحيمي، وكان محاوره زميلنا المهذب "طلعت زكي حافظ" الذي أدار المواجهة بهدوء وثبات وأدب وتحرٍّ، ولو كانت هناك جائزة للمذيع الهادئ المهذب والراقي لأعطيتها له دون تردد. كان يجب أن نسمع ما يقوله السيد جماز السحيمي. وكنا، عدلا وإنصافا وحقا، نريده أن يفصح بلا ضغط من مذيع متسرع، أو متصيد، أو مقاطع، أو طالب بطولة. لقد تكلم جماز السحيمي بدون ضغط، وبلا تحيز من مذيع، وأتاح له طلعت زكي حافظ، بإيحاءاته المشجعة، الانطلاق والشرح، والتبرير، والتوضيح، وخطط الحاضر والمستقبل.. وقال الأستاذ ما يريد في بيئة مريحة أمام باب مريح وكان هذا من حقه.. والآن يمكن لكل من يريد أن يبني رأيا بحقٍّ وتمعنٍّ وإنصافٍ أن يفعل.. وهذا من حقه.
* وتكتب في جريدة اليوم القاصة والكاتبة "قماشة العليان" مقالا بعنوان: (ارفعوا رؤوسكم نحو السماء)، أشارت فيه حسب عباراتها:" إلى من يسعى من أدعياء التحرر بإخراج المرأة السعودية المسلمة من خدرها ودينها ومن قيم وعادات مجتمعها الأصيلة إلى قيود التحرر والانفلات والتردي في مهاوي الضياع" ولك أن تكون بمخيلة خصبة مثل الكاتبة لتتأمل في.. "مهاوي الضياع". ولكنها لا تقف فهي تواصل:" اعتادوا بين الفينة والفينة على إظهار نساء (لم نسمع بهن من قبل) على أنهن رمز للمرأة السعودية القائدة المستأسدة... وتظهر مقالات تؤيد هؤلاء وتظهر أن المرأة السعودية تؤيد الاختلاط ومزاحمة الرجال في كل مكان.. المرأة السعودية الأصيلة الحقيقية هي موجودة في كل البيوت أما وأختا وابنة، ولن يزحزحها عن الحق شيء، ولن يقلل من إيمانها نعيق غربان الشهوات". غربان الشهوات يا للوصف! وتصل الكاتبة إلى أن: " الحق واضح وضوح الشمس في كبد السماء، ولا يحتاج منا إلا نزع نظاراتنا المتسمرة على أحذيتنا ورفع رؤوسنا نحو السماء". أستاذة قماشة: ما أرحب السماء!
* الدكتور "محمد القنيبط" عضو مجلس شورى، وهذا جيد. والقنيبط يكتب بابا اسمه أكاديميات أسبوعيا بتواصل في مجلة اليمامة منذ 11 عاما في "اليمامة" كما خرج خبر من موقع العربية، وهذا جيد.. وأنه كتب مقالا لم يسمح له بنشرة في المجلة ولا في صحيفة سعودية.. وهذا غير جيد ليس له، ولكن لنا. هو نشر المقال في العربية نت، أو أنها قامت بنشره، وهذا جيد له .. وما زال ليس جيدا لنا. ويخبرنا "القنيبط" بواحدة من أجمل مقالاته التي كتبها ( من ناحية بلاغية على الأقل، لاعتمال العاطفة الذكية والنبيلة بها بمذاق بارع) وإني لن أعيد لك المقال وإذا أردته فستجده في الموقع، وسأقف مع صحافتنا مانعا مثل منعهم، لأني مثل من منعوا المقال، ارتجف من الأصوات القوية والصريحة. ومشكلة بالفعل مع الأصوات التي لا تريد إلا الحقيقة، وهي مزعجة فهي لا تقبل هدية، ولا رضاوة، ولا اتفاق في زقاق. لا يمنعهم شيء، والأغرب أن وجدان الرأي العام ذكي، ويتلمس بقوة أصحاب الرأي الصريح الخالي من المصلحة، أو الحقد، أو النفاق.. ويعاف ويمج المطبلين المتزلفين. لن أكتب ما قال ولن أستعير جملة واحدة، ولكني لا أستطيع منعكم من الدخول إلى موقع العربية نت والقراءة.. فمن أنا؟ ولكن أنقل كلمة واحدة فقط في صدر المقال.. وهي "طز!".. لماذا قال رجل أكاديمي مهذب "طز".. اسأل العربية!
* في الأيام الماضية رحل أحبابٌ إلى رحاب الله، ورحنا مع الرائحين المحبين نعزي أهاليهم وأحباءهم.. ونعزي أنفسنا، وفي خاطري قول الإمام الشافعي:
فما المعـزَّى بباقٍ بعد صاحبـِهِ ولا المـُعزِّي، وإنْ عاشا إلى حين
مع السلامة..